الســــؤال الذى يدور فى ذهـــن المصريين: هل نجــح الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال الاثنى عشر عاماً الماضية فى تحقيق التنمية الصناعية الشاملة المستدامة بنفس مستوى نجاحه فى تحقيق التنمية الزراعية والمائية والعمرانية والسكانية؟.. الإجابة السريعة ربما توحى بأن نجاحه ليس بمستوى الإنجازات الأخرى.. ولكن بالدراسة وتحليل التحديات التى تواجه مصر منذ عام 2011 نرى أن فكر الرئيس عبدالفتاح السيسى وخططه اعتمدت على تهيئة العنصر البشرى المصرى والأجنبى للاستثمار الصناعى وتهيئة الدولة لاقتحام المجال الصناعى بكل قوة حيث اقتنع بأنه من الصعوبة تنفيذ برامج صناعية متطورة ودائمة بدون توافر البنية التحتية والأساسية اللازمة لإنجاح المنظومات الصناعية.. بعد أحداث يناير 2011 ظهر وجود خلل وإمكانيات ضعيفة جداً فى الطاقة الكهربائية والغاز ومشتقاته والطرق والكبارى والموانئ والمطارات ووسائل الاتصال الإلكترونى وعدم توافر قدرات التوثيق الإلكترونى وانخفاض فى مستوى العنصر البشرى المؤهل للعمل الصناعى الإنتاجى بالإضافة إلى عدم توافر الأمن الداخلى والخارجى.. العامل الرئيسى لضخ رءوس الأموال المصرية والأجنبية فى المجال الصناعى.. ولذلك بدأ الرئيس عبدالفتاح السيسى فى مواجهة تلك التحديات كلها.. والبدء بمحاربة الإرهاب الداخلى المدعوم من بعض الجهات الأجنبية المعادية لمصر واستقرارها وبالإصرار والعزيمة واستبسال رجال الشرطة والقوات المسلحة والشعب المصرى تم اقتلاع جذور الإرهاب بصورة متكاملة وبعد ذلك كانت جائحة كورونا عامى 2020، 2021 التى أعاقت التنمية الصناعية بصورة عامة على مستوى العالم وتلتها حرب روسيا وأوكرانيا ثم إسرائيل والفلسطينيين لمدة عامين مما أدى إلى استمرار عزوف المستثمرين الأجانب عن الاستثمار بمصر.
وبالرغم من تلك التحديات والمعوقات المتتابعة بدأ الرئيس عبدالفتاح السيسى الخطط المتتالية لتهيئة الدولة للاستثمار الصناعى وإزالة معوقات المستثمرين وبالفعل نجح فى تنفيذ أضخم شبكة طرق رئيسية وفرعية على المستويين العربى والإفريقى ومئات الكبارى والأنفاق لتسهيل عمليات نقل البضائع والخامات والمنتجات والبشر من موقع لآخر وعلى التوازى نجح فى حل مشكلة الطاقة الكهربائية وتحدى انخفاض قدرات محطات الكهرباء البخارية والسد العالى بالنسبة لإجمالى المطالب المحلية بما لا يقل عن 6 جيجاوات خلال عام 2014 والتى كانت من أهم معوقات الاستثمار الصناعى المحتاج لطاقات كهربائية دائمة ومستمرة.. وبالفعل تم منذ عام 2015 تنفيذ ثلاث خطط على التوازى شاملة رفع كفاءة المحطات البخارية وتشغيلها بصورة متكاملة.. مما أدى إلى زيادة إنتاجها السنوى بحوالى 5 جيجاوات بحلول عام 2017.. وتضمنت الخطة الثانية التعاقد مع شركة سيمنس الألمانية لتنفيذ وإنشاء ثلاث محطات بخارية مركبة حديثة بقدرات إجمالية 14.4 جيجاوات وتم اختيار مواقعها بذكاء فى البرلس بكفر الشيخ والعاصمة الإدارية وببا ببنى سويف وتضمنت الخطة الأخيرة تشجيع المستثمرين المصريين والأجانب على اقتحام مجال إنشاء محطات توليد الكهرباء المعتمدة على الطاقة الشمسية والرياح وإصدار قانون جديد بنهاية عام 2014 وبالفعل نجحت مصر فى هذا الاتجاه وتعددت المحطات فى ربوع مصر كلها ولم ينس الرئيس عبدالفتاح السيسى تطوير أداء محطات السد العالى والبدء فى تنفيذ أول مشروع للطاقة الكهربائية النووية مع روسيا بطاقة 4.8 جيجاوات والذى بدأ فى تشييده منذ عام 2018 للبدء فى عمليات الإنتاج اعتباراً من عام 2027 والحكمة فى اختيار الموقع بالضبعة التى أدت إلى اتجاه العالم كله نحو الاستثمار العمرانى والسياحى على طول الساحل الشمالى، وبدون إنشاء المحطة النووية كان من المستحيل تنفيذ هذه المشروعات وأدت حكمة وحنكة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى اقتحام الصعاب إلى تحقيق الاكتفاء الذاتى من الطاقة الكهربائية للصناعة والزراعة والاستخدام البشرى المباشر مع وصول الأمر إلى التصدير للدول الصديقة فى أفريقيا وآسيا وأوروبا.. ولتوفير الغاز والبترول ومشتقاته المطلوبة لمئات المصانع المصرية تم التركيز على استكشاف وإنتاج آبار جديدة للغاز والبترول خاصة فى البحار العميقة حتى وصل الأمر إلى مرحلة الاكتفاء الذاتى والتصدير.
واجه الرئيس عبدالفتاح السيسى تحديات أخرى تعوق إحداث الثورة الصناعية وتنميتها بصورة مستدامة شاملاً العنصر البشرى المؤهل علمياً وتكنولوجياً وفنياً للتعامل مع الأنواع المتعددة من الصناعات ويواجهه أيضاً تقادم خطوط الإنتاج بالعديد من شركات قطاع الأعمال وعدم صيانتها بالمستوى المطلوب خلال العقود السابقة مما أدى إلى انخفاض قدرات عشرات المصانع الإنتاجية محققة خسائر مالية عديدة مما أدى إلى اتخاذ قرارات متتالية لإيقاف عمل عشرات المصانع تجنباً لاستمرار مسيرة الخسائر.
ظهرت منذ نهاية عام 2022 بوادر المرحلة الأولى من التنمية الصناعية الشاملة متضمنة رفع كفاءة خطوط الإنتاج فى عشرات المصانع بقطاع الأعمال وتنفيذ مشروع قومى لرفع كفاءة مصانع الغزل والنسيج منذ عام 2022 فى المحلة الكبرى وكفر الدوار من خلال استيراد خطوط إنتاج جديدة ومتطورة وتدريب ورفع كفاءة العاملين بتلك المصانع بتكلفة 3.5 مليار دولار وعلى التوازى تم منذ عام 2023 تطوير مصانع الأسمدة بطلخا والسويس وأسوان.
والرائع ظهور بوادر التنمية الصناعية من خلال تهافت المصريين على شراء أراض صناعية والتنافس فيما بينهم للحصول على الأراضى المطلوبة بالإضافة إلى وجود زيادة مستمرة فى أعداد المستثمرين الأجانب من كوريا الجنوبية والصين وتركيا وروسيا والهند ومختلف دول العالم للاستثمار الصناعى داخل مصر.









