الاتحاد الأوروبى: علينا الاختيار.. بين احترام القانون والمؤسسات الدولية.. أو دعم إسرائيل
الإعلام الدولى: «نفد صبر الجميع».. وقرار محكمة العدل يزيد عزلة تل أبيب
مازالت تتوالى ردود الأفعال بعد قرارات المحكمة الدولية التى جاءت لصالح الفلسطينيين المحاصرين بقوة السلاح والذين يموتون بسبب نقص الغذاء والوقود وانهيار الخدمات الطبية، فى ظل تواصل القصف الاسرائيلى الوحشى على مدى أكثر من سبعة أشهر متتالية.
بكلمات الترحيب والدعم لأحكام العدل الدولية، سجل المؤيدون للحق الفلسطينى مواقفهم ونددوا بمعارضتهم لممارسات الاحتلال فى غزة، لاسيما العملية الأخيرة فى رفح الفلسطينية التى نزح إليها حوالى مليون ونصف المليون شخص هرباً من القصف الاسرائيلى المكثف فى شمال القطاع.
فى جنوب أفريقيا، رحب سيريل رامافوزا، بقرارات محكمة العدل الدولية، لكنه أبدى شعوره بقلق بالغ إزاء تقييد إسرائيل دخول المساعدات إلى غزة، واستهداف البنية التحتية لهذه المساعدات بشكل منهجى داخل قطاع غزة المحاصر.
أضاف رامافوزا أن الفلسطينيين فى غزة يعانون منذ السابع من أكتوبر الماضى أشد المعاناة بعد أن فرضت عليهم اسرائيل عقاباً جماعيا على شيء ليس عليهم أى مسؤولية فردية عنه.
أبدى رئيس الدولة – التى رفعت القضية أمام الدولية وانضمت إليها مصر– بعض المخاوف بشأن مجلس الأمن الدولى الذى لم ينجح حتى الآن فى وقف المعاناة الإنسانية لهذا الشعب المحتل.
كما دعت وزيرة خارجية بلجيكا حجة لحبيب، تل أبيب إلى التنفيذ الفورى لقرار المحكمة، حتى يتوقف العنف والمعاناة الإنسانية فى غزة، و حثت لحبيب الجانب الاسرائيلى على وقف إطلاق النار، وكذلك الإفراج عن الرهائن من جانب حركة حماس، مطالبة بضرورة اجراء مفاوضات من أجل حل الدولتين.
قال مسئول السياسة الخارجية فى الاتحاد الأوروبى جوزيب بوريل، إن الاتحاد الأوروبى سيتعين عليه الاختيار بين احترام دعم المؤسسات الدولية المعنية بسيادة القانون أودعم إسرائيل.
أضاف بوريل أن احترام المحكمة أمر ضرورى لتعزيز القانون الدولى والنظام القانونى العالمي.
قالت نائبة رئيس الوزراء الكندى كريستيا فريلاند، إنها تتوقع أن تلتزم الأطراف جميعا بالقانون الدولي.
وفى أنقره، رحبت وزارة الخارجية التركية بالقرار، الذى يأمر إسرائيل بوقف هجماتها على رفح فى غزة وفتح بوابة رفح الحدودية من الجانب الفلسطينى أمام المساعدات الإنسانية على الفور.
وقال بيان الوزارة التركية الا توجد دولة فى العالم فوق القانون. ونتوقع أن تنفذ تل أبيب بسرعة جميع القرارات التى اتخذتها المحكمة، ولضمان ذلك، ندعو مجلس الأمن الدولى أيضاً إلى القيام بدورهب.
تحذير أخير لإسرائيل
وعلى مستوى المنظمات والكيانات الدولية، أعلنت منظمة االامتثال للحقوق العالميةب أن الحكم الأخيرهو بمثابة تحذير آخر لتجاهل إسرائيل الصارخ للقانون الدولى وعدم الالتزام بحماية المدنيين فى الصراع.
