وهكذا تمر الأيام وتتوالى الليالى ونصل بفضل الله وبحمده إلى موسم الحج الذى يمثل الركن الخامس من الإسلام والذى يعد فرض عين على كل مسلم استطاع إليه سبيلا.
وزمان كنا قبل أن تهفو إلينا بشائر وقفة عرفات سرعان ما نجد أنفسنا مدفوعين دفعا من أجل اللحاق بيوم المشهد الأعظم وشاءت إرادة الله أننى منذ سنوات كنت أصل إلى عرفة قبل طلوع الشمس بساعات قليلة ثم أنضم بعدها إلى صفوف القادمين من كل فج عميق.
>>>
الآن الصورة اختلفت كثيرا فلم تعد الصحة قادرة على تنفيذ الشروط والواجبات التى يتطلبها أداء الشعائر فى توقيتات محددة.. نفس الحال بالنسبة للجانب المادى بعد أن تضاعفت تكاليف الحج عشرات المرات.
>>>
وبالنسبة لهذا العام فالملاحظ أن الدولة وفرت لمواطنيها فرصا متعددة لأداء الفريضة بحيث يختار كل شخص الوسيلة التى تتمشى مع قدراته الصحية والبدنية والمادية وواضح أن تجربة الأيام الأولى أو اليوم الأول أن ثمة اهتماما ورعاية لكل الفئات بدءا من الرحلة البرية وحتى بلوغ المستوى السياحى السابع كما يقولون.
وسبحان الله الذى فرض على حجاج بيت الله الحرام أن يكونوا متساوين فى حركاتهم وسكناتهم وفى قطعتى القماش اللتين يغطون بهما أعلى وأسفل أجسادهم واللتين يطلق عليهما ملابس الإحرام حيث أراد الله تذكير البشر بمساواتهم لبعضهم البعض فى الحياة الدنيا كما فى الآخرة.
ورغم ذلك نلحظ أحيانا اختلافا جذريا فى نوعية هذا القماش حيث يتفنن البعض فى اختيار الأغلى والأبهي.
وسيراً على هذا المنوال تتسع الهوة بين الحجاج الذين تنطق حناجرهم بنداء واحد ألا وهو «لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك.»
والهوة التى أعنيها تلك التى تفصل بين من يسمونهم حجاج البر وحجاج السبع نجوم كما أشرت آنفا.
ونحن لو نظرنا إلى الإحصائيات والبيانات الرسمية نجد أن حج البر يتكلف نحو 225 أو 226 ألف جنيه بينما الحج السياحى الفاخر يبدأ من مليون و400 ألف جنيه.
تصوروا إلى أى مدى تكون الفواصل بين فئتين من البشر إحداهما تمثل أناسا ربما ذاقوا الأمرين فى سبيل تدبير النفقات التى تشمل أجرة سيارات الأتوبيس حتى ميناء نويبع البحرى ومن هناك يستقل الحجاج إحدى العبارات إلى ميناء الضبعة بالأردن ثم ميناء جدة بالسعودية.
بكل المقاييس رحلة طويلة وقد تكون مرهقة بالنسبة لكبار السن أو السيدات أو المرضى لكن الشوق إلى الطواف بالبيت الحرام وزيارة مسجد الرسول الكريم كفيل بالقضاء على أية عقبات.
>>>
أما حجاج السبع نجوم فهم يجدون سعادتهم فى السفر بالطائرات إما بدرجة رجال الأعمال أو الدرجة السياحية ثم الإقامة فى فنادق فاخرة بكل من مكة والمدينة المنورة وأحيانا جدة لمن يرغب.
وهؤلاء الحجاج عملوا حسابهم على ألا تزيد مدة مناسكهم على أسبوع أو ثمانية أيام ليعودوا بعدها إلى ممارسة نشاطهم كرجال أعمال أثرياء أو دعاة دينيين تكلفهم شركات السياحة بالتواجد فى كافة المقار ومواقع أداء الشعائر.. وفى النهاية يخضع كل شيء للعنصر المادى وأعنى به الدولار الأمريكى أو الريال السعودي.. وفى جميع الأحوال الله سبحانه وتعالى هو الذى بيده الأمر وإليه المصير.