العمل الوطنى ينجح فى استقطاب الصغار والكبار.. وجميع المستويات الاجتماعية
بالرغم من اقتراب ماراثون العيد السينمائى القادم إلا أن فيلم السرب مستمر فى المنافسة على كعكعة الإيرادات بعد أن اقتربت إيراداته من الـ ٠١ ملايين جنيه وهذا الرقم يعد كبيرا جدا خاصة أنه يعرض ضمن دور العرض التابعة لوزارة الثقافة فى 15 محافظة وسعر التذكرة ٠٤ جنيها وهو سعر لا يقارن بدور العرض والتى تتضاعف فيها ثمن التذكرة لأكثر من ضعف فالهدف ليس الربح بقدر توسيع القاعدة من خلال نشر أعمال سينمائية جديدة تجسد بطولات الجيش المصرى وتلك النوعية من الأعمال كان هدفا من قبل بعيد المنال وكان مطلبا من النقاد بدخول الدولة كطرف أصيل فى توثيق البطولات والتى كان لا يمكن أن تتم إلا بتلك الخطوة وبالرغم من أن الهدف هو ليس تحقيق الربح بقدر أن تصل الملاحم البطولية إلى الفئات المحرومة من العرض السينمائى إلا أن العروض حققت أرباحا ومازالت تنافس فى الموسم الصيفى وقادرة على منافسة أفلام العيد القادمة.
ما زالت هناك مطالب باستمرار عرض الافلام الوطنية ولما لا وهى تحقق نجاحا كبيرا وحظيت بإقبال كبير من الجمهور بعد أن أصبحت أعمالا للأسرة بكامل أطيافها من الصغار والكبار وفرصة لأن يشاهدها جميع المستويات الاجتماعية.
ترصد السينما الوطنية واقعاً حقيقياً التاريخ عاشه معظمنا لذلك فهى تجسيد حى لواقع معاش، خاصة إذا كانت هذه الأفلام تعبر عن مدى تطابقها مع وقائع التاريخ الحقيقى كما حدث مؤخراً مع فيلم «السرب» لأحمد السقا وشريف منير ونيللى كريم ومصطفى فهمى ، ولذلك يعتبر فيلم «السرب» من الأفلام التى استطاعت أن تجذب الكثير من فئات المجتمع، فهو فيلم وطنى يتناول وقائع حقيقية وعمل الجهات الأمنية المصرية ضد المنظمات والكيانات الإرهابية، حيث يركز الفيلم على واقعة مقتل 21 مصريًا فى ليبيا وقيام الجيش بعمليات للتصدى لتلك الجماعات الإرهابية. وقد استطاع فيلم «السرب» أن ينافس بقوة خلال الموسم السينمائى الجاري، وتصدر شباك التذاكر طيلة أيام عرضه، ليحقق على مدار أسابيع ، منذ نزوله دور العرض، إيرادات بلغت نحو 60 مليون جنيه، فى توقيت عرض «ميت»، كما يرى البعض، وذلك تزامنًا مع الأجواء الدراسية لامتحانات نهاية العام، فى موسم معروف بضعف إيراداته.. فكيف استطاع الفيلم العسكرى «السرب» أن يحقق الصدارة ويعتلى المشهد السينمائي؟ وهل أعاد للفيلم الحربى هيبته على عكس الاعتقاد السائد بتغلب الألوان السينمائية الأخري؟ أسئلة كثيرة نحاول الإجابة عنها فى هذا التقرير.
بدأت كواليس صناعة «السرب» قبل 4 سنوات، وحصل على وقت ومجهود ضخم منذ بداية العمل عليه، بداية من جمع المعلومات حول قصة الثأر للمصريين الذين استشهدوا على يد تنظيم «داعش» الإرهابية فى ليبيا الشقيقة، وقد ساعدت القوات المسلحة المصرية فى إمداد صناع العمل بكل المعلومات المطلوبة، بداية من التخطيط للعملية، وحتى نجاح نسور الجو فى القضاء على بؤر الإرهاب، تلك التسهيلات التى كان من بينها الوقوف على أدق التفاصيل الحقيقية، وكذلك التفاصيل الأدائية التى سهلت عمل المشاركين فيه، بعد جلسات عمل جمعت الأبطال الحقيقيين للعملية ونجوم العمل، ليتعرف الممثلون عن قرب بهؤلاء الأبطال، وكى يقفوا على طرائق عملهم، وعلى أدق التفاصيل فيه، كأسلوب وطريقة الكلام، وتلقى الأوامر، والمشاعر التى عاشوها، من حزن تحول إلى فخر وعزة وكرامة.