كما رحَّبتْ رابطةُ العالم الإسلامى بالقرار الصادر من محكمة العدل الدوليّة، الذى يأمر إسرائيل بوقف الهجوم العسكرى أو أى أعمال أخرى فورًا فى محافظة رفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة ، استنادًا لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.
أكَّد الأمين العام للرابطة رئيس هيئة علماء المسلمين الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسي، فى بيان له أهميةَ هذا القرار الذى يعدُّ خطوةً إيجابيةً تُجاه الحق الإنسانى والقانونى للشعب الفلسطيني، مشدِّدًا على ضرورة أن يضْطلع المجتمع الدولى بكامل مسئولياته تُجاه تطبيق القرارات، ووقف العدوان، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء السعودية اواسب.
ومن الصحف العالمية، اعتبرت صحيفة اتليجرافب البريطانية، أن قرار محكمة العدل الدولية بشأن وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية بمدينة رفح الفلسطينية، يمثل ضربة قوية لإسرائيل التى تزداد عزلة خاصة بعد نفاد صبر المجتمع الدولي.
تداعيات واسعة
قالت الصحيفة – فى تقرير لها أمس إنه من المتوقع أن يكون تأثير القرار على الحرب فى غزة محدودًا، ومن غير المرجح أن تحترم إسرائيل هذا الحكم، لكنها حذرت من أن التداعيات السياسية والدبلوماسية ستكون واسعة النطاق.
أشارت الصحيفة إلى أن أحكام المحكمة الدولية ملزمة، لكن ليس لديها طريقة لتنفيذها، لذلك يتشاور مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلى بنيامين نتنياهو، مع كبار المسئولين فى حكومته بشأن الخطوات المقبلة التى يجب اتخاذها.
على الجانب الآخر، رفضت إسرائيل قرارات العدل الدولية، وأصرت على أن عملياتها العسكرية فى رفح الفلسطينية متوافقة مع القانون الدولي.
قال بيان مشترك لمكتب نتنياهو ووزارة الخارجية إن الاتهامات التى وجهتها جنوب أفريقيا لإسرائيل فى محكمة العدل الدولية فى لاهاى بشأن الإبادة الجماعية كاذبة ومشينة ومثيرة للاشمئزاز.
قال وزير المالية بتسلئيل سموتريش إن الذين يطلبون من إسرائيل وقف الحرب، يطالبونها بأن تعلن إنهاء وجودها، ونحن لن نوافق على ذلك.
كما دافع بينى جانتس، وزير حكومة الحرب الحالية، بأن العمليات العسكرية الوحشية التى تشنها تل أبيب عادلة و ضرورية لضمان الأمن للشعب الاسرائيلي.
وعلى الصعيد الميداني، تواصل القصف الاسرائيلى على غزة بلا هوادة حتى بعد حكم محكمة العدل الدولية الأخير، فى تحد صارخ لقرارات المؤسسات الدولية، وفى رسالة تريد أن تبعثها تل أبيب للعالم بأن هذا الكيان لا يبالى بالقانون الدولى ولا أحد يستطيع أن يوقف حربه الجنونية ضد الشعب الأعزل المحاصر بنيران الاحتلال.
فى هذا الصدد كان قد أكد عدد من مسئولى الحكومة اليمينية المتطرفة فى تل أبيب قبل صدور الحكم استمرار العمليات العسكرية، حيث شدد المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية بأنه الا توجد قوة على وجه الأرض ستمنع إسرائيل من ملاحقة حماس فى غزة.ب
الرد الوحيد
فى الوقت نفسه، قال وزير الأمن القومى الاسرائيلي، إيتمار بن غفير، إنه يجب أن نقدم ردا واحدا على قرار محكمة العدل الدولية، وهو استمرار العمليات فى رفح الفلسطينية.
