بكل تأكيد.. مصر ليست فى حاجة الى شهادة من أحد.. فمصر دائما وأبدا تتحدث عن نفسها بتاريخها وعراقتها وحضارتها ورصيد شعبها من الود والاحترام لجميع شعوب الأرض المحبة للسلام، والتى تتمتع بأفق واسع، ورصيد من التقدير والاحترام للآخرين.
كل الأحداث التى عاشها عالمنا العربى خلال عقود مضت تؤكد وتبرهن على أن مصر كانت وستظل القلب النابض للعرب والملاذ الآمن لهم يلجأون إليها فى كل الأوقات وفى كل الأزمات ويجدون كرما وحفاوة من القيادة والشعب المصرى لا يجدونها فى مكان آخر على وجه الأرض.
كل حقائق التاريخ تؤكد أن مصر الحضن الدافئ للعرب، ترحب بهم دائما على أرضها ليعيشوا بين شعبها معززين مكرمين، سواء أكانوا طلاب علم أو سائحين، أو مرضى يستهدفون العلاج بأسعار زهيدة لا يجدونها فى أى مكان آخر من العالم .. أو حتى لاجئين ضاقت بهم أوطانهم بسبب حروب أو أزمات فترحب بهم مصر ليعيشوا بين شعبها بالملايين حتى ولو كانوا يشكلون ضغطا كبيرا على مواردها الاقتصادية فالكل يتحملهم ويتعامل معهم برقى ومشاعر طيبة حتى يعودوا إلى بلادهم.. ولذلك ليس غريبا أن تسير فى شوارع القاهرة والاسكندرية وغيرهما من المدن الكبرى لتجد خليطا من العرب، ولم تمنعهم مصر من ممارسة أى نشاط تجارى مشروع ولذلك كثير من السوريين والسودانيين الذين جاءوا إلى مصر لاجئين وعملوا واستثمروا وتكسبوا وكونوا ثروات فضًّلوا البقاء فى مصر ولم يعودوا إلى بلادهم.
وكل ما تحققه مصر من استقرار وتحضر هو مكسب كبير لكل العرب ولذلك تجد كثيرا من المواطنين العرب يشترون مساكن لهم فى مصر لأنهم يشعرون فيها بالأمن والأمان ويستمتعون بخيراتها بأقل الأسعار .
نعم.. نحن نفتخر بمصر حتى ولو كنا نعانى فيها من بعض الضغوط الاقتصادية وكل الذين جربوا العيش خارجها حتى من العناصر الشاردة يسعون للعودة إلى مصر بكل الطرق.
نفتخربمصر الدولة الراسخة التى تملك مقومات البقاء والتأثير. فحين كانت شعوب كثيرة لا تزال تبحث عن هوية، كانت مصر تبنى الأهرامات وتضع أسس الإدارة والعدالة والمعرفة.. هذا الإرث الحضارى العريق لم يكن محصورا داخل حدودها الجغرافية، بل كان أساسا لتأثيرها المستمر فى محيطها العربى.
نفتخربمصر الدولة الحاضرة بقوة فى كل حدث عربى كبير. من القاهرة انطلقت أول صيحات التحرر من الاستعمار، ومن جامعتها العريقة تشكلت عقول مثقفى الأمة. وحين كانت العواصم العربية تبحث عن منبر يجمعها، كانت مصر تفتح ذراعيها للجميع، تحتضن وتوحد، لا تفرق ولا تستأثر.
نفتخر بمصرالأزهر الشريف، الذى تجاوز عمره الألف عام، كان وسيظل منارة للعلم والدين، يبعث برسله من العلماء والمصلحين إلى كل بقاع الأرض العربية والإسلامية، ينشر الاعتدال والفكر الوسطى الذى حفظ للأمة توازنها الروحى فى أزمنة الاضطراب.
نفتخر بمصر العلم والعلماء فى مختلف مناحى الحياة والذين ينتشرون فى كل بقاع الأرض يساهمون بعلمهم وفكرهم فى الأوطان التى استقروا فيها.
نفتخر بمصر التى تصدر العمالة الماهرة والمدربة الى كل البلاد العربية، بل إلى العديد من دول العالم حيث يساهمون فى عمرانها وتقدمها وتطورها.
<<<
رغم التحديات التى واجهتها مصر خلال العقود الأخيرة، فإنها ما زالت تمثل ركيزة الاستقرار فى المنطقة. فكل أزمة تمر بالعالم العربى تكشف أن غياب الدور المصرى يخلق فراغا يصعب ملؤه.
وحين تعود القاهرة إلى واجهة الأحداث، تتوازن الموازين من جديد. وهذا ما يدركه العرب جميعا، قيادة وشعوبا، لأن قوة مصر فى جوهرها قوة للعرب جميعا.
المتغيرات الدولية السريعة، تبرز أهمية تعزيز التعاون العربى المشترك على أسس جديدة، قوامها التكامل الاقتصادى، والدفاع المشترك، ومواجهة الفكر المتطرف. وهنا، تبقى مصر ـ بما تملكه من خبرة وموقع وثقل سكانى وعسكرى وثقافى – القادرة على قيادة هذا التحول نحو مستقبل عربى أكثر تماسكا واستقلالا.
رسالة مصر إلى أشقائها العرب كانت وما زالت واضحة: أن وحدة الأمة ليست خيارا سياسيًا، بل ضرورة وجودية. وأن قوة كل دولة عربية لا تكتمل إلا بقوة شقيقاتها.
ليت إخواننا العرب يدركون سياسة مصر التضامنية .. ليتهم يدركون أن قوة العرب فى تضامنهم وتوادهم ووحدتهم واتحاد قرارهم .. فالانقسام ثمنه باهظ جدا والأوطان لا تُصان بالشعارات، بل بالوحدة الحقيقية والعمل والتعاون الصادق.
ستبقى مصر، رغم كل التحديات، قبلة للعرب وذاكرة لهويتهم المشتركة. فيها نشأ الوعى العربى الحديث، ومنها انطلقت رسائل التحرر والوحدة.
ومهما تغيرت الظروف، فإن مصر تظل مصدر قوة حقيقية للأمة العربية، تحفظها حين تضعف، وتنهض بها حين تتعثر. فليست مصر فقط ـ أم الدنيا ـ كما يقال، بل هى أم العروبة ومصدر إلهامها الدائم.









