أعلن قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، عن انعقاد المؤتمر السادس لمجلس الكنائس العالمي غدًا الجمعة، في دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون.
وأعرب البابا عن ترحيبه بانعقاد المؤتمر في مصر، التي تستضيفه الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، مشيرًا إلى أن المؤتمر سيحضره 500 شخص يمثلون 100 دولة من العالم.
استضافة تاريخية:
وفي سابقة هي الأولى، أوضح البابا أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تستضيف لأول مرة مؤتمرًا دوليًا لمجلس الكنائس العالمي، كما أنها المرة الأولى التي تعقد فيها لجنة الإيمان والنظام بالمجلس مؤتمرها (وهو السادس خلال 100 سنة) في كنيسة شرقية أرثوذكسية بأفريقيا، على أرض مصر.
تكريم القديسين:
أضاف البابا أن المؤتمر سيتناول الحديث عن مجمع نيقية، مشيرًا إلى أن المجمع انعقد في وقت كانت فيه الكنيسة واحدة. واختاروا إقامته في مصر لأن مجمع نيقية انعقد لمناقشة مشكلة نشأت على أرضها، وهي بدعة آريوس.
واعتبر البابا استضافة المؤتمر تكريمًا للقديسين البابا ألكسندروس (البابا رقم 19) والبابا أثناسيوس (البابا رقