شارون: بنيامين شخص ضعيف.. ضائع فى مواجهة الأزمات
إسرائيل تحوَّلت لمجرد مستوطنة كبرى معزولة ومكروهة فى العالم
هزيمة أمريكا فى الصراع العالمى .. أكبر كابوس يهدد وجود دولة الاحتلال
.. ماذا يحدث فى إسرائيل من الداخل؟!
.. وما هو سيناريو النهاية لحرب الإبادة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة؟!
.. وهل تتصاعد المعارك بين إسرائيل وحزب الله اللبنانى وتتحول إلى حرب واسعة؟!
.. وبقدر ما تتعدد الأسئلة.. تنعدم الإجابات.
.. تتصاعد الصراعات الداخلية فى إسرائيل حالياً.. وأصبح رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فى قفص الاتهام.. باعتباره المسئول الأول عن الهزيمة التى تعرضت لها إسرائيل خلال عملية حماس يوم ٧ أكتوبر الماضي.
ويقول الإسرائيلى «بن كاسبت».. إن كل مواطن فى إسرائيل الآن يستيقظ فزعاً من النوم ليلاً.. لأن إسرائيل تجثو الآن على ركبتيها بعدصص الهزيمة والصدمة التى تعرضت لها بقوة خلال هجوم حماس.
.لأول مرة منذ قيام إسرائيل فى 1948.. ينجح «رجال المقاومة» فى احتلال قواعد عسكرية تابعة لجيش الدفاع الإسرائيلي.. واقتحام المدن والمستوطنات فى الجنوب.. ونشر الدمار والقتل وإراقة الدماء فى كل مكان.
.. وامتدت أعراض الهزيمة إلى الشمال.. حيث اضطرت حكومة نتنياهو لإخلاء مناطق شمال إسرائيل بالكامل من السكان بسبب تصاعد المعارك اليومية مع حزب الله اللبناني.
.. وأصبح واضحاً أن الدمار الذى تعرضت له إسرائيل فى فترة قصيرة جداً.. أمر لم يسبق له مثيل.. وإسرائيل دولة بطبيعتها صغيرة المساحة وليس لديها عمق استراتيجى داخل أراضيها.. وقد تمكنت حركة حماس من اقتحام كل خطوط إسرائيل الدفاعية فى مستوطنات غلاف غزة خلال ساعات.. وانتهى الهجوم ومازالت إسرائيل تعيش فى أحضان الهزيمة.. وفى أحضان العجز عن تجاوز صدمة الهزيمة.. ومع ذلك مازال بنيامين نتنياهو فى قمة السلطة فى إسرائيل.. يرفض الاعتراف بمسئوليته عن الهزيمة.. ويتمسك بالبقاء فى قمة السلطة.. تحت الدعاوى الزائفة لتحقيق النصر العسكرى الكامل على حركة حماس فى غزة.
.. اليوم يتذكر الإسرائيليون إسحاق شامير رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق حين تحدث ذات مرة عن «ملاك الدمار».. وقد أصبح بنيامين نتنياهو.. حقاً هو «شيطان الدمار» فى إسرائيل.
وتؤكد جيروزاليم بوست الإسرائيلية.. أن الدمار الذى ألحقه بنيامين نتنياهو فى كل مناطق إسرائيل.. يبدو أكبر وأوسع بما يتصوره عقل.
الدمار.. ليس فقط فى المدن والمستوطنات والبيوت والمنازل والسيارات والمركبات.. بل الدمار فى القتلى والجرحى الذين يتساقطون يومياً.. والدمار فى الرهائن من أبناء الشعب الإسرائيلي.
والأسوأ من كل ذلك.. هو الدمار الذى حدث فى النسيج الاجتماعى للشعب الإسرائيلي.. وامتد الدمار إلى صورة إسرائيل فى عيون العالم.. بعد أن تعرضت للاتهام بجرائم الحرب والإبادة.
مجرد مستوطنة كبري
.. وفى النهاية وجدنا إسرائيل تعانى أسوأ أنواع الانقسام السياسى فى تاريخها.. وامتد الدمار حتى إلى الاقتصاد الإسرائيلي.
