هذا الجهاز الصغير الذى تضعه فى جيبك او تتركه على منضدة حجرتك جاسوس خطير.. يرصد كل صغيرة وكبيرة عنك وعن اسرتك بالصوت والصورة بدءاً من لون عينيك.. وطولك ووزنك.. شعرك ناعم ام مجعد ام اصلع.. اهتماماتك.. كيف تقضى وقتك.. وظيفتك.. ميولك السياسية والدينية.. معلومات بسيطة وتمنحها بنفسك وبكل سهولة لهذا الجاسوس الخطير.. شبكة معلومات دقيقة عن كل فرد.. ثم رؤية عامة للمجتمع والشعب الذى يمثل فيه الفرد لبنة فى هدم البناء الكبير.. معلومات شاملة ومتنوعة يتم رصدها وتكوينها عن المجتمع دون ان تدرى.. فلا تظن ان الاسئلة العابرة التى يطرحها عليك اى موقع او صفحة.. تأتى عفوية او مصادفة.. وانما هدفها رصد معلومات عنك واوصافك بدقة.. فعندما تشاهد مثلاً عيوناً زرقاء جميلة.. ويبادرك السؤال هذه عيونها زرقاء فما لون عينك.. او هذه الجميلة وزنها 70 كيلو فما وزنك.. هذه حسناء سمراء.. اى لون بشرة تفضل.. او يأتى لك بصورة مصحف وصورة اموال.. ويسألك ايهما تختار؟! كل هذه النوعية من الاسئلة التى يطرحها عليك اى موقع او صفحة ليست عفوية او للتسلية.. واذا تحدثت مثلاً عن نوع سيارة معينة تريد شراءها.. حتى لو الهاتف مغلق.. اذا تصفحت الهاتف وجدته تلقائيا جاء لك بكل انواع وموديلات السيارات التى تحدثت عنها.. ذكاء اصطناعى فائق.. والقادم فوق تصور البشر.. ومن خطورة هذا التطور المذهل ليس على فرد او مجتمع بعينه وانما على العالم بأسره.. فكل ما تقرأه او تسمعه عن الذكاء الاصطناعى ليس الا واحد على مائة.. التطور المذهل للذكاء الاصطناعى.. وابحث عن الاسباب التى جعلت ابوالذكاء الاصطناعى يقدم استقالته لشركة «جوجل» اعترافاً بخطورة ذلك على البشرية بأسرها وهذا الابداع البشرى والاستمرار فى البحث والابتكار والتطور المذهل سوف يكون مصحوبا بعواقب وخيمة.. ويمكن بقليل من تداخل وتعدد الاوامر والمهام للذكاء الاصطناعى.. ان تكون نتائجه كارثية.. مثلما حدث من قوات الاحتلال عندما استخدمته فى تحديد شخصيات مستهدفة مطلوب قتلهم.. ونفذوا بصورة عشوائية وغير دقيقة.
>>>
والصراع الامريكى الصينى الان والقادم ليس على نووى او ذرى او صواريخ عابرة للقارات المحملة بالرؤوس النووية.. وانما صراع وسباق بشأن تطبيقات التواصل الاجتماعى خاصة ان تطبيق «تيك توك» الصينى يسحب البساط بقوة من التطبيقات الاخرى وصعوده بسرعة الصاروخ وربما نافس على المرتبة الاولى بين التطبيقات الشهيرة فهو الآن يأتى فى الترتيب الخامس بعد فيسبوك.. ثم يوتيوب.. ثم واتس آب ثم انستجرام.. ثم «تيك توك» وغرام شباب وفتيات امريكا بهذا التطبيق الصينى حيث يوجد حوالى 200 مليون مشترك من شباب وفتيات أمريكا فى «تيك توك».. والصراع السياسى والاقتصادى بين التطبيقات بين الشركات والدول ورصد البيانات وعمليات التجسس الواسعة.
>>>
اما الغريب والعجيب حقاً.. والذى يثير دهشتى بصفة شخصية.. ان العالم يسابق الزمن فى التقدم العلمى والذكاء الاصطناعى.. ووصل القمر وصنع النووى والذرى والطائرات بدون طيار.. ومترو الانفاق الالكترونى الذى يقطع رحلته بسرعة ودقة متناهية.. دون قائد.. وكل يوم يبتكر جديداً.. فى دنيا الطب والصناعة الزراعة وتكنولوجيا المعلومات..شغلنا انفسنا بالمركز الفلانى.. والشخص العلانى.. والبحث فى غيبيات لا شأن لبشر بها.. والتشكيك فيه.. تسابقنا فى ضرب القيم وثوابت السلوك القويم.. اهملنا العلم والعمل والامانة.. واصبحت حياتنا.. مطرب المهرجانات.. وراقصة المناسبات.. وتريند العاريات.. وهذا يمتلك اسطول سيارات من الهلس وذلك لديه طائرة من الفن الهابط.. وتلك صارت امبراطورة من عُريها وفيدوهاتها على مواقع التواصل.. وبحثها عن التريند بضرب القيم النبيلة وهدم اخلاقيات المجتمع الرهينة.. شغلنا انفسنا بمطربى المهرجانات والاسفاف.. وصنعنا منهم نجوم مجتمع واثرياء قوم.. بينما هناك عشرات المبدعين والمبتكرين من الشباب المصريين فى كل المجالات الطب والهندسة والتكنولوجيا.. يُشار اليهم بالبنان فى كل دول العالم بينما لا يعرفهم احد.. ولم يتحدث عنهم احد.. هؤلاء هم القدوة الذين يجب ان يضعهم شبابنا نصب عينيه.. يسير على نهجهم وعلمهم.. وهناك فتيات مصريات مقدمة عالمات العالم.. هؤلاء يجب ان يكونوا هم القدوة والنموذج وليس الباحثين عن الإثارة والمزيد من المال والشهرة بالضرب فى ثوابت الدين واخلاقيات المجتمع.. او الباحثات عن التريند والدولارات بالخلاعة والتعري!!
>>>
فى بداية الثمانينيات.. كانت هناك مدارس ثانوى رياضية يلتحق بها المواهب فى كل الالعاب بشرط ان يكون حاصلاً على بطولة جمهورية على الاقل او يمثل احد اندية الدرجة الاولى.. ولكن لم تحقق الهدف.. ولم تلتزم بضوابط الالتحاق ولم تؤت ثمارها.. اتمنى من كل ادارة تعليمية ان تبحث عن مواهب المدارس والمتفوقين علمياً من الابتدائى وحتى الثانوى فهؤلاء يستحقون الرعاية والاهتمام ليكونوا قدوة ومثلاً لزملائهم.