إن كتابة الفيلم لم يكن عملا سهلًا، إذ تمت إعادة كتابة وتعديل السيناريو قبل نحو 4 أعوام، تغيرت فيه العديد من المشاهد، وحصل تصوير بعضها على وقت يكفى لتصوير فيلم كامل، أما الإخراج فكانت مهمته أصعب من حيث القدرة على تقديم مشاهد الأكشن الحربية، واستخدام المعدات الحربية والأسلحة، حتى تظهر الصورة النهائية، لتحاكى أفضل الأعمال السينمائية فى هذا الشأن.
وفى هذا الصدد كان اللافت هو انجذاب الفئات العمرية الصغيرة كالشباب والمراهقين لهذه النوعية من الأفلام، التى تعزز من الوطنية والانتماء للبلد. هذا فضلا عما يمثله فيلم «السرب» من طرق لأحد الأبواب المثيرة التى تتعلق بعمل مخابراتى صرف، إذ أسهمت الدراما المصرية من قبل فى معالجة بعض القصص المرتبطة بدور الأجهزة السيادية فى الحرب الخفية تديرها دول معادية وجماعات متفرقة في مصر، ونجحت فى تقديمها بصورة بارعة، ما جعل دخول السينما إلى هذا المعترك نقلة سينمائية مهمة، حيث أن الأعمال الوطنية تلعب دورًا حاسمًا فى تعزيز الانتماء للبلاد، مثل المحافظة على صيانة و نظافة الطرقات والأماكن والمرافق العامة، والالتزام بالقوانين والضوابط السلوكية والقيم والأخلاق.
كما أن هذه الأفلام تعكس الهوية الوطنية المصرية المخلصة، فهذه النوعية من الأفلام تستند إلى قيم وتقاليد الثقافة المصرية المحلية. من خلال قصصها وشخصياتها، وتعكس الهوية الوطنية المصرية وتعزز الفهم العميق للتاريخ والتراث المصرى ، وتوثق الأحداث التاريخية، حيث تروى قصصًا عن أحداث تاريخية وطنية حقيقية ومهمة من خلال تصوير هذه اللحظات، حيث يتعرف الجمهور على تجارب الأجيال السابقة ويشعر بالانتماء للتراث والتاريخ والبلد.
وبلاشك ان فيلم «السرب» قد أعاد الهيبة للفيلم الوطنى المصري، لعدة أسباب بعضها فنى يخص العمل نفسه، بداية من السيناريو الذى قدم ملحمة حقيقية تضافرت فيها الشخصيات، وقدم المؤلف صورة غير نمطية خاصة للأشخاص الموجودين على الجانب الآخر، وهم فصيل الدواعش الإرهابى وأفكارهم، وطريقة تعاملهم، وغير ذلك، كما قدم النماذج المشرفة لابطال العسكرية المصرية عن قرب.
وقد لمس السيناريو الحياة الحقيقية للأبطال المصريين، كما لمس مشاعرهم أو الجانب الإنساني، والذى لم يكن مفقودًا خلال الأحداث العسكرية، أما الأبطال فكانوا فى أفضل حالاتهم، فقدموا أداء تمثيليًا راقيًا، وحتى ضيوف الشرف وأصحاب المشاهد القليلة تعاملوا مع تلك المشاهد بتركيز؛ لإبراز كل تفاصيل دورهم ومشاهدهم، وللحق فالعمل يجمع نجوم الصف الأول، وكل فرد منهم يستطيع النجاح بفيلم سينمائى بمفرده، إذا توافرت له القصة الجيدة، وبالطبع لا أٌقصد النجوم السوبر ستار فقط، ولكن معظمهم تقريبًا له جماهيرية وكاريزما جاذبة للجمهور، وهو ما يُحسب لجهة الإنتاج الوطنية ، وكذلك المخرج العبقرى الذى جمع كل هؤلاء، وجعلهم يقدمون أفضل ما لديهم، كما يُحسب للمخرج قدرته على تنفيذ المشاهد الصعبة، والظهور بصورة سينمائية رائعة على مستوى الفيلم الحربى المصرى .