مصادر أمريكية: «واشنطن» لن تسمح بتعرِيض اتفاق وقف إطلاق النار للخطر
بعد ساعات قليلة من مباحثات الفصائل الفلسطينية فى القاهرة من أجل تحقيق التوافق الفلسطينى فى إطار المرحلة الثانية من خطة وقف الحرب فى قطاع غزة، أكدت حركة فتح، أمس، أن ما صدر عن الفصائل، إثبات جديد على أن الضامن الحقيقى لأى رؤية فلسطينية جامعة هو الانطلاق من مربع الشرعية الوطنية المتمثلة فى منظمة التحرير، ودولة فلسطين.
وقالت الحركة فى بيان أن سياسات التفرد ومحاولات القفز على الشرعية أو تجاوزها لايمكن أن يُكتب لها النجاح، مشيرة إلى أن التوافق على لجنة إدارية مهنية من الكفاءات لإدارة شئون قطاع غزة لفترة محددة تُعد خطوة مهمة ومطلوبة، شريطة أن تكون هذه اللجنة تحت مرجعية حكومة دولة فلسطين.
وشددت على أن أى تجاهل لهذه المرجعية من جانب أى طرف يعتبر تكريساً للانقسام، ويخدم أهداف إسرائيل الساعية إلى فصل غزة عن الضفة والقدس، ومنع تجسيد الدولة الفلسطينية الموحدة.
وأضافت أيضاً أن الأمن فى قطاع غزة هو مسئولية الأجهزة الرسمية، وأن أى قوة دولية -إن وُجدت- يجب أن تكون على الحدود لا داخل القطاع، وبتفويض واضح ومحدد من مجلس الأمن بما لا يمس السيادة الفلسطينية ومؤسساتها الرسمية.
كما رفضت الحركة أى شكل من أشكال الوصاية أو الانتداب على الشعب الفلسطيني، موضحة أن دور لجنة السلام الدولية هو للرقابة فى إطار زمنى محدد ولضمان التزام الجميع بوقف الحرب، والإشراف على إعادة الإعمار، معلنة أن معالجة ملف السلاح يجب أن يكون ضمن رؤية وطنية تؤسس لسلطة واحدة، وسلاح وقانون واحد، لضمان وحدة الموقف والاستقرار الداخلي.
ومن جانب حركة حماس، أكد المتحدث باسم الحركة، حازم قاسم، أن المرحلة الراهنة تتطلب من جميع الأطراف الفلسطينية التقدم إلى الأمام، مشددا على أن حماس «مستعدة لتقديم مرونة».
وقال قاسم فى تصريحات اعلامية: «إننا لانفرض شروطا تعيق الشرعية الفلسطينية»، مشيرا إلى أن «الإجماع الفلسطينى ضرورة لتجاوز ألغام المرحلة».
وانتقد قاسم أداء السلطة الفلسطينية خلال السنوات الماضية، معتبرا أنها «عانت من حالة عجز وتفرد بالقرار»، داعيا إياها إلى «الابتعاد عن التحيزات الحزبية والاقتراب من حالة الإجماع».
وأضاف أن «الخطر المحدق بقطاع غزة يؤكد الحاجة الماسة لالتفاف الجميع»، حيث شدد على أنه لا يمكن لأى جهة فلسطينية أن تستبعد الأخري، داعياً إلى الإسراع فى تشكيل لجنة مستقلة لإدارة قطاع غزة.
يأتى ذلك وسط استمرار المشاورات حول مستقبل الحكم فى غزة، حيث أعلنت قوى وفصائل فلسطينية بعد اجتماعها فى القاهرة، دعمها لمواصلة تنفيذ إجراءات اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة، بما فى ذلك انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع، ورفع الحصار المفروض عليه بشكل كامل.
كما أكدت الفصائل أن المرحلة الراهنة تتطلب موقفاً وطنياً موحداً ورؤية سياسية وطنية تقوم على وحدة الكلمة، مع رفض كافة أشكال الضم والتهجير، فضلاً عن تأييدها تسليم إدارة القطاع إلى لجنة فلسطينية مؤقتة من التكنوقراط، وإنشاء لجنة دولية تشرف على تمويل وتنفيذ عملية إعادة الإعمار، إلى جانب الدعوة لاستصدار قرار أممى بتشكيل قوات أممية مؤقتة لمراقبة وقف إطلاق النار.
يذكر أن المرحلة الأولى من خطة غزة التى طرحها ترامب سابقاً، كانت قد دخلت حيز التنفيذ فى العاشر من أكتوبر الحالي، إلا أنها لاتزال هشة، لا سيما بعد الاختراقات الإسرائيلية التى شهدتها قبل أيام.