.. وتحولت إسرائيل إلى مجرد مستوطنة كبرى معزولة.. تعانى عزلة شديدة القسوة فى هذا العالم الواسع.
.. وتتلاشى قدرات إسرائيل التكنولوجية.. ويلحق بها الدمار.
.. وأخيراً.. تعرضت قدرة إسرائيل على الردع العسكرى للدمار.. وكان ذلك واضحاً بشدة خلال الهجوم العسكرى الإيرانى المباشر على إسرائيل بالصواريخ والطائرات المسيرة.
.. ويبقى نتنياهو.. هو المسئول الأعلى فى إسرائيل ورئيس الوزراء..
.. وهو المسئول عن كل الكوارث الكبرى والهزائم المريرة التى تعرضت لها إسرائيل.. ومع ذلك مازال نتنياهو يرفض الاعتراف بالمسئولية.. ويرفض الاستقالة.. ويريد مواصلة الحرب فى قطاع غزة.. حتى يحقق النصر التام على حركة حماس هناك.. رغم أن هذا النصر المزعوم.. يبقى مستحيلاً ولن يتحقق مطلقاً.
لا تحقيقات ولا دروس
ويرفض نتنياهو إجراء أى تحقيقات فيما حدث ويحدث.. لا يريد استخلاص الدروس والنتائج.. ولا يريد وضع خطط جديدة لإعادة بناء الجيش الإسرائيلي.
.. ويبدو أن كل ما يريده نتنياهو أن يبقى فى قمة السلطة.. ليس مجرد رئيس الوزراء.. بل سوبر رئيس وزراء.. وكأنه يتمسك بالحياة حتى الرمق الأخير.. ولم يعد يهمه أن إسرائيل تعانى أسوأ تداعيات الهزيمة والانكسار.. بل والانهيار.
المشروع الصهيونى الإسرائيلي.. أصبح معرضاً للانهيار والفشل فى أى لحظة.. والتاريخ.. هو الذى سوف يحكم على نتنياهو ورفاقه من مجموعة غلاة المتطرفين الصهاينة فى النهاية.
الشعار الزائف
.. كل شيء عند نتنياهو.. يبدأ وينتهى بـ «النصر الكامل».. الشعار الزائف الذى يردده نتنياهو فى كل لحظة.. وفى كل مكان.. ويلهث نتنياهو وراء أوهام «النصر الكامل».. الذى لن يتحقق أبداً.
.. ويرى الأغلبية الساحقة من الشعب الإسرائيلى حالياً أن نتنياهو هو أسوأ رئيس للوزراء على مدى 75 عاماً هى عمر دولة نتنياهو.
.. وأصبح هو الرجل الذى ينشر الخوف والفزع فى القلوب والعقول بين مواطنى إسرائيل.. لأنه أكبر رئيس للوزراء تعرضت إسرائيل للهزيمة على يديه.
.. وقد اكتشف أريل شارون رئيس وزراء إسرائيل الأسبق حقيقة شخصية نتنياهو.. التى تخفى وراء بريق الكاريزما الزائفة.. أعمق عناصر الضعف الإنساني.. وكان شارون يقول دائماً أمام قادة حزب الليكود.. إن نتنياهو شخصية دائمة التوتر.. وفى أى موقف نجده تحت الضغط.. يفقد أعصابه ويتحول إلى شخص مفزوع.. يشعر بالخوف من المجهول؟! ولأن المجرمين يعرفون بعضهم جيداً. فقد قال شارون هذه هى حقيقة نتنياهو كما رأيته وعرفته.. ليس مرة واحدة.. لكن مرات عديدة.
ليست من صفات نتنياهو
.. من هنا تؤكد صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية أن إدارة شئون إسرائيل فى زمن الحرب والأزمات الكبري.. تتطلب شخصاً يمتلك القدرة على الحكم السليم وحسن تقدير الموقف.. وإصدار الأحكام الدقيقة والسليمة بعقل ثابت تماماً وبأعصاب من الفولاذ.. ونتنياهو يبدو صفراً فى كل هذه المجالات.. واكتشف الإسرائيليون عملياً أن نتنياهو يشعر بالخوف والفزع ويتصبب عرقاً أمام الأزمات.. ودائماً يسارع بالذهاب إلى واشنطن.. بحثاً عن حل وطوق للنجاة.. وينتهى الأمر باستسلام نتنياهو لانعدام قدرته على اتخاذ القرار.. وهى ظاهرة لا نهاية لها لدى نتنياهو.. وأيضاً لا علاج لها عند الأطباء!!
