صدر تقرير بعنوان “مستقبل مزدهر: دعم مسيرة دولة الإمارات نحو بناء اقتصاد رفاه”، ليكون من أوائل الإصدارات الإقليمية التي تُترجِم مفاهيم محاكاة الطبيعة وإدارة الموارد المشتركة واقتصاد الرفاه إلى خطة تنفيذية مفصَّلة موجهة إلى صانعي السياسات والمخططين والأكاديميين والقطاع الصناعي والمجتمع المدني في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
أطلقت التقرير منظمة غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالتعاون مع جامعة السوربون – أبوظبي ومعهد سي انستيتيوت. أعدَّته الباحثتان نجلاء المطروشي ونيكول ويبر، الفائزتان بجائزة غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لاقتصاد الرفاه، وخريجتا قسم علم الاجتماع والفلسفة في جامعة السوربون – أبوظبي. ويضع التقرير دولة الإمارات في موقع متقدم لتكون رائدة عالميًا في إعادة تصور الازدهار بما يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي. ومن خلال تقديم خطة متكاملة لدمج مبادئ محاكاة الطبيعة (بالاستفادة من دروس الطبيعة في الصمود) والحوكمة القائمة على إدارة الموارد المشتركة في نموذج التنمية الوطني والممارسات الصناعية في الدولة، يقدم التقرير مسارات مُستلهمة من الطبيعة ومتمحورة حول المجتمعات نحو بناء اقتصاد مُتجدِّد قائم على الرفاه. ويُعد هذا الإصدار علامة فارقة، إذ يرسم خريطة طريق بعيدة المدى لبناء مستقبل مزدهر وقادر على الصمود، يستند إلى استراتيجية مزدوجة تقوم على تبني مبدأ محاكاة الطبيعة وإحياء الإدارة القائمة على الموارد المشتركة والمتجذرة في التراث الإماراتي والإسلامي.
وقالت غوى النكت، المديرة التنفيذية لمنظمة غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خلال حفل إطلاق التقرير في المدينة المستدامة في دبي: “لطالما كانت دولة الإمارات أرض الرؤى الجريئة. فخلال بضعة عقود فقط، حوّلت الطموح إلى إنجازات ملموسة، وجعلت من الرفاه وجودة الحياة والاستدامة ركائز أساسية للتخطيط الوطني. وما نحتاجه اليوم هو الخطوة التالية: أن نتعلم من أعظم مُعلِّم لدينا – الطبيعة. فمن خلال محاكاة الطبيعة، يمكننا أن نبتكر كما تصون الصحاري مياهها، وكما تحمي غابات القرم الشواطئ، وكما تكتسب الشعاب المرجانية قوتها من التعاون. ومن خلال الحوكمة القائمة على الموارد المشتركة، يمكننا أن ندير ما نتشاركه – أي المياه والهواء والتربة والمعرفة – بعناية ومسؤولية. وعندما تتكامل هذه المنهجيات، فإننا لا نكتفي بإزالة الكربون من نموذجنا، بل نعيد تصميمه بالكامل. فننتقل من الاستخراج إلى التجديد، ومن المكاسب قصيرة الأجل إلى الازدهار المستدام – لبناء اقتصاد متجدد يُعزِّز التماسك الاجتماعي، ويضمن الازدهار طويل الأمد، ويقدم نموذجًا عالميًا لتنمية قائمة على الرفاه”.
وأضافت: “لقد أثبتت التجارب أن السياسات الطموحة قادرة على تحقيق تحولات بيئية واجتماعية في آنٍ واحد. تمتلك دولة الإمارات الإرث الثقافي إلى جانب القدرات المالية والمؤسسية لقيادة هذا التحول. ومن خلال البناء على الأسس الراسخة التي أرستها رؤية 2031 ورؤية 2071 ومبادرات الحياد المناخي 2050، وتوسيع نطاق المشاريع المستلهمة من محاكاة الطبيعة مثل “أبراج البحر” ومدينة “مصدر” و”المدينة المستدامة”، تستطيع الدولة أن تضع نموذجًا يُحتذَى به إقليميًا وعالميًا. وعبر دمج ذكاء الطبيعة في السياسات والتخطيط والابتكار، يمكن للإمارات أن تكون في طليعة الدول التي تبني مستقبلًا قادرًا على الصمود، ومُنصِفًا، وتجديديًا لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والعالم”.
من جانبها، قالت الدكتورة كليو شافونو، رئيسة معهد سفير في جامعة السوربون – أبوظبي: “يشرفنا في جامعة السوربون أبوظبي أن نساهم في هذا الإصدار المهم الذي يُعزِّز ازدهار الدولة المستدام. نحن نعتز بتدريب ودعم الباحثتين المتميزتين، فقد شكَّل بحثهما الأساس لتقرير “مستقبل مزدهر”. وتُجسِّد هذه المبادرة التزامنا بتعزيز البحث الأكاديمي المُتَجذِّر ثقافيًا، والذي يجمع بين المعرفة الأكاديمية والأثر الواقعي”.
فيما قالت الدكتورة جاسينتا ديسيلفا، مديرة البحوث والمختبر الحي والشراكات الدولية في معهد سي انستيتيوت: “يعكس تقرير “مستقبل مزدهر” ريادة الإمارات المتنامية في إعادة تصور الازدهار من خلال منظور الرفاه والتجديد والقيمة المشتركة. ويُظهر هذا التقرير كيف يمكن للعلم والتفكير المنظومي والقيم المجتمعية أن تتكامل لتشكيل اقتصاد رفاه لدولة الإمارات. ونحن في المعهد نفتخر بالمساهمة في هذه المسيرة الوطنية نحو مجتمعات مزدهرة ومستقبل مستدام”.
وقالت نجلاء المطروشي، مؤلفة مشاركة في التقرير وعضو مجلس شباب عجمان: “ينبثق تقرير “مستقبل مزدهر” من الإيمان بأن الرفاه ليس امتيازًا لفئة محدودة، بل هو النبض الجماعي لمجتمع يعيش في انسجام مع بيئته. وهذا التقرير دعوة لإعادة التفكير في مفهوم النمو، ليس كوتيرة متسارعة، بل كعملية تنمية ورعاية؛ ليس كهيمنة، بل كعناية. وهو يعكس رؤية جيل يجرؤ على تخيّل ازدهار يتجاوز منطق استخراج الموارد، ويرتكز بدلًا من ذلك على التعاطف والمعرفة والتعايش. آمل أن يكون هذا التقرير مرآة وخارطة في آنٍ واحد — مرآة تعكس واقعنا الحالي، وخارطة ترشدنا نحو مستقبل ما زال بأيدينا أن نصنعه”.
أما نيكول ويبر، مؤلفة مشاركة في التقرير وطالبة دراسات عليا في جامعة السوربون، فقالت: “في بعض الأحيان، يبدأ التقدم الأكثر تأثيرًا بتغيير في وجهة النظر. وأمام دولة الإمارات العربية المتحدة فرصة لتكون قدوة يُحتذَى بها، من خلال إظهار أن الابتكار الحقيقي لا يكمن فقط في التكنولوجيا المتطورة، بل في إعادة دمج مبادئ محاكاة الطبيعة وإدارة الموارد المشتركة. ومن خلال تبني الأصالة والذكاء المستوحى من الطبيعة، يمكننا إعادة تعريف مفهوم القيادة المستدامة في المنطقة وخارجها”.
 
		 
		
 
  
 







