تعد القمة المصرية الأوروبية، التى أفضت إلى الإعلان عن «الشراكة الإستراتيجية والشاملة» بين مصر والاتحاد الأوروبى، نقطة تحول مفصلية فى مسار العلاقات الثنائية.. لم تقتصر نتائج هذه القمة على مجرد الاتفاقيات العابرة، بل أسست لإطار تعاونى مستدام يمتد لسنوات، حاملة لمصر حزمة من النتائج الإيجابية العميقة والمحورية على الصعيدين الاقتصادى والسياسى والأمنى.. وتعزز هذه النتائج مكانة مصر كشريك إستراتيجى محورى لأوروبا فى منطقة الشرق الأوسط والمتوسط، وتساهم بشكل مباشر فى دعم مسيرة التنمية والاستقرار.
كانت الحصيلة الاقتصادية للقمة هى الأبرز، حيث وفرت دعمًا حيويًا للاقتصاد المصرى فى توقيت دقيق.
وتمثل القيمة الإجمالية لحزمة الدعم المالى والتمويل والاستثمارات التى أعلن عنها الاتحاد الأوروبى لمصر، والتى تقدر بـ12.4 مليار يورو فى سياق الشراكة الشاملة أهم مكسب فورى.. وتتوزع هذه الحزمة لتعالج الاحتياجات الملحة وتدعم التنمية المستدامة.
والجزء الأكبر من هذا المبلغ موجه كـقروض ميسرة لدعم الاقتصاد الكلى والموازنة، مما يُساعد مصر على تلبية التزاماتها المالية ويعزز الثقة فى قدرتها على تنفيذ الإصلاحات الهيكلية المتفق عليها مع المؤسسات الدولية.. وقد تم توقيع مذكرة تفاهم بشأن شريحة دعم مالى كلى بقيمة 4 مليارات يورو.. وكذلك الالتزام بتعبئة استثمارات إضافية تصل إلى مليارات اليوروهات، مما يعزز من تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر الأوروبى إلى مصر، خاصة فى القطاعات الإنتاجية.. وكذلك تخصيص مبلغ مهم فى صورة منح ثنائية لدعم برامج محددة مثل التعليم، والصحة، والتحول الأخضر، مما يساهم مباشرة فى التنمية البشرية والاجتماعية دون زيادة عبء الدين.. وقد عملت القمة على ترسيخ مصر كـمركز إقليمى للطاقة النظيفة، وربطها بسلاسل الإمداد الأوروبية، من خلال التركيز على التعاون فى مجال الطاقة المتجددة «الهيدروجين الأخضر» والربط الكهربائى.
ولقد أكدت مصر رغبتها فى أن تكون الحليف الصناعى والتكنولوجى لأوروبا، مما يفتح الباب أمام نقل التكنولوجيا وتوطين الصناعات الأوروبية فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس والمناطق الصناعية الأخرى، لخدمة الأسواق الإقليمية والأوروبية.
ولم تقتصر مكاسب القمة على الجانب الاقتصادى، بل امتدت لترسخ مكانة مصر السياسية والدولية.. وتم الارتقاء بمسار العلاقات إلى «الشراكة الإستراتيجية الشاملة».. وهذا يعكس اعترافاً أوروبياً واضحاً بالدور المحورى لمصر كشريك موثوق وقوة استقرار إقليمية فى منطقة مضطربة.. وتمثل هذه الشراكة شهادة ثقة دولية فى قدرة مصر على مواجهة التحديات الإقليمية والاقتصادية، وتوفر غطاء سياسياً واقتصادياً لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى.
كما أكدت القمة أهمية التنسيق المشترك لمواجهة التحديات الإقليمية، لا سيما الأزمة فى قطاع غزة والملفات الإقليمية الأخرى مما يعزز من تأثير الدبلوماسية المصرية فى هذه الملفات.. وتم الاتفاق على تعزيز التعاون فى ملفات الهجرة والتنقل، مع دعم جهود مصر فى استضافة اللاجئين.. كما أكدت الالتزام بإنشاء مسارات منظمة وآمنة للهجرة الشرعية عبر «شراكة المواهب»، مما يخدم مصالح مصر من خلال توفير فرص عمل للشباب المصرى المؤهل فى أسواق العمل الأوروبية.
وقد عززت القمة من فرص التعاون فى مجالات حيوية تخدم التنمية المستقبلية، والتوقيع على اتفاقية انضمام مصر كـدولة شريكة فى برنامج «أفق أوروبا» وهو أضخم برنامج أوروبى للبحث والابتكار بميزانية تصل إلى 95.5 مليار يورو.. هذا الانضمام يتيح للجامعات ومراكز الأبحاث والعلماء المصريين فرصة المشاركة فى المشاريع البحثية الأوروبية، والحصول على التمويل، وتبادل الخبرات.
والخلاصة تمثل القمة المصرية الأوروبية نقلة نوعية فى العلاقات، وتحقيقًا لمكاسب متعددة الأوجه لمصر.. لم تقتصر الإيجابيات على الدعم المالى الذى يمثل شريان حياة للاقتصاد فى الوقت الراهن، بل امتدت لتشمل التمكين الإستراتيجى لمصر كمركز للطاقة والابتكار والاستقرار.
 
		 
		
 
  
 







