مازالت إسرائيل تصر على تسلق جدران الأوهام والأكاذيب، والسباحة فى بحر السراب الذى لا ينتهي، فعلى مدار 235 يوماً لم تحقق شيئاً، العدوان وحرب الإبادة لم تنجح فى كسر إرادة المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني، بل إن جيش الاحتلال يفقد السيطرة تماماً، ولم يغل يد المقاومة عن النيل من ضباطه وجنوده وآلياته قتلاً وجرحاً بل وأسراً لتعاود المقاومة الفلسطينية الكرة فى تأجيج الداخل الإسرائيلى بمزيد من أسر الضباط فى أعلى الرتب العسكرية وأيضاً الجنود فى مشاهد، تفضح جيش الاحتلال فالعملية المركبة الأخيرة التى نفذتها المقاومة الفلسطينية فى استدراج قوة خاصة إسرائيلية وإيقاعها بين قتيل وجريح، وتفجير النفق الذى تم جرها إليه واصطيادها فيه فى مشهد متكرر يكشف أن جيش الاحتلال يدمن العناد ولا يتعلم، وجاءت مشاهد سحب الجنود وسحلهم فى النفق لتدمى قلوب الإسرائيليين وتقض مضجع المجرم نتنياهو الذى يتهاوى إلى أسفل الأرض يوماً بعد يوم ولم يصبح لديه أى قدرة على تحقيق أهدافه فى القضاء على المقاومة الفلسطينية التى مازالت تنبض بالحياة والضربات الموجعة للعدو الصهيوني، ومازالت رشقات الصواريخ الفلسطينية تخترق العمق الإسرائيلى فى تل أبيب، وأيضاً غلاف غزة ولم يستطع نتنياهو وعصابته المجرمة إطلاق سراح الأسرى والرهائن لدى المقاومة سوى العثور على رفات بعضهم وبات جيش الاحتلال فى موقف العار أمام الإسرائيليين والعالم، وبات يذهب لإطلاق سراح الأسرى وإذا بجنوده يقعون فى الأسر ليزيد القائمة، ويرفع سقف مطالب المقاومة وضغوطها على الكيان الصهيونى خلال التفاوض.
نتنياهو يعيش أسوأ وأسود أيامه يحاصره الفشل من كل اتجاه، ويعانى حالة من العجز فى ظل ضربات المقاومة الموجعة، ودخوله لمستنقع رفح بقدميه وسط تصاعد عمليات المقاومة التى تحصد أرواح ضباط وجنود وآليات جيش الاحتلال وتأسر بعضهم.
الداخل الإسرائيلى بات أكثر اشتعالاً فى ظل المشاهد والفيديوهات التى تبثها المقاومة حول عملياتها ضد قوات جيش الاحتلال بل وأسر المزيد منهم، ليزيد من الاحتجاجات الشعبية داخل إسرائيل خاصة عائلات وأسر الأسري، ويفاقم حالة الانقسام فى المشهد السياسى بتل أبيب، ويهدد تحالف الشر الذى يقوده نتنياهو وبات جنرالات إسرائيل فى الخدمة أو التقاعد يحذرون من استمرار نتنياهو وخطورته على بقاء إسرائيل، ومصالحها لأنه حسب تأكيداتهم لا يبحث سوى عن نفسه.
بعد 235 يوماً، لم تجن إسرائيل سوى السراب والأوهام والفشل والفضائح.. والعزلة الدولية والإقليمية، والانكشاف أمام الرأى العام الدولي، وتتقدم وتربح القضية الفلسطينية وتترسخ حقوق الأشقاء الفلسطينيين فى العقل والوجدان الجمعى العالمى بعد الاعتراف الكاسح بحق فلسطين بالعضوية الكاملة، والاعتراف من دول أوروبية وأخرى بالدولة الفلسطينية المستقلة.
الأيام والساعات الأخيرة من العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة أحدثت انقلاباً حاداً لصالح الفلسطينيين فى ظل ما يتعرض له جيش الاحتلال الإسرائيلى من ضربات موجعة فى عمليات تشير إلى أن المقاومة مازالت قادرة على القتال وتتمتع بنفس وتيرة البداية فى أكتوبر الماضي، بل ومازالت قادرة على استهداف العمق الإسرائيلى بالصواريخ، فبعد ٤ أشهر من غياب هذه الصواريخ توهم العدو الإسرائيلى أن المقاومة باتت فى عداد الانهيار، إلا أن العمليات الأخيرة المؤلمة، والضربات والرشقات لصواريخ الفلسطينيين بعمق إسرائيل أكدت استمرار الفشل الإسرائيلى الذريع فى تحقيق أى هدف، ولا أدرى ما هو موقف المشهد الداخلى فى إسرائيل، وسط توقعات بمزيد من الانشقاق، وهو ما يجعل نتنياهو ومجلس حربه، سوف يرضخان لمطالب المقاومة الفلسطينية، بعد أن فشلت كل أهداف نتنياهو، لا قضى على المقاومة ولم يطلق سراح الرهائن، ولم يسيطر على الأرض ولم يقض على السنوار، لذلك فنحن أمام ساعات ولحظات حاسمة وفارقة بعد عمليات المقاومة وأسرها جنوداً جدداً وإطلاق رشقات صواريخ من رفح للعمق الإسرائيلى فى تل أبيب، وتصاعد الاحتجاجات والخلافات فى الداخل الإسرائيلي، وتزايد السخط العالمى ضد تل أبيب، وإدراك فريق قوى الشر الداعم للإجرام والمخطط الصهيوني، أنه لم يعد يجدى نفعاً وأن المخطط برمته فشل بفضل الصبر والاتزان الاستراتيجى والثبات الانفعالي، وعبقرية الإدارة السياسية والدبلوماسية، وأيضاً صمود الشعب الفلسطينى المتثبث بأرضه وإعلانه أنه سيموت عليها، وهو ما أكدت عليه مصر العظيمة، ودعمت مبادئ وأهدافاً نبيلة فى عدم السماح بتصفية القضية الفلسطينية، ورفضها القاطع والحاسم لتهجير الفلسطينيين، والتصدى بحسم وحزم لتوطينهم فى سيناء لأن ذلك إعلان رسمى لوفاة القضية الفلسطينية وأيضاً خطر داهم وتهديد مباشر للأمن القومى المصرى الذى لا يمكن التهاون أو التفريط فى حمايته فهو خط أحمر.
الحقيقة أنه مع الدور العظيم والتاريخى والشريف «لمصر ـ السيسي» والذى نجح فى تغيير المعادلة وساند الحق الفلسطينى بقوة وشجاعة وشرف وشموخ رغم الحملات والمخططات والضغوط المسعورة مع بداية العدوان الصهيونى على قطاع غزة إلا أن ذلك لم يؤثر ولم يثن مصر عن مواقفها وثوابتها ومبادئها وواجهت بشجاعة هذه الضغوط والمخططات وأفسدتها وأجهضت المؤامرة على مصر والقضية الفلسطينية.
الحقيقة أن الفلسطينيين يستحقون التحية هذا الشعب الصامد، وأيضاً المقاومة التى مازالت متوهجة فاعلة ومؤثرة، ومن الواضح أنها لديها مركز إدارة وسيطرة وتدير حرباً نفسية بمنتهى الاحترافية تقض مضاجع نتنياهو وتحرق قلوب عائلات الأسري، والإسرائيليين جميعاً والعجيب أنها مازالت قادرة على إطلاق الصواريخ بل وتسجيل العمليات فى فيديوهات بشكل احترافى رغم هذا الدمار الذى ألحقه العدوان الصهيوني، لكن فى كل الأحوال إسرائيل تعيش حالة من الارتباك والتخبط والفشل الذريع، بعد أن اكتشفت أنها لم تحقق أى شيء، ولم تجن سوى العار والفضائح، وأن كل ما تردده هو مجرد أكاذيب وأوهام.. لذلك وبحق «النصر صبر ساعة».. وكلما مر الوقت إسرائيل فى نكبة وإلى الأسوأ.. انهزمت وسقطت أمنياً وعسكرياً وأخلاقياً.. مهما ارتكبت من مجازر لن تغير فى الأمر شيئاً.. لقد سقطت دون رجعة.