بعد 18 يوماً فقط من تنظيم مصر لأكبر حدث سياسى فى الشرق الأوسط هذا العام، وهو «مؤتمر السلام العالمى» بمدينة شرم الشيخ، الذى استهدف إنهاء الحرب فى قطاع غزة وتعزيز السلام الإقليمى، جاءت ملحمة افتتاح المتحف المصرى الكبير لتضيف فصلاً جديداً إلى سجل الإنجازات المصرية الحديثة، لتؤكد أن مصر قادرة على الجمع بين صناعة السلام وبناء الحضارة فى آنٍ واحد.. لقد أدهش افتتاح المتحف المصرى الكبير «GEM» العالم أجمع، ليس فقط لضخامته وتفرده، بل لما يمثله من رمز للنهضة الثقافية والحضارية التى تشهدها الدولة المصرية فى ظل «الجمهورية الجديدة»، على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية .
من الفكرة إلى التنفيذ
بدأت فكرة المتحف المصرى الكبير حلماً فى تسعينيات القرن الماضى، وأُعلنت رسمياً عام 2002، لتبدأ أعمال الإنشاء عام 2005، حتى تم افتتاحه رسمياً فى الأول من نوفمبر عام 2025، بعد مسيرة طويلة من التصميم والتخطيط والتنفيذ.. شملت المراحل النهائية نقل القطع الأثرية النادرة، وتطوير البنية التحتية فى المنطقة المحيطة، وإنشاء مراكز تعليمية وثقافية ومرافق تجارية وخدمية تعتمد على التكنولوجيا الحديثة والطاقة النظيفة، ليكون المتحف منارة ثقافية مستدامة للأجيال القادمة.
قيمة وقامة ثقافية عالمية
شيد المتحف على مساحة 120 فداناً ليكون الأكبر من نوعه على مستوى العالم المخصص لحضارة واحدة، إذ يضم حوالى 100 ألف قطعة أثرية تغطى جميع العصور المصرية القديمة، من ما قبل التاريخ وحتى العهد الرومانى، ومن أبرز معروضاته تمثال الملك رمسيس الثانى، ومجموعة الملك «توت عنخ آمون» الكاملة التى تُعرض لأول مرة بأكثر من خمسة آلاف قطعة أثرية.
الأثر والمكانة
يسهم- المتحف الكبير- فى إعادة صياغة رواية التاريخ المصرى القديم بصورة تليق بعظمة هذه الحضارة، ويُجسّد رؤية مصر لتقديم تراثها للعالم فى ثوب حديث، يربط بين الماضى العريق والمستقبل الواعد، كما يعزز المشروع وعى المجتمع المصرى بأهمية تراثه، ويخلق مساحة للتعليم والإبداع والبحث العلمى، ويدعم تحول مصر إلى مركز عالمى للمعرفة والسياحة الثقافية.
وفى ختام الكلام، يمكن القول إن افتتاح المتحف المصرى الكبير ليس مجرد حدث ثقافى، بل هو خطوة إستراتيجية نحو ترسيخ مكانة مصر كقوة حضارية وثقافية مؤثرة فى العالم، تؤكد أن مصر القديمة لا تزال حاضرة بروحها، ومصر الحديثة ماضية بثبات نحو المستقبل.









