منذ فجر التاريخ كانت مصر وستظل هى الدولة المحورية صاحبة تلك الحضارة العريقة الموغلة فى القدم والتى ما زالت تذهل العالم بأثارها وعلومها وموقها الجغرافى الفريد الذى جعلها على حد تعبير «د.جمال حمدان» فى مؤلفه الرائع «شخصية مصر» سيدة الحلول الوسطى».. لقد برز ذلك الدور بقوة فيما يتعلق بالوضع المأساوى فى «قطاع غزة» وتصديها للمخطط الإسرائيلى الذى يسعى إلى تذويب وإنهاء القضية الفلسطينية من خلال «اتفاق السلام» الذى تم توقيعه فى شرم الشيخ بحضور الرئيس الأمريكى «ترامب».. لقد تمسكت مصر «بحل الدولتين» الذى ترى جميع دول العالم أنه الطريق الوحيد لحل ذلك الصراع التاريخى المتجذر والذى بدونه لايمكن تحقيق الاستقرار فى الشرق الأوسط إذ يرجع إلى 1700 عام قبل الميلاد.. تلك الوجهة يؤمن بها العديد من القادة الإسرائيليين باستثناء «اليمين المتطرف» الذى تدفعه تلك الأفكار العنصرية المتشددة التى تقوم على تحويل بعض النصوص التوراتية إلى أهداف سياسية ثابتة لا يجوز الاقتراب منها لإنها اكتسبت قدسية النص التوراتى.. هذه الرؤية لم تعد لها صدى داخل العديد من الطوائف الإسرائيلية التى ترى أنها فكرة متطرفة لا وجود لها وأنه لايمكن حلها إلا «بحل الدولتين» الذى يعد المخرج الوحيد من ذلك الصراع الممتد.. من بين تلك المقالات التى تؤكد على ذلك مقال «جيمى ديتمر» بعنوان «خطة سلام غزة الخطوة الأولى فى طريق حل الدولتين» صرح قائلاً: إن «عامى إيلون» الذى يعد من حراس إسرائيل ورؤساء المخابرات الذين حملوا على عاتقهم مسئولية أمن إسرائيل منذ تأسيسها يرى أن الطريق الوحيد للسلام الدائم لابد وأن يتضمن «حل الدولتين».. ويؤكد «ديتمر» على أن «أيلون» كان يرى أن الثغرة تكمن فى الالتزام الواضح «بحل الدولتين» والايقان بأنه الطريق الوحيد للتوصل إلى تسوية من خلال التفاوض وقيام دولة فلسطينية.. فى مقال «أفراهام سبرجين» بعنوان دور مصر فى غزة وعلاقتها بإسرائيل صرح قائلاً: خلال تلك الحرب التى استمرت لمدة عامين فى «غزة» كانت مصر الوسيط الرئيسى بين إسرائيل وحماس مما ساعد فى التوصل إلى وقف إطلاق النار الدائم فى أكتوبر 2025 من خلال قمة شرم الشيخ.. ويؤكد «سبرجين» على دور مصر خلال القمة الطارئة التى استضافتها فى مارس 2025 والتى بموجبها وافقت جامعة الدول العربية على خطة الإعمار التى طرحتها بقيمة 53 مليار دولار لإعادة إعمار غزة على مدى السنوات الخمس القادمة.. ويرى «سبرجين» أن ذلك الدور الذى لعبته مصر كان نتيجة تلك مصداقيتها القيادية فى العالم العربى وما تتمتع به من قدرة استخباراتية ومعرفة وخبرة بالإضافة إلى ذاكرتها المؤسسية المتراكمة على مدى عقود طويلة من العمل فى «غزة « ومع جميع الأطراف التى لها صلة بالقضية.. وأختتم «سبرجين» مقاله قائلاً: لقد تمكنت مصر من تقديم ضمانات لكلا الجانبين فيما يتعلق بالحدود ووصول المساعدات الإنسانية ومن خلال التعاون الأمنى الذى يعمل على سد الفجوات بين كلا الجانبين.. ذلك هو الدور الذى لعبته مصر فى التوصل إلى ذلك «الاتفاق التاريخى» الذى كان بمثابة بصيص الضوء فى ذلك النفق المظلم لترسيخ سلام عادل قائم على حق الشعب الفلسطينى فى تقرير المصير.. لقد أكد «برنارد دوهايم» المقرر الخاص المعنى بتعزيز الحقيقة والعدالة «بالأمم المتحدة» على أن السلام طريق يجب الانخراط فيه ولا يمكن فرضه بل يجب أن يقوم على التزام واضخ بالعدالة والاعتراف بكرامة جميع المعنيين من خلال حوار شامل بمشاركة كاملة من الفلسطينيين.









