استضافة مصر مؤتمر السلام بحضور زعماء العالم لوقف الحرب الدائرة بين إسرائيل وغزة منذ عامين، والتى تعرضت فيها غزة لخسائر مادية تجاوزت 80 مليار دولار، يمثل نقطة تحول عظيمة للاقتصاد المصرى، بعد رفع التصنيف الائتمانى من قبل وكالة- ستاندرد آند بورز- من B- إلى B كدليل على الإصلاحات الهيكلية المصرية تسير فى الاتجاه الصحيح، عبر مساهمات فعلية من قطاعات الاقتصاد الحقيقى وعلى رأسها الصناعة، واستمرار نمو السياحة والاتصالات وغيرها، وتحويلات المصريين بالخارج. لكن نقطة التحول الأكبر ستكون عبر استضافة مصر فى نوفمبر القادم مؤتمراً للدول المانحة بعنوان التعافى المبكر وإعادة الإعمار والتنمية والذى سيتضمن ثلاثة محاور رئيسية، الأول تثبيت الاستقرار، الثانى توفير الضمانات، الثالث جذب التمويل. وهو ما قد يمثل نقطة التحول المفصلية فى الاقتصاد المصرى جنباً إلى جنب مع ما تم تنفيذه للسياسات المالية والنقدية وتنفيذ سقف للاستثمارات العامة، وهى الإجراءات التى ساهمت فى تعزيز استقرار الاقتصاد الكلى، وجذب الاستثمارات الخاصة، وعودة نمو الناتج المحلى الاجمالى رغم التطورات الجيوسياسية الصعبة على الصعيدين الإقليمى والعالمى، وهى ركائز السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية التى تمثل حلقة ربط بين رؤية مصر 2030، وبرامج عمل الحكومة. وبالتالى فإن نجاح مصر بأن تكون محط أنظار العالم قد جاء خلال استضافتها قمة السلام الأسبوع الماضى بمدينة السلام شرم الشيخ، إصرار الدولة المصرية على بناء اقتصاد قوى قائم على الإنتاج والتصنيع وجذب الاستثمارات الأجنبية، فى وقت يشهد فيه العالم اضطرابات اقتصادية حادة، وهو ما يعزز ثقة الشركاء الدوليين فى الاقتصاد المصرى.
وبالتالى فإن انعقاد القمة المصرية الأوروبية للمرة الأولى يعكس مدى التزام الطرفين بتعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية، كما يعكس أن التطلعات من هذا المؤتمر تتجاوز ما كان يتم سابقاً لتشمل نتائج تدعم عملية التبادل التجارى والاستثمارى بين مصر ودول الاتحاد الأوروبى، لتتحقق معه مصالح الجانبين ويعزز الاستقرار الاقتصادى فى المنطقة كلها وعلى رأسها دولة فلسطين، وذلك عبر تأكيد الاتحاد الأوروبى ما يلى.. أولاً: التزامه بدعم جهود مصر لتحقيق الاستقرار الاقتصادى من خلال حزمة تمويلية قدرها 7.4 مليار يورو تشمل قروضاً ميسرة واستثمارات، لتشمل تعبئة ما يصل إلى 5 مليارات يورو حتى عام 2027، فى إطار مبادرة التعاون الطاقى والتكنولوجى المتوسطى، مع تسريع التحول نحو اقتصاد منخفض الانبعاثات، عبر الطاقة الشمسية والرياح وربط الشبكات الإقليمية. ثانياً: تأكيد الاتحاد الأوروبى التزامه بالتحول الأخضر العالمى وتعزيز الاقتصاد الدائرى والاستثمار فى الطاقة النظيفة والنقل المستدام والزراعة الخضراء، مع دعم مشاريع مثل مبادرة محور الماء والغذاء والطاقة. ثالثاً: التعاون فى مجالات التحول الرقمى والذكاء الاصطناعى والأمن السيبرانى وتطوير المهارات الرقمية والبنية التحتية للبيانات.. رابعاً: الموافقة على انضمام مصر إلى برنامج أفق أوروبا ما يتيح للباحثين المصريين المشاركة الكاملة فى مشروعات البحث والابتكار الأوروبية. مع دعم إصلاح التعليم الفنى والمهنى (TVET) وتطوير المدارس التكنولوجية التطبيقية.
وبالتالى فإننا نرى أن عقد القمة المقبلة بين الاتحاد الأوروبى ومصر فى القاهرة عام 2027 ستكون مساراً لأفق أكثر وضوحاً، والابتعاد عن أنفاق إسرائيل المظلمة.. وللحديث بقية إن شاء الله.









