وفى استاد القاهرة الدولى كان هناك عشرات الآلاف من المشجعين ارتدوا جميعاً «الفانلة» الحمراء.. وذهبوا يشجعون ويدعمون فريقهم بحماس منقطع النظير.. ذهبوا فى مهمة قومية يؤدون واجبهم فى المؤازرة والمساندة.. الكأس لنا والبطولة لنا.. ذهبوا يغنون ويتعاهدون فريقاً كبيراً فريقاً عظيماً أديله عمرى وبرضه قليل.. أو أوو أوو على الحلوة والمرة معاه.. دايماً معاه لآخر الكون.. جمهوره دايماً وراه.. جمهوره دا حماه..!!
وهى كرة القدم التى تحرك الملايين.. السيمفونية التى يشارك فيها الجميع فى العزف.. جمهوراً ولاعبين وحكاماً ونقاداً ومعلقين.. إنها أفيون الشعوب الذى لا يمكن منع زراعته أو تعاطيه.. وهى الشفاء لكل مريض والحافز لكل عاجز.. والسعادة التى لا توصف والفرحة التى تهز كل الأجساد عندما تعانق الكرة الشباك.. وهى الثروة القومية التى لا تنضب.. والحياة.. كل الحياة لملايين البشر.. هى القاسم المشترك الأكبر الذى يوحد الجميع ويدفعهم إلى العناق والأحضان بلا كلفة ولا نفاق.. تجمع العالم والجاهل.. الغنى والفقير.. العجوز والصبي.. الانفعالات واحدة.. والمشاعر صادقة والكرة التى تتدحرج وتتحرك على العشب الأخضر لها من السحر ما يفوق الخيال.. والانتماء للنادى ولجمال كرة القدم قد يفوق الانتماء للوطن أحياناً.. وبيليه فى البرازيل كان أسطورة دفعت العالم لعشق البرازيل والتعرف عليها.. ومارادونا فى الأرجنتين وضع لها اسماً على خارطة العالم.. وصلاح فى ليفربول احتل وحده العقل الإنجليزى الذى تغنى باسمه صغاراً وكباراً.. والخطيب فى مصر سيظل الأسطورة لدى الملايين.
وإنها كرة القدم.. أقوى من السياسة.. ومن الاقتصاد.. ففيها ومعها تسمو النفوس فوق متاعب الدنيا والأحزان والصراعات.. ويغنى أطفال غزة ويتفاعلون مع انتصارات الفرق المصرية.. وينسون ويتناسون القصف والصواريخ والجوع.. إنهم يبحثون معنا عن الفرحة ويشاركوننا لحظات الاحتفال.. إنها كرة القدم التى لا يصلح معها احتلال ولا صواريخ ولا طائرات.
>>>
ولكل وطن رائحة ليل خاصة به.. ورائحة الوطن فى قاهرة المعز هى إكسير الحياة الذى يمنح بالمجان لكل عاشق للحياة.
وفى القاهرة التى لا تنام اصطحبت ضيفاً جاء إلى مصر عابراً لقضاء ليلة أو ليلتين فظل بها لعشرة أيام لا يريد مغادرتها أو حتى أن ينام.. للقاهرة مفاتيح خاصة للتعرف عليها وللوقوع فى غرامها.. القاهرة ليست فى أماكنها السياحية المعروفة.. ولا فى نيلها الخالد بكل بريقه وجاذبيته.. القاهرة فى شوارعها.. فى حواريها.. فى مقاهيها القديمة.. فى حواراتها وفى روح شعبها وبساطة حياتهم.. القاهرة فى الغورية وسيدنا الحسين والقلعة والأزهر وباب الخلق والمغربلين والتحرير وباب الشعرية.. القاهرة فى الناس الطيبة التى تسعدها كلمة بسيطة.. والتى تبحث وتكتفى بالصحة والستر.. القاهرة فى ابن البلد فى السيدة زينب وفى الدرب الأحمر الصامد فى وجه «العولمة».. والأفكار الشيطانية.. والتمسك بخصوصيته.. وبأصالته وبمعدنه النفيس.. والقاهرة ليست مطاعم ومنتزهات ومقاهي.. القاهرة روح ورائحة لهما مذاق خاص.. والحياة بعيداً عن هذا المزيج السحرى هى بعض من الموت.
>>>
ولن نصدق ليلى عبداللطيف بعد الآن.. فقد تنبأت أن الأهلى سيخرج من موقعة النهائى الأفريقى لكرة القدم خاسراً.. وقبل المباراة ومع غضب جمهور النادى الأهلى تراجعت عن تصريحاتها.. ثم أتت المباراة وحيث المثل المصرى يقول «الميه تكدب الغطاس».. فإن النتيجة أكدت كذب التنبؤات.. وظهر النادى الأهلى هو الغطاس الذى كسب الرهان.. ونبوءات وتنبؤات ليلى عبداللطيف على ما يبدو «مدسوسة» ولها دوافع أخري.. وهناك من يغذيها ويستفيد منها.
>>>
وماذا كان «نمبر وان» يفعل فى استاد القاهرة قبل المباراة النهائية فى البطولة الأفريقية.. وأنا لم أفهم ولم أستوعب كلمة واحدة من كلمات الأغنية التى كان يؤديها مع فرقة استعراضية راقصة لا طعم ولا لون لها.. مجرد «تنطيط» واستعراض لياقة بدنية وقدرة على الرقص.. وحاجة تقليد فى تقليد.. وهتافات وأغانى الجماهير فى الملعب كانت أكثر جاذبية وجمالاً وصدقاً..!
>>>
وكل التحية للذين أشرفوا على التنظيم فى مباراة الأهلى والترجي.. أعادوا إلينا صورة مصر الحلوة.. وقدموا درساً فى كيفية إدارة الأمور فى الملاعب خاصة أثناء الاحتفالات.. جهد احترافى يقدم دروساً للجميع.
>>>
وأفضل ما فى مباراة النهائى الأفريقى هو الروح الرياضية التى كانت على أعلى مستوى بين لاعبى النادى الأهلى المصرى والترجى التونسي.. هذه هى الرياضة.. والكأس لم تذهب بعيداً.. الترجى هو الأهلى والأهلى هو الترجي.. الكأس عربية ونتمناها دائماً عربية.
>>>
وانتهت أزمة كابتن الأهلى محمد الشناوى مع الصحافة المصرية بالاعتذار.. وهذا يكفي.
>>>
وأخيراً:
>> كل الذين تورطوا فى حزنك.. سيضيق الله صدورهم ويسخر لهم
من يؤذى قلوبهم.. ولو بعد حين.
>>>
>> ولا عليك من كلام الناس،. فالحشرات تهاجم المصابيح المضيئة.
>>>
>> وكلما واجهتنى أزمة تمنيت أمي،
وكلما ضاقت بى الدنيا تمنيت أمي، وهكذا أنا
منذ فراقها لا أمنيات توقفت.. ولا أمى عادت.