ليس هناك أقوى من صاحب الحق فى الإقبال على الخطر مهما كان هذا الخطر وليس هناك أسرع من الخائفين فى الأدبار ممن يلاحقهم .ولأننا أصحاب حق ولأننا وقعنا تحت مؤامرة اشتركت فيها القوتان العظميان فخسرنا أرضنا فى مؤامرة خاطفة دون قتال لأن هذا كله كان الجندى المصرى مارداً عظيماً وهو يثأر لكرامته ويستعيد شرف الأمة وعزتها.
من أراد أن يعرف ما قام به الجنود المصريون وما فعله قائد الحرب والسلام هو ورجاله بالعدو عليه أن يقرأ محضر اجتماع هذا القائد العظيم محمد أنور السادات بأعضاء مجلس الأمن القومى فى 30 سبتمبر 1973م أى قبل الحرب بستة أيام وقد كتبه معظم الحضور فى مذكراتهم وأولهم الرئيس فى كتابه البحث عن الذات وقد نشر المحلل السياسى الكبير السيد هانى تفاصيل الاجتماع فى كتابه «عملية اصطياد الديك الرومى» تحت عنوان: «أعظم حروب التاريخ» تفاصيل هذا الاجتماع من خلال مذكرات الحضور فضلاً عن مذكرات بعض السياسيين مثل أحمد أبوالغيط أمين جامعة الدول العربية.
يقول أبوالغيط فى كتابه شاهد على الحرب والسلام: إن الاجتماع أطلق عليه «اجتماع قرار الحرب»: قال السادات فى بدايته إنه يعقد هذا الاجتماع لكى يضع الحضور فى الصورة بهدف مراجعة الموقف العام فى مصر والتحرك فى مواجهه تحديات هذا الوضع.. إن أياً من حكام مصر على مدى خمسة آلاف عام لم يواجه الوضع الذى نواجهه حالياً كما أنه لم يواجه مسئول مصرى ما يواجهة الرئيس من تحديات على مدى سبعة آلاف عام من التاريخ المصرى المكتوب وأن هذه الأوضاع بالتالى تفرض على صاحب القرار وهذه المجموعة الصغيرة من المسئولين المصريين واجب اتخاذ القرار المصرى وأن تقرر مصر لنفسها ولا تترك القرار لأحد آخر.
ثم أخذ السادات فى تحليل الوضع الدولى وارتباطه بالصراع مع إسرائيل فتناول موقف أمريكا لإسرائيل الحريص على تفوقها على العرب مجتمعين وكذلك موقف الاتحاد السوفيتى المماطلة فى دعم مصر ومنحها الأسلحة المتقدمة وموقف البلاد العربية.. ثم انتهى إلى القول إن القوات المسلحة قد جرى إعدادها على مدى الفترة من أكتوبر 1972إلى اليوم بشكل يتيح لها قدرات وإمكانيات كبيرة للعمل العسكرى.. وأن الأمر يتطلب بالتالى أن نقرر قرارنا بالمضى إلى المعركة المسلحة وإنه يطلب رؤية الجميع فى هذا القرار.
يقول أبوالغيط نقلا عمن كتبوا محضر الاجتماع بخط أيديهم: أن ردود فعل المسئولين الحضور جاءت بشكل يكشف الكثير من صعوبات الوضع الداخلى من ناحية وكذلك بعض اختلافات الرؤى بالنسبة لشكل المعركة وتحدث البعض عن الخلافات العربية وتأثيرها السلبى على قدرة مصر لحشد موقف عربى شامل وان المطلوب هو توفير المزيد من الوقت لمصر يصل إلى ستة أشهر إضافية كما اطلع أحمد ثابت وزير التموين عام 73 الحضور على الوضع التموينى الصعب بالبلد فأخذ يشرح بالتفاصيل العجز فى الأرز وصعوبات توفير القمح والزيوت وضرورة توفير احتياجات البلاد التموينية لمدة 3 شهور لينتهى بأن الوضع التموينى ليس جاهزاً كما تحدث البعض عن إطار زمنى للحرب وأسلوبها هنا تدخل اللواء أحمد أسماعيل قائلاً: إن الظروف الحالية والعسكرية لا تمكن مصر أو تتيح لها تحرير كامل الأرض فى ضربة واحدة شاملة وأن أوضاع القوات المسلحة أصبحت مطمئنة.
علينا أن نحيط الشعب بالحقيقة. فإذا ما كسرنا وقف إطلاق النار فمعنى هذا أننا ما زلنا أحياء وقادرين، أما مسألة التموين والحاجة إلى الوقت وغير ذلك فلست على استعداد للخضوع لهذه الاعتبارات وأقول على القوات المسلحة أن تقبل التحدى وعلينا أن نقول للعالم إننا احياء مصر لن نستطيع الصبر إلى الابد ويجب أن نتحرك وكل العناصر تضغط على مصر لكى تنهار، لكننا لن نسمح بذلك.









