وصف متابعون غربيون مرافعة البروفيسور رالف وايلد فى ٢ مارس 2024 فى محكمة العدل الدولية بالمذهلة، وإنها كانت درساً قانونياً ينزع شرعية وجود دولة يهودية فى فلسطين من الأساس، وقد وكلته جامعة الدول العربية للدفاع عن القضية الفلسطينية، وبروفيسور رالف وايلد أكاديمى وخبير فى القانون الدولي، وعضو هيئة التدريس فى جامعة كوليدج لندن.
وقد سمعت وشاهدت هذه المرافعة من خلال إحدى منصات التواصل الاجتماعي، وهى باللغة الإنجليزية، ومن شدة اعجابى بها قمت بتحويلها إلى نص كتابى وترجمتها إلى اللغة العربية.
وكانت المرافعة كالتالي:
لقد حرم الشعب الفلسطينى من ممارسة حقه القانونى فى تقرير المصير، من خلال الصراعات العنيفة والاستعمارية والعنصرية، التى استمرت لأكثر من قرن من الزمان، لإقامة دولة قومية حصرية للشعب اليهودى فى أرض فلسطين التى فرض عليها الانتداب. عندما بدأ هذا بعد الحرب العالمية الأولي، بلغ عدد السكان اليهود فى تلك الأرض حوالى ١١٪، إن التطبيق القسرى للصهيونية فى هذا السياق الديموغرافي، قد شمل بالضرورة الإبادة، والتهجير القسرى لبعض السكان الفلسطينيين غير اليهود، وممارسة الهيمنة على الفلسطينيين غير اليهود المتبقين، واستعبادهم وسلب ممتلكاتهم وافقارهم، والهجرة إلى أرض الشعب اليهودى بغض النظر عن أى شيء، وحرمان اللاجئين الفلسطينيين من حق العودة. كل هذا يتم من خلال التمييز العنصري، وتفضيل الشعب اليهودى على الشعب الفلسطينى غير اليهودي. وقد استلزم هذا حدوث انتهاكات خطيرة لجميع القواعد الأساسية للقانون الدولي، مثل الحق فى تقرير المصير، وحظر العدوان، والإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، والفصل العنصري، والتمييز العنصري، والتعذيب، والحماية الأساسية للقانون الدولى الإنساني. اليوم، سأتناول أولاً انتهاكات القانون الدولي، الناشئة عن نظام الهيمنة العنصرية والفصل العنصري، المرتكب ضد الشعب الفلسطينى فى جميع أنحاء أرض فلسطين التاريخية، ثم ثانياً، عدم الشرعية الوجودية للاحتلال الإسرائيلى لقطاع غزة الفلسطينى والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، منذ عام 1967.
أولاً، يجب أن ينتهى الاحتلال، ويجب على إسرائيل أن تتخلى عن مطالبتها بالسيادة على الأراضى الفلسطينية، ويجب إزالة جميع المستوطنين على الفور. وهذا مطلوب لإنهاء عدم الشرعية، والوفاء بالالتزام الإيجابي، لتمكين الإدارة الذاتية الفلسطينية الفورية، لأن إسرائيل تفتقر إلى أى حق قانونى لممارسة السلطة. ثانياً، فى غياب الاحتلال، فإن إنهاء كل ما تفعله إسرائيل فى الأراضى الفلسطينية يفتقر بالضرورة إلى أساس قانونى دولى صحيح. وهذه المعايير تخول إسرائيل وتتطلب منها القيام ببعض الأمور، ولكن هذا لا يغير الموقف الأكثر جوهرية من قانون استخدام القوة وتقرير المصير، وهو أن إسرائيل تفتقر إلى أى سلطة صالحة، لفعل أى شيء وأى شيء تفعله غير قانوني، حتى لو كان متوافقا مع القواعد التنظيمية للسلوك أو وفقاً لها.
فى الختام، سوف اذكر بيت شعر للأكاديمى والشاعر الفلسطينى رفعت العرعير من قصيدته الأخيرة، التى نُشرت قبل 36 يوماًً من مقتله على يد إسرائيلى فى غزة فى ٦ ديسمبر 2023. «إذا كان لابد أن أموت فلابد أن تعيش أنت لتروى حكايتي».
انتهت المرافعة بذلك
وقد أوضحت هذه المرافعة، أن الكيان الإسرائيلى قام بانتهاك جميع القواعد الأساسية للقانون الدولي، والحق فى تقرير المصير، وقام بالإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، والتمييز العنصري، والتعذيب، والتهجير القسري، والاستعباد، وسلب الممتلكات.
لذلك يجب أن يدرك الرأى العام العالمى بعدم الشرعية الوجودية للاحتلال الإسرائيلى لقطاع غزة الفلسطيني، والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية. ويجب أن تؤخذ الدفوع «الأسانيد القانونية، الحقائق، الوقائع، المعايير، الأسس، المبادئ» التى ذكرت فى هذه المرافعة، كأساس للمفاوضات التى من المفترض أن تتم بين الدول العربية والإسلامية والافريقية والغربية المساندة للقضية الفلسطينية مع الكيان الإسرائيلي، من منطلق القوة والمصالح، للوصول إلى حل عادل للقضية الفلسطينية، وهو حل الدولتين، وهو ما صرح به الرئيس عبدالفتاح السيسى مراراً وتكراراً للعالم أجمع.