مع العمليات البطولية للجيش المصرى فى سيناء فى مقاومة الارهاب الداعشى المجرم منذ بدء العام 2014 وحتى اليوم (2024)، تعيش مصر مرحلة سياسية شديدة التعقيد، مُتصارِعة الأحداث والتطورات، خاصة بعد حرب الابادة الاسرائيلية فى غزة وهي- تطورات – من شدّتها تؤثّر مباشرة على مكوّنات الأمن القومى المصرى وعلى دور مصر الإقليمى والدولى، والمراقب لهذه المرحلة منذ إزاحة حُكم جماعة الإخوان الارهابية فى 30يونيو 2013، والذى أثبت فشلاً صريحاً فى إدارة الثورة والدولة، يلحظ أن مهدّدات الأمن القومى المصرى ازدادت تنوّعاً ووضوحاً بعد تمكّن الجيش والشعب المصرى من إسقاط حُكم هذه الجماعة المحسوبة زيفاً على الإسلام، وإنهاء مخطط الغرب وإسرائيل فى خلق الفتن والفوضى فى المنطقة بدءا بتونس ومصر مرورا بليبيا والعراق وانتهاء بسوريا… لقد كان الهدف الاكبر لتلك المخططات المشبوهة هو إنشاء شرق أوسط جديد بقشرة إسلامية يخدم إسرائيل ويصبّ فى مصلحة الغرب.. ولكنه فشل بفضل التضحيات الكبيرة لجيوش وشعوب الدول المستهدفة وفى مقدمتها مصر !.
إن إنهاء هذا المخطّط ساعد على بروز تهديدات عدّة حاولت بعد ثورة الشعب المصرى فى 2013 أن تؤثّر سلباً على الأمن القومى المصرى ومن ثم العربى، وكانت سيناء ولاتزال هى المجال الجغرافي- الاستراتيجى لتلك المخططات فتنامت جماعات العُنف الدينى واستمرت عمليات الإرهاب المُمنهَج ضد جنود وضباط الجيش والشرطة ولكن صلابة وتضحيات الجيش والشرطة استطاعت أن تئد تلك الفتن وتنتصر عليها.. واليوم يحاولون إحياءها بوسائل أخرى منها مخططات التهجير للفلسطينيين إلى شمال سيناء مستغلين أحداث العدوان الاسرائيلى المجرم ضد المدنيين الابرياء فى مدن غزة بعد عملية طوفان الاقصى،والسؤال الآن وبشكل إستراتيجى.. لماذا يستهدف (أهل الشر من أجهزة وأنظمة وجماعات متطرفة) سيناء ؟ هل هو الموقع؟ هل هى ثروات سيناء؟ هل هى الاطماع التاريخية المتجددة ؟ ما السبب ؟ أم هى كل هذا معا…لنبحث الامر بإيجاز.
وفى زحمة الأحداث وفى أجواء الصراعات الإقليمية والدولية والحرب العدوانية على غزة، نسيَ بعض بنى وطنى أخطر بوابة لأمن مصر القومى وانشغلوا بالتافه من الأمور، إنها بوابة سيناء (61 ألف كم2 من مساحة مصر)، ونسوا جميعاً حقيقة تنقلها لنا يومياً الصحافة الإسرائيلية والعالمية: وهى أن اعداء مصر من قوى وجماعات وأجهزة مخابرات تريد اغتيال سيناء، سواء بشكلٍ مباشرٍ عبر خطط تخريبية مُتمثّلة فى اختراق تنظيمات الغلوّ الدينى أو عبر زرع الفتنة الكبرى بين الفلسطينيين فى قطاع غزّة وبين مصر تحت مُسمّى توطين الفلسطينيين فى سيناء لإنشاء دولة غزّة الكبرى بعد التهجير القسرى .
إن سيناء التى لا يعرفها هؤلاء بعد هى فضلاً عن كونها موقعاً استراتيجياً للأمن القومى المصرى وهى عمق اقتصادى للوطن بما يحتويه من ثروات طبيعية مهمة. هى أيضاً، وهذا ما لا يعرفه الكثيرون، مزار دينى وسياحى من الدرجة الأولى حيث توجد فيها مزارات سياحية مثل «قلعة صلاح الدين – طريق حورس – طريق الحجّ المسيحى – طريق جبل النقب – دير سانت كاترين – الشجرة المُقدّسة – عيون موسى – حمّامات فرعون، وهى وفقاً لقول اللواء فؤاد حسين (الذى خدم فيها عبر جهاز المخابرات الحربية) فى حوار مهم له مع جريدة الأسبوع المصرية بتاريخ 1/10/2012، «تتعرّض لمؤامرةٍ من إسرائيل ومن أطرافٍ أخرى، فالإسرائيليون سرقوا التاريخ من سيناء، ونقلوا إلى إسرائيل أعمدة معبد «سرابيط الخادم» الموجود فى منطقة «أبو زنيمة» وهو من أهم المعابد الفرعونية وهو يخلّد «حتحور» حيث كان فرعون مصر لا يتسلّم صولجان الحُكم إلا بعد تقديم فروض الطاعة فى هذا المعبد.
لقد حدثت على أرض سيناء 13 معجزة إلهية، أهم أربع معجزات فيها حدثت فى جبل الطور الذى تم ذكره فى القرآن الكريم 13 مرة، ومع ذلك هو غير موجود على أية خريطة مساحية أو سياحية مصرية
ومن الامور المهمة التى ينبغى أن ننبه الانظار اليها..خاصة أنظار بعض مثقفينا المندفعين بقوة لقراءة الاحداث الاخيرة من (منظار أحداث غزة) فقط … بعيدا عن التاريخ والمؤامرات القديمة ضد مصر وضد سيناء بوابة الامن القومى التاريخى لمصر حيث توجد (أطماع وأحلام قديمة) لدى المتطرفين الإسرائيليين منذ المؤسّس «هرتزل»، وبين أيدينا إحدى الوثائق القديمة والخطيرة فى آنٍ واحدٍ، والتى أرسلها هرتزل إلى وزير المُستعمرات البريطانية تشمبرلين فى (12/7/1902) والتى يُضمّنها مشروعه الاستعمارى، والاختيارات المفتوحة أمام هذا المشروع يأتى فى مُقدّمتها خيار التوطين فى سيناء، أو العراق ويُبيِّن ولأول مرة وعلى عكس ما هو رائج لدى بعض المؤرِّخين وكثيرٍ من (الإسلاميين!!) أن السلطان العثمانى قد عرض عليه توطين اليهود الصهاينة فى العراق وليس فى فلسطين أو سيناء ولكنه – أى هرتزل – كان يُفضِّل سيناء.
> دعونا نقول ختاماً إن ضرورة الانتباه وبقوة لمخططات الارهابيين ومحركيهم الاقليميين والدوليين ضد سيناء لخطفها وإبعادها عن الوطن.. مخططات يرفضها الشعب والجيش والدولة المصرية بكل قواها لعلمها بأخطارها الكبرى على الامن القومى.. وهذا الرفض- بالرغم من ذلك – يحتاج لتقويته إلى استمرارية عبر استراتيجية تعمير وتجديد للانتماء برؤية وطنية واسعة ومستقبلية.. وهو جوهر ما تقوم به الدولة اليوم.. حفظ الله مصر ونصر وثبت أهل غزة فى وطنهم: فلسطين.. ففى ذلك حماية لسيناء وللقضية الفلسطينية.