العالم يعيش فى خطر داهم، والمجتمعات باتت مهددة، لم يحسب أو يضع فى اعتباره تداعيات الصراعات وحروب الإبادة والتطهير العرقى التى لم تعد خافية تفاصيلها وصورها، ولكن التكنولوجيا والتطور الهائل فى وسائل الاتصال والتواصل أصبح حاضرًا وبقوة فى ترويج المشاهد المأساوية، لم ينتبه الجميع أن مشاهد قتلى الصراعات وحروب الإبادة خاصة الأطفال والنساء والتنكيل والتمثيل بالجثث والقتل بدم بارد سيكون له تداعيات شديدة الخطورة على سلوك الأجيال الجديدة من الأطفال والشباب حيث ظهرت فى السنوات الأخيرة جرائم بشعة لم يكن يصدقها العقل، أو يتوقعها الناس قبل ذلك، وزادت وسائل التواصل الاجتماعى الطين بلة خاصة وأن الأجيال الحالية من الشباب والأطفال لا يفارقون أجهزة المحمول، أو الكمبيوتر أو اللاب توب أو الشاشات «سمارت»، و«الايباد» أصبحوا أسرى لهذه الأجهزة التى تحمل أفكارًا وثقافات وانحرافات وإرهابًا وقتلاً وعنفًا وهو الأمر الذى يحتاج من دول العالم مراجعة فورية وحاسمة خاصة مع ازدياد معدلات الجريمة، والعنف وظاهرة الإرهاب والقتل على الهواء مباشرة مع اتجاه العالم نحو الصراعات والحروب والمواجهات المسلحة، وتنامى ظاهرة الميليشيات المسلحة، وهى كيانات غير مشروعة داخل بعض الدول، ربما فى معظم الأحوال مدعومة من الخارج وبتمويلات وأهداف وأجندات سياسية تدفع نحو الخراب والدمار والقتل، وقد بدا هذا الأمر واضحًا فى جرائم ميليشيات الدعم السريع التى ارتكبت جرائم بشعة وتطهيرًا عرقيًا ضد النساء والأطفال والمواطنين المدنيين الأبرياء، وقبلها كانت حرب الإبادة الإسرائيلية على الفلسطينيين فى قطاع غزة والتى أدت إلى استشهاد أكثر من 65 ألف فلسطينى معظمهم من الأطفال والنساء ناهيك عن جماعات وميليشيات الإرهاب التى تقودها عناصر تكفيرية ممولة ومدعومة من قوى الشر جميعها تحت راية وفكر ومنهج جماعة الإخوان الإرهابية التى عاثت فى دول المنطقة قتلاً وإجرامًا وإرهابًا.
الغريب أن الجرائم البشعة والمأساوية وانتشار القتل لأسباب غريبة، ليس من بينها البعد الاقتصادى على الاطلاق، ولكن أمراض العصر التى أصابت الكثيرين خاصة الأطفال فهذا سفاح يقتل النساء بدم بارد، وهذا طفل فى عمر الـ13 عامًا يقتل صديقه صاحب الـ12 ويقطعه بالمنشار، وهذا تاجر أدوية بيطرية يقتل سيدة وأبناءها الثلاثة، وهذه زوجة الاب التى تقرر التخلص من أبناء زوجها وزوجها بدس السم فى الطعام، لم يكن هناك سبب اقتصادى على الاطلاق، وراء هذه الجرائم البشعة ولكن التحقيقات كشفت عن بعد خطير أن الطفل الذى قتل صديقه متأثرًا بما يراه على السوشيال ميديا وأنه كان يشاهد مثل هذه الجرائم وطبقها على صديقه، ولعبت الغيرة والمرض النفسى وإدمان العلاقات المشبوهة دورًا كبيرًا فى باقى الجرائم.