نتنياهو لا يجيد سوى فن المناورات السياسية فى مواجهة منافسيه على السلطة.. مثل الجنرال بينى جانتس ويائير لابيد زعيم المعارضة.. إنه يعرف كيف يخدعهم.
إسرائيل تدفع الثمن
.. ولا يبقى سوى الحقيقة الواقعة على الأرض.. وهى أن نتنياهو لا يملك الشجاعة الكافية للاعتراف بالحقيقة المريرة أمام الشعب الإسرائيلي.. حقيقة الهزائم والكوارث التى تعرضت لها إسرائيل.. ولذلك سيرى كثير من الإسرائيليين أن نتنياهو قد نام طويلاً.. وترك حسن نصر الله يقيم ويبنى ميليشيات حزب الله ويجعل منها جيشاً قوياً يقف ضد إسرائيل ويخشى جيش الدفاع الإسرائيلى التورط حالياً فى حرب واسعة مع ميليشيات حزب الله.. ونتنياهو أيضاً هو المسئول عن تصاعد قوة حركة ميليشيات حماس فى غزة.
دائماً.. إسرائيل هى التى تدفع الثمن.. من أمنها ووجودها. المخاطر الكبرى تحاصر إسرائيل من كل اتجاه.. ولا يوجد سوى باب واحد للأمل فى تل أبيب.. هو باب اختفاء نتنياهو!!
.. ويخطط نتنياهو لإقامة حكومة عسكرية إسرائيلية فى غزة.. بعد انتهاء الحرب.. والحكومة العسكرية تعنى إنفاق المليارات من الدولارات.. وحشد دائم لعشرات الآلاف من الجنود فى غزة.. وهو ما يعنى استمرار الحرب بلا نهاية.. واستمرار تساقط جنود إسرائيل قتلى وجرحي.. ماذا يريد نتنياهو.. وأين هو حلم «النصر الكامل» الذى يتحدث عنه.
حقائق مريرة
.. هذه هى حقائق الأوضاع فى إسرائيل من الداخل.. فى هذا التوقيت كما تتحدث عنه الصحف الإسرائيلية فى تل أبيب.. وهذا هو ما تتحدث عنه هاآرتس ويدعوت أحرونوت ومعاريف. الوجه الخفى لإسرائيل دولة التوسع والاستيطان والتمييز العنصري.. أصبح مفضوحاً أمام العالم.. خصوصاً أمام الشباب الأمريكى والأوروبي.
وتبقى الحقائق كما هي.. إسرائيل تشعر بالهزيمة بعد هجوم حماس فى ٧ أكتوبر 2023.. وتشعر بالخوف من مخاطر التورط فى حرب واسعة مع ميليشيات حزب الله اللبنانية فى الشمال.. وتتحسب للفزع القادم حين تتمكن إيران من إجراء أول تجربة على قنبلة نووية.. وهو أمر حتمى كما تقول الصحف.. الإسرائيلية.
.. ويبدو أن هذه هى سلسلة المخاوف الصغرى فى إسرائيل.. لكن الخوف الأعظم الذى يأكل العقل والقلب الإسرائيلي.. هو الخوف من تراجع الولايات المتحدة التاريخي.. وانحسار قدرتها على فرض الهيمنة الكونية فوق كوكب الأرض.. فى مواجهة روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران.
إسرائيل تشعر بالفزع العميق والخوف الذى لا حدود له.. من مجئ يوم.. يختفى فيه الدعم المالى والعسكرى الأمريكى لإسرائيل.. لأن ذلك يعنى شيئاً واحداً.. هو نهاية المشروع الصهيونى الإسرائيلى فى فلسطين.
