على الرغم من السعى الجاد نحو تبنى الأساليب العلمية المتعارف عليها فى إدارة القطاع الحكومى فى ظل التوجه الرئاسى نحو الدفع بمصرنا الغالية لتتبوأ مكانتها الطبيعية بين الأمم المتقدمة متسلحة بقيادة حكيمة وشعب واعٍ يستند إلى تاريخ قلما يوجد مثله بين كافة الأمم حديثها وقديمها، إلا أننا نجد أن هذا السعى الجاد يصطدم بمعوقات كثيرة قد تكون موروثة أو مستحدثة نتيجة عدم فهم طبيعة المرحلة التى تمر بها مصر متأثرة بما مرت به من أحداث داخلية منذ ثورتى 2011 و2013 وكذلك بما تمر به منطقتنا العربية والقارة الافريقية بل والعالم أجمع.
وأكاد أجزم أنه لا يختلف أثنان على أهمية التحول الرقمى وحتميته خلال الفترات القريبة القادمة كونه أصبح واقعاً لن تستطيع دولة أو منظمة تجاهله لما قد يترتب على تجاهل التحول الرقمى من نتائج سلبية قد تكون – من وجهة نظرى – كارثية إلى الدرجة التى قد تؤدى إلى انعزال المنظمة عن العالم المحيط بها والمتعامل معها.. من هنا تأتى أهمية تبنى فكر الإدارة الاستراتيجية وتطبيقه على أرض الواقع بما يحقق اختيار الاستراتيجيات التى تحقق أكبر قدر من التوافق بين الدولة بما لها من نقاط قوة ونقاط ضعف وبين البيئة الخارجية بما تحمله من فرص وتهديدات.
والإدارة الاستراتيجية لها ركيزتان هما تحليل البيئة الداخلية للتعرف على نقاط القوة ومواطن الضعف وتحليل البيئة الخارجية لتحديد الفرص والتهديدات. ونظراً لأن المقام لا يتسع لعرض تفاصيل كثيرة فقد تم التركيز فى هذا المقال على واحدة من أهم الفرص المتاحة أمام القطاع الحكومى فى مصر ألا وهى الرقمنة. فالتحول نحو الرقمنة أصبح الاتجاه السائد ليس فقط محلياً ولكن عالمياً، حيث تقدم التكنولوجيا والرقمنة فرصاً لتحسين الكفاءة وتقليل الاعتماد على العنصر البشرى فى العمليات الحكومية. فعلى سبيل المثال، يمكن استخدام الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعى لتبسيط الإجراءات الإدارية ودعم قدرة الموظف الحكومى على أداء عمله بكفاءة أعلي. ومن ثم كان لزاماً على القطاع الحكومى فى مصر تبنى الاستراتيجيات الأكثر ملاءمة لتحقيق الاستفادة من التحول نحو الرقمنة من خلال استغلال العديد من نقاط القوة فى القطاع الحكومى. ومن أهم نقاط القوة فى القطاع الحكومى توافر الخبرات البشرية التى تجمع بين الخبرة المتراكمة على مدار سنوات عمل طويلة وبين أجيال من الشباب تمثل التكنولوجيا جزءاً لا يتجزأ من حياته اليومية.. وسوف نركز هنا على بعض أهم المعوقات التى تواجه تحول القطاع الحكومى نحو الرقمنة ثم نعرض بعض المقترحات للتعامل مع هذه المعوقات.
وتتمثل أهم المعوقات فى البيروقراطية وزيادة عدد الموظفين فى بعض الإدارات فى حين تحتاج إدارات أخرى إلى موظفين لدعم عملياتها المختلفة، فضلاً عن مقاومة التغيير من شريحة كبيرة من المسئولين قبل الموظفين وسوء إدارة الموارد المتاحة وعدم تبنى فكر التخطيط – خاصة الاستراتيجى – فى إدارة القطاع الحكومى وغياب مبدأ المسئولية والمساءلة..فى ضوء ما سبق نعتقد أن القطاع الحكومى فى حاجة ماسة لتبنى المقترحات التالية فى مسيرة التحول الرقمى بكفاءة:
1 – الاستفادة من بعض الدول التى حققت طفرات فى التعامل مع التحول نحو الرقمنة.
2 – الاهتمام بعملية التخطيط – خاصة الاستراتيجى – لما تحققه من دعم قدرة القطاع الحكومى على التعامل مع البيئة الخارجية وتعظيم الاستفادة من فرصها وتجنب الآثار السلبية لتهديداتها.
3 – نشر الوعى بين موظفى القطاع الحكومى – حول أهمية التحول الرقمى وفائدته ومن ثم دعم التحول نحو الرقمنة.
4 – تبنى أساليب الحوكمة لإدارة موارد القطاع الحكومى بكفاءة ولتحقيق الشفافية.
5 – تطبيق مبدأ المسئولية والمساءلة بشكل عادل على جميع العاملين فى القطاع الحكومي.