شاهدت وسمعت فيديو فى إحدى وسائل التواصل الاجتماعي، عن فوز زهران ممدانى بمنصب عمدة نيويورك، والمتحدث المفكر الاقتصادى العالمى الأمريكى جيفرى ساكس، اليهودى الديانة والأستاذ بجامعة كولومبيا بأمريكا، ولاعجابى بهذا الفيديو قمت بتحويله إلى نص كتابى وترجمته إلى اللغة العربية، وهو كالتالي: مرحباً سيداتى سادتي: زهران ممدانى ناشط سياسى ديمقراطى اشتراكى مسلم الديانة، فاز فى سباق انتخابات عمدة نيويورك، كيف سيكون رد فعل الرئيس ترامب لهذا الحدث. انتخاب زهران ممدانى عمدة لمدينة نيويورك يمثل تحولاً كبيراً فى المشهد السياسى الحضرى الأمريكى الحديث. فى عمر 34 عاماً فقط، صعد ممدانى من عضو فى البرلمان المحلى ليقود أكبر مدينة فى أمريكا، وهو دليل على تغير الأجيال وتحول الأيديولوجيات داخل الحزب الديمقراطى والمجتمع الأمريكى نحو اليسار. فوزه يعد انتقاداً للمؤسسات السياسية فى المدينة ورفضاً للسياسة التقليدية التى استمرت عدة عقود، وهو تعبير عن ارهاق وطنى ومعاناة اقتصادية أثرت فى ظروف معيشة المواطن، وكل هذه العوامل أوسع من النظام النيوليبرالى الذى هيمن على كلا الحزبين لفترة طويلة. فوز ممدانى يحمل رمزاً كبيراَ أيضاً، فهو أول مسلم، وأول من وُلد فى أفريقيا، ومن أصول هندية، يشغل منصب عمدة نيويورك. هو ابن مهاجرين من أوغندا نشأ فى كوينز، ويمثل فوزه الوجه الديموغرافى الجديد لأمريكا التى تتشكل بشكل متزايد من الهجرة والتعددية والطلب على العدالة الاجتماعية. لكن فوزه ليس فقط نتيجة اتخاذه كرمز؛ فقد استندت حملته الانتخابية إلى قضايا العدالة الاقتصادية، ورعاية الطفولة المجانية، ومحلات تجارية تديرها المدينة، والخدمات الشاملة، وهو ما جذب ملايين السكان من الطبقة العاملة الذين شعروا بالتهميش من قبل النخب. الفجوة الكبيرة فى الثروة فى نيويورك خلال العقد الماضي، وجعلت المدينة مكاناً للفقر وشح الموارد، جعلت من كلام ممدانى عن إعادة توزيع الفرص أمراً منطقياً بالنسبة للكثيرين.
ترامب وصف ممدانى بأنه تهديد اشتراكى راديكالي، وحول الانتخابات المحلية إلى مواجهة وطنية. التوتر قائم بين عمدة يمثل تطلعات المدينة المتنوعة وشاب يشكل تحديا للنظام التقليدي. رد فعل ترامب كان سريعاً وحاداً، حيث صور ممدانى كتمرد خطير على أسلوب الحياة الأمريكي، وهدد بقطع التمويل الفيدرالى عن نيويورك.
يُعتبر هذا الحدث اختباراً حاسماً للديمقراطية الأمريكية بين التعددية السياسية والمحافظة السلطوية، وصراعاً على مستقبل الحكم والهوية فى أكبر مدن البلاد.
أن ممدانى شخصية كاريزيمية، طمأن ناخبيه بأنهم سيكونون قادرين على تحمل تكاليف المعيشة، وأصبح عندهم اقتناع أن انتخابه كعمدة سوف يحسن أحوالهم المعيشية، ولذلك نجح بتأييد البسطاء. ولأصوله الهندية فقد تأثر ممدانى بالاقتصادى الهندى الشهير «أماراتيا سن»، الذى يرى أن النمو الاقتصادى يجب أن يخدم الإنسان ويحقق له الرفاهية وليس العكس. ويجب التركيز على الرعاية الصحية والتعليم والمساواة الاجتماعية، لذلك ساهم فى ظهور مؤشر التنمية البشرية، ووضع مقاييس تقيس معدلات الرفاهية والمساواة والفرص المتاحة. ولخص سن كل ذلك فى مقولة رائعة: «الانصاف بين البشر هو الصواب الأخلاقى والذكاء الاقتصادي». وهذا ما أكد عليه ممدانى لناخبيه، وفاز بمنصب عمدة نيويورك.