خطر التراجع الأمريكي
.. اليوم تتحدث الصحف الأمريكية والأوروبية بوضوح عن التراجع الواضح فى قوة أمريكا.. حول العالم.. خصوصاً مع صعود الصين كقوة عالمية.
.. ويتعرض الرئيس الأمريكى جو بايدن للاتهام حالياً بأنه يقف وراء تقويض قوة أمريكا.. باعتبارها القوة الأعظم الوحيدة فى العالم.
.. يؤكد الخبراء حالياً أن صعود الرئيس الأمريكى الأسبق باراك أوباما لقمة السلطة فى البيت الأبيض فى 2009 كان فى الواقع هو بداية النهاية لأمريكا.. باعتبارها القوة الأعظم فى العالم.
.. فقد شعرت إيران بالانكسار الاستراتيجى حين قامت الجيوش الأمريكية باحتلال العراق فى 2003.. وقررت تعليق برنامجها النووى لصنع الأسلحة النووية.
وحين قرر أوباما الانسحاب من العراق فى 2011.. حدث ما لم يتوقعه أحد.. وحدثت الكارثة الأعظم حين وقع أوباما الاتفاق النووى مع إيران فى 2015.
إيران.. تحاصر إسرائيل
حين تولى الرئيس جو بايدن السلطة.. اتخذ قراره بالانسحاب المهين من أفغانستان.. وفتح الأبواب واسعة أمام إيران كما تحاصر إسرائيل بحلقة من النيران المشتعلة من جميع الاتجاهات من غزة إلى حزب الله فى لبنان وحتى اليمن.. وأخيراً فى إيران ذاتها.
.. وتصورت إسرائيل بعد عملية حماس فى ٧ أكتوبر أن أمريكا قد استعادت الوعى الاستراتيجي.. واستيقظت.. خصوصاً بعد زيارة بايدن لإسرائيل بعد هجوم حماس.
.. وسرعان ما اتضح أن عودة الوعى الاستراتيجى حسب النصر ـ الإسرائيلى فى واشنطن.. مجرد حالة عابرة.. غير قابلة للاستمرار.
فقد قام بايدن باتهام إسرائيل بانعدام المسئولية فى إدارة الحرب على غزة ويحذر من تداعيات سقوط عشرات الآلاف من القتلى والجرحى فى غزة.. ويحذر أيضاً من مخاطر المجاعة وانعدام مواد الإغاثة فى غزة.
وأخيراً.. أصدر بايدن قراره بحظر الأسلحة الهجومية على إسرائيل بهدف منعها من اقتحام مدينة رفح الفلسطينية، حتى وإن كان قراراً على الورق لكنه قرار كان له تأثيره على إسرائيل.
مخاطر هزيمة أمريكا
.. وتبدو المخاطر الكبرى فى مستقبل العالم قادمة.. لا محالة.. والصورة واضحة فى النهاية الوشيكة للحرب فى أوكرانيا.. والادعاءات بقيام الصين بغزو تايوان.
ويشعر غلاة التطرف الصهيونى فى إسرائيل أن حرب الإبادة الإسرائيلية فى غزة ليست حرباً محلية بين إسرائيل والشعب الفلسطيني.. بل يرون فى هذه الحرب نوعاً من الصراع العالمى الذى يريد الإطاحة بالحضارة الغربية.
يقول المتطرفون الإسرائيليون إن إضعاف إسرائيل يعنى إضعاف أمريكا.. وهذا هو الهدف النهائي.. ويطالبون صانع القرار الأمريكى بضرورة أن تفعل أمريكا كل ما هو ممكن لضمان أن إسرائيل سوف تنتصر فى النهاية وتسود فى الشرق الأوسط.. لأن هزيمة إسرائيل فى نظرهم تعنى نهاية الحضارة الغربية.. ويقولون فى تل أبيب إنه يبدو أنه قد فات الأوان.. وحتى لو فاز دونالد ترامب بالرئاسة الأمريكية.. فلن يتمكن من إصلاح ما حدث من أضرار واسعة.. وما لحق بقوة أمريكا وقدرتها على الهيمنة العالمية.. إسرائيل تشعر بالفزع من مخاطر هزيمة أمريكا فى الصراع العالمى مع روسيا والصين.