وبسبب الانفلات الاسرائيلي، قالت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بفلسطين فرانشيسكا ألبانيز، إن حكومة الاحتلال لن توقف الجنون الذى تقوم به فى رفح جنوبى غزة، ما لم يتدخل المجتمع الدولي.
أوضحت ألبانيز فى منشور لها على منصة اإكسب أن الأنباء التى تصلها من الناس المحاصرين فى مدينة رفح امروعةب، كاشفة أن تل أبيب كثفت هجماتها على رفح الفلسطينية بعد أن أمرتها محكمة العدل الدولية بوقف عملها العسكري.
ودعت ألبانيز المجتمع الدولى إلى التحرك لوقف هذه الهجمات، مضيفة: اأقول دون تردد إن ما يحدث فى غزة ليس حربا، بل إبادة جماعية، ورغم أن الدول الغربية غير مرتاحة لاستخدام كلمة إبادة جماعية فى غزة، لكنها بالفعل تذكرنا بالهولوكوستب.
كما طالبت أيضاً بفرض عقوبات على إسرائيل وحظر تزويدها بالأسلحة وتعليق العلاقات الدبلوماسية معها حتى تنصاع لقرار محكمة العدل الدولية.
ولا تزال أعداد القتلى والمصابين فى تزايد مستمر، ففى اليوم الـ 232 من الحرب الإسرائيلية على غزة، حيث تواصل قوات الاحتلال قصف رفح ومناطق بشمال القطاع مخلفة عشرات الشهداء والجرحي.
فى هذا السياق، أفادت مصادر طبية بغزة بسقوط عشرة شهداء، و17 جريحا فى قصف إسرائيلى لمدرسة النزلة بمنطقة الصفطاوى شمالى القطاع.
كما ذكرت مصادر اعلامية أن عددا من المصابين والقتلى سقطوا خلال الـ 24 ساعة الماضية بعد استهداف منزل بجانب مراكز إيواء فى بيت حانون شمالى القطاع أيضا.
أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية اوفاب، بسقوط ثمانى فلسطينيين، بينهم عدد من الأطفال، بعد قصف شقة سكنية فى برج النورى شمال مخيم النصيرات، وسط القطاع، بالتزامن مع قصف مدفعى عنيف فى محيط محطة توليد الكهرباء.
كما أفاد الدفاع المدنى بغزة، باستشهاد فلسطينى وإصابة 3 آخرين، جراء قصف الاحتلال منزلًا سكنيًا بالمحافظة الوسطى فى قطاع غزة.
قصف دير البلح
فى الوقت نفسه، أطلق الطيران الاسرائيلي، نيرانه شرقى مدينة دير البلح، كما أُصيب عدد من الفلسطينيين بجروح، بعد تعرض أحياء الشيخ عجلين، وتل الهوا، والزيتون فى مدينة غزة إلى قصف مدفعى عنيف، وإطلاق نار من آليات الاحتلال العسكرية.
كما سُمِع دوى انفجارات فى منطقة مفرق الشهداء محور منطقة انتساريمب، جنوب مدينة غزة، وشوهد تصاعد ألسنة الدخان من المكان، كما أطلقت الدبابات النار فى محيط الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية، وحى تل الهوا جنوب غربى مدينة غزة، ما أدى إلى إصابة العشرات، مع صعوبة وصول سيارات الإسعاف إلى المنطقة، بسبب كثافة النيران.
وفى جباليا، شمال القطاع، شنّ الاحتلال سلسلة غارات فى عديد المناطق، كما طال القصف المدفعى المناطق الحدودية الشرقية ما بين مدينتى دير البلح وخان يونس ورفح جنوبى قطاع غزة.
وفى حصيلة غير نهائية، ارتفع عدد الضحايا فى قطاع غزة منذ بدء العدوان فى السابع من أكتوبر الماضي، إلى 35 ألفًا و857 شهيدًا، و80 ألفًا و293 مصابًا.