شهد مهرجان القاهرة السينمائى الدولى العرض العالمى الأول للفيلم الإسبانى A Son أو «ابن» والذى يعرض من خلال المسابقة الدولية.
الفيلم استطاع ان يجذب الأنظار منذ لحظة الدقائق الأولي لعرضه ليصبح واحدا من أبرز وأجمل أفلام الدورة الحالية وأكثرها تأثيرًا. وقد حظى الفيلم بإشادة واسعة من النقاد والصحفيين وجمهور المهرجان الذين تفاعلوا بعمق مع قصته وأداء أبطاله، مما جعله من الأعمال المرشحة بقوة لنيل إحدى الجوائز الكبرى هذا العام.
يقدم المخرج الإسبانى ناشو لا كاسا عملاً دراميا إنسانيا يحمل الكثير من الحساسية والعمق، مستندًا إلى رواية الكاتب الشهير أليخاندروبالوماس التى تحمل الاسم نفسه والتى حازت اهتماما عالميا وترجمت إلى لغات عديدة. ويُعد هذا الفيلم خطوة مميزة فى مسيرة لا كاسا الفنية، خاصة أنه كان معروفًا فى السابق بأعماله فى مجال الإنتاج والرسوم المتحركة، ليخوض هنا تجربته الدرامية الاولي بأسلوب بصرى دقيق يركز على التفاصيل الصغيرة وعلى المشاهد القريبة التى تكشف المشاعر الداخلية للشخصيات بوضوح شديد.
تدور أحداث الفيلم حول ماريا، الأخصائية النفسية المدرسية التى تجد نفسها فى مواجهة أول تحد مهنى حقيقى عندما تلاحظ السلوك غير المألوف لطفل فى الثامنة من عمره يدعى جيي. ورغم ظهوره بشكل طفل سعيد ومنسجم مع محيطه، تكشف ماريا أن هذه الصورة التى يرسمها دائما ليست سوى قناع يخفى خلفه مأساة نفسية عميقة يعيشها داخل أسرته. وتتحول رسوماته إلى الوسيلة الوحيدة التى تعبر عن مشاعره الدفينة، فتبدأ ماريا رحلة صعبة لمحاولة فهم تلك الرموز وإنقاذه من الصمت الذى يغلف طفولته.
يزداد التوتر حين يتدخل والد الطفل، الرجل القاسى والمنغلق، الذى يعقد مهمة ماريا ويضعها فى حيرة وخوف بين حدود واجبها المهنى وإحساسها الإنسانى المتعاطف تجاه الطفل. واستطاعت الاخصائية النفسية ان تقدم دورا بسلاسة رائعة فى محاولة لفهم مشكلة الطفل والتقرب منه ، بينما يقدم الطفل أداءً استثنائيا مؤثرًا يجعله محور العمل وروحه، ويضيف للفيلم بعدا عاطفيا قويا لامس قلوب المشاهدين وابكاهم.
ويتميز الفيلم بجمالياته البصرية التى تعتمد على الإضاءة الطبيعية والألوان الهادئة التى تعكس الحالة النفسية للشخصيات، إضافة إلى موسيقى رقيقة تسهم فى بناء الأجواء المشحونة بالتوتر الإنساني. ويتناول الفيلم موضوعات حساسة مثل الصدمات الطفولية والعنف الأسرى ودور المدرسة فى حماية الأطفال والعلاقة الدقيقة بين الطفل والأخصائى النفسي، ويقدمها بأسلوب واقعى بعيد عن المبالغة مما يقرب المشاهد من الشخصيات ويجعل التجربة مؤثرة وعميقة. ويوضح مدى أهمية المدرسة واهمية الأخصائى النفسى فى ملاحظة المشاكل والمخاوف لدى الاطفال فى سن مبكرة وتوجيه الأسر فى محاولة للحفظ على نفسية وسعادة الاطفال.
بفضل قصة الفيلم الإنسانية المؤثرة وإخراجه المتقن وتكامل عناصره الفنية، استطاع فيلم «ابن»، من أن يحجز مكانه بين أبرز أفلام المسابقة الرسمية فى مهرجان القاهرة السينمائى الدولي، وسط توقعات كبيرة بأن يكون من أهم الفائزين فى الدورة لمايحمله من قوة فنية ورسالة إنسانية عالية.








