ملامح مصرية أصيلة، طموح لا يهدأ، وعشق كبير للأطفال.. تلك أهم سمات محمد راتب، ابن محافظة أسيوط، الذي لفت الأنظار بمشاركته الدائمة في حفلات الأيتام ومرضى السرطان، يرسم البسمة ويخلق الضحكة في وجوه أنهكها التعب، ولقدرته الفريدة على إسعاد الآخرين لُقِّب بـ اراسم السعادةب.. محمد بسبب ظروف عائلية لم يعِش طفولته في وقتها، وتغيرت حياته عندما كان في الصف الثاني الإعدادي، حين أقامت مدرسته حفلًا تضمن أوبريت (الليلة الكبيرة)، فتعلقت عيناه بالعرائس وحركتها، وتسرب إلى غرفة المخزن ليراها عن قرب، لكن الباب أُغلق عليه بالخطأ، فبات ليلته وسط العرائس.. وكأن تلك الليلة رسمت طريقه للأبد.
منذ تلك اللحظة، بدأ محمد في تعلم صنع الماسكات والعرائس، رغم رفض والده الذي وصفها بـاالأصنام المتحركةب إلا أن شغفه كان أقوى من أي رفض، فاستمر في التعلم على يد عمرو حمزة، الذي علمَّه فن العرائس، من التصنيع والتحريك إلى التعامل مع الأطفال، وحين رأى والده إصراره على العمل، طرده من المنزل 5 سنوات، لكن انتصاره الحقيقي كان حين دعاه بعد ذلك لإقامة حفل في المدرسة التي كان يديرها، كاعتراف منه بنجاحه.
التحق محمد بكلية الآداب قسم المسرح بجامعة الإسكندرية، وواصل مشواره في إسعاد الأطفال، وأثناء خدمته العسكرية عام 2013، أقام عدة حفلات داخل وحدته، لاقت دعمًا وتشجيعًا كبيرين، ولأنه حُرِمَ من حنان الأب والأم، أخذ عهدًا على نفسه أن يكون سببًا في فرحة الأطفال والكبار دائمًا، فمبدأه دائما “فاقد الشيء يعطيه وبشدة”. حصل محمد على دورات متخصصة في التعامل مع الطفل وطرق توصيل المعلومة بطريقة مبسطة، وكان يعمل في مِهَنٍ مختلفة كالحدادة والنجارة ومحلات الملابس ليتمكن من شراء خامات العرائس التي يصنعها بنفسه، ومع الوقت قام بتأسيس فرقته الخاصة التي تضم عرائس متنوعة من ابتكاره.
بعد سنوات من الدراسة والخبرة، بدأ التعاون مع جمعيات وهيئات خيرية مختلفة، وقدم حفلات للأطفال الأيتام، وذوي الاحتياجات الخاصة، والصم والبكم، ومرضى السرطان، كما ابتكر فكرة “عرائس التنورة” وحين شارك في حفل بجامعة عين شمس للأيتام، أطلق الأطفال عليه لقب “راسم السعادة” .. اللقب الذي يعتبره أعظم جائزة نالها في حياته، فأطلق مبادرة اشارع السعادةب لنشر الفرح في الشوارع والقرى النائية، تضمنت المبادرة فقرات ترفيهية ومسابقات ورسم على الوجوه وتوزيع كتب وحلوى على الأطفال.
لاحقًا، انضم محمد إلى مبادرة “حياة كريمة” من خلال الهيئة العامة لقصور الثقافة، حيث أشرف على ورش تدريبية للأطفال بجانب عروضه الفنية، بمشاركة متطوعين في مجالات متعددة لتعليم الأطفال الرسم والصلصال والقراءة والكتابة بطرق مبسطة ومحببة، وخلال عامين فقط، نجح في الوصول بمعارضه وورشه إلى معظم محافظات الجمهورية.
اليوم، يتولى محمد إدارة الترفيه في إحدى مدن الملاهي بمحافظته أسيوط، حيث ينظم ورشًا فنية للأطفال ويستضيف الأيتام لإقامة حفلات خاصة لهم، كما شارك في فعاليات دعم أطفال غزة المصابين، ليؤكد أن رسالته الأسمى هي أن يظل دائمًا: راسمًا للسعادة