هذه السطور مهمة للغاية للتحذير من انتشار ظاهرة القتل والترويع والجرائم المأساوية فى دول ومجتمعات العالم، فالولايات المتحدة الأمريكية اضطرت لإنزال قوات الحرس الوطنى لمكافحة الجريمة، وعبر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عن اعجابه بالأمن المصرى ووصف مصر بأنها دولة قوية بها معدلات جريمة منخفضة، بعكس أمريكا التى تزداد فيها معدلات الجريمة، وعدم الأمان وارتفاع معدلات السرقة والقتل، حيث قال إذا كنت تعيش فى الولايات المتحدة يمكن أن تفاجأ بمن يضربك على رأسك بعصا البيسبول خلال وجودك فى الحديقة وسرقتك.
فى ظنى أن هناك أسباب وراء انتشار الجرائم الخطيرة والغريبة وتفشى العنف والقتل فى دول العالم ابرزها.
ــ انتشار الحروب والصراعات، وارتكاب جرائم الإبادة والتطهير العرقى، والاستهداف المتعمد للأطفال والنساء والمدنيين الأبرياء وانتهاك كافة المواثيق القانونية والإنسانية والقصف العشوائى الذى لا يميز بين مدنى وعسكرى وبرعت فى هذا الاتجاه الولايات المتحدة فى حرب العراق وأفغانستان ثم إسرائيل التى تجاوزت جميع الخطوط الحمراء.. بارتكاب فظائع وجرائم يندى لها جبين الإنسانية وصلت إلى أن توصف بأنها جرائم حرب وإبادة وتطهير عرقى واستهداف متعمد للأطفال والنساء والأبرياء والمستشفيات وقتل المرضى والمسعفين والصحفيين، دون وجود أى التزام أخلاقى أو قانونى ثم انتشار ظاهرة الجماعات والميليشيات المسلحة والإرهابية، وخلفت هذه التنظيمات مثل داعش وجبهة النصرة وجميعها من رحم الإخوان المجرمين ثقافة القتل والذبح بدم بارد وهى مشاهد يتعرض لها الأطفال والنساء.. فقد أصابت جرائم الإرهاب المجتمعات بالصدمة والنكبة النفسية والسلوكية التى أدت إلى ارتكاب جرائم بشعة.
التطور الهائل فى التكنولوجيا ووسائل الاتصال والتواصل الذى أدى إلى حالة غير مسبوقة من المعرفة والمشاهدة والتقارب وكأن العالم يعيش فى بيت واحد، وبالتالى بات الأطفال والشباب والأجيال الجديدة يتعرضون لثقافات وأفكار شاذة وغريبة وجرائم بشعة تنتشر تفاصيلها فى أحيان كثيرة بالصوت والصورة، ويتأثر بها الأطفال والشباب الذين تغيب عنهم السلامة النفسية، والتربية الصحيحة فى ظل الانشغال الأسرى، وتسليم الأطفال لأجهزة الموبايل دون متابعة أو تعرف على ما يرونه ويشاهدونه، أو البحث عن وسائل أخرى تشغلهم، والغريب أن التحقيقات فى الكثير من الوقائع تكشف أن هؤلاء المجرمين الصغار تأثروا بما يعرض على وسائل التواصل الاجتماعى، ثم غياب المؤسسات التربوية والوعى الدينى والنفسى عن القيام بكامل دورها مثل الأسرة والمدرسة والمسجد والكنيسة وافتقاد لغة التواصل والحوار والنقاش وعدم توفير سبل الترفيه والإعداد السلوكى والنفسى والإبداعى، فى الفنون من موسيقى ومسرح وغناء وتمثيل، ورياضة وافتقاد الأسرة لحالة المتابعة والحوار والنقاش والتقويم ربما لأسباب أبرزها انشغال الاب والام فى توفير سبل العيش الكريم ونسيان أن هناك بعدًا أهم وأخطر هو التربية الصحيحة، فمن يسرق ويكذب ويخون ويقتل لابد أن نفتش فى الأسرة، فى طبيعة الأم فى مساحة الاحتواء والحنان والنصح والتقويم بالممارسة والقدوة.
الأمـر المهـم أيضـا، أن هنـاك سـباقًا محمـومًا ســواء على مستوى الدول أو الاشخاص فالأشخاص لديهم هوس الثراء.
وللحديث بقية









