لم يتبقَ سوى أيام قليلة تفصلنا عن افتتاح المتحف المصرى الكبير، الحدث الثقافى الأبرز فى القرن الحادى والعشرين، واللحظة التى تنتظرها الإنسانية منذ سنوات لتشهد ميلاد صرح عالمى سيغيّر خريطة السياحة والثقافة فى مصر والعالم. ليس مجرد مبنى ضخم أو متحف تقليدى، بل رسالة حضارية تعلن أن مصر، بتاريخها وحضارتها، لا تزال قادرة على أن تُلهم البشرية وتتصدر المشهد الحضارى كما كانت دائمًا.
يوم السبت الماضى، عقد الرئيس عبد الفتاح السيسى اجتماعًا مع رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، ووزير السياحة والآثار شريف فتحى، لمتابعة الموقف التنفيذى النهائى للمتحف قبل الافتتاح المنتظر. وقد وجّه الرئيس بضرورة الانتهاء من جميع التفاصيل التنظيمية والفنية، وضمان أن يكون الافتتاح على مستوى يليق بمكانة مصر وتاريخها العريق، مؤكدًا أن المتحف ليس مشروعًا سياحيًا فقط، بل مشروع هوية وطنية ورسالة إلى العالم بأن مصر الحديثة قادرة على حماية ماضيها وصناعة مستقبلها.
الأرقام وحدها كفيلة بأن تُظهر حجم الحدث: يمتد المتحف على مساحة تقارب 500 ألف متر مربع، منها أكثر من 167 ألف متر مربع للمبانى، ويضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية تغطى خمسة آلاف عام من تاريخ مصر. فى قلب القاعة الكبرى يقف تمثال رمسيس الثانى شامخًا بارتفاع 11 مترًا ووزن 83 طنًا، ليكون أول ما يراه الزائر، وكأنه يستقبل العالم من جديد فى موطــن الحضارة. أما مجموعة توت عنخ آمون الكاملة، التى تضم أكثر من 5400 قطعة، فستُعرض لأول مرة كاملة فى مكان واحد منذ اكتشاف المقبرة عام 1922.
الاجتماع الرئاسى الأخير لم يكن مجرد متابعة شكلية، بل مراجعة دقيقة لكل التفاصيل: إجراءات الاستقبال، التجهيزات التقنية، منظومة التذاكر الذكية، وتأمين الوفود التى ستضم ملوكًا ورؤساء دول وقادة من مختلف أنحاء العالم. لقد أراد الرئيس أن يرسل رسالة صريحة: أن افتتاح المتحف الكبير هو حدث وطنى ودولى من الطراز الأول، يُظهر وجه مصر المشرق أمام العالم، ويمثل نقطة تحول فى مسار السياحة الثقافية والاقتصاد الوطنى معًا.
أهمية المتحف لا تقتصر على حجمه أو فخامته المعمارية، بل فى فلسفته الجديدة فى العرض المتحفى. فالمسارات الزمنية تسرد القصة المصرية منذ عصور ما قبل الأسرات حتى العصر اليونانى الرومانى، وتتيح للزائر أن يعيش رحلة فكرية وجمالية فى حضارة متكاملة.