وتضغط الإدارة الأمريكية على الدخول فى المرحلة التالية من الخطة، والتى تركز على إعادة الإعمار ونشر قوات دولية عربية وإسلامية فى غزة من أجل بسط الأمن، وتشكيل حكومة فلسطينية مؤلفة من تكنوقراط بإشراف هيئة دولية.
وحول مراقبتها تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار، بدأت الولايات المتحدة فى الأيام الأخيرة برصد النشاط البرى فى غزة، باستخدام طائرات بدون طيار ، لضمان الالتزام بالاتفاق وفقاً لما ذكرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، نقلًا عن مسؤولين إسرائيليين وأمريكيين.
وقال مسئولان عسكريان إسرائيليان ومسئول دفاعى أمريكى للصحيفة:، إن تل أبيب وافقت على ذلك، مشيرين إلى أن المراقبة الجوية هى جزء من الأنشطة التى يتم تنفيذها فى «المركز المدني-العسكرى للتنسيق» الذى تم تأسيسه حديثًا، والواقع فى جنوب إسرائيل.
ولفتت الصحيفة إلى أن المراقبة الأخيرة ليست المرة الأولى التى يستخدم فيها الجيش الأمريكى طائرات بدون طيار فى غزة، إذ سبق استخدامها للمساعدة فى تحديد مواقع المحتجزين، وتقديم البيانات التى جمعتها إلى إسرائيل.
فى نفس السياق، قال عدد من المسئولين الإسرائيليين إنهم تفاجأوا بمراقبة نشاط الجيش الإسرائيلى من جانب واشنطن، حيث قال بعض من مسئولى إدارة ترامب الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لصحيفة «ذا تايمز»، هذا الأسبوع، أن البيت الأبيض يخشى أن ينتهك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اتفاق وقف إطلاق النار.
وفى وقت سابق خلال زيارته لـ«المركز المدني-العسكرى للتنسيق» الذى تم تأسيسه حديثا، ردَّ وزير الخارجية الأمريكى ماركو روبيو، على سؤال حول ما إذا كانت إسرائيل تحتاج إلى إذن أمريكى لتنفيذ ضربات فى غزة، قائلًا إن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بأمن إسرائيل وبنجاح خطة الرئيس ترامب.
وأضاف روبيو: «لا أعتقد أن هذا له علاقة بالإذن أو أى شيء من هذا القبيل.. هذا يتعلق أساسًا بأننا جميعًا ملتزمون بإنجاح هذه الخطة.. لا توجد خطة بديلة».
وكان قد وصل «روبيو» إلى إسرائيل بعد زيارة استغرقت ثلاثة أيام أجراها نائب الرئيس الأمريكى جيه. دى فانس، حيث يعد الاثنان أحدث وأعلى المسئولين فى إدارة ترامب الذين سافروا إلى تل أبيب.
تأتى زيارة روبيو بعد أن ذكرت صحيفة «هآرتس» العبرية، الخميس الماضي، أن الولايات المتحدة تتوقع من إسرائيل إبلاغها مسبقًا بأى ضربة عسكرية غير عادية فى قطاع غزة.
إلى ذلك، كشف مسئولون أمريكيون رفضوا الكشف عن هويتهم أن واشنطن أعلنت بشكل واضح لتل أبيب أنها لن تتسامح مع المزيد من المفاجآت التى قد تعرِّض اتفاق وقف إطلاق النار للخطر.
وأضافوا أيضاً أن «دى فانس» سلَّم «رسالة شديدة اللهجة» من ترامب إلى نتنياهو فى أعقاب الضربة، وتصويت الكنيست لصالح ضم الضفة الغربية.
ووفقًا لمجلة «بوليتيكو» الأمريكية، أعرب البيت الأبيض عن إحباطه إزاء الضربات الإسرائيلية فى قطاع غزة، بعد سريان وقف إطلاق فى القطاع، والتى أسفرت عن استشهاد أكثر من أربعين مدنيًا فلسطينيًا.
فى نفس السياق، ، كشفت هيئة البث الإسرائيلية، أمس ، أن الولايات المتحدة منعت تل أبيب من اتخاذ أى خطوات أو «فرض عقوبات» على حركة حماس حاليًا بسبب تأخر إعادة جثامين المحتجزين الإسرائيليين.
وأضافت المصادر أن الولايات المتحدة تمارس ضغوطًا على الوسطاء لضمان التزام حماس بإعادة رفات جميع المحتجزين.
على جانب اخر اعترفت اسرائيل بفشلها فى تدمير انفاق غزة وان 66 % منها لايزال موجود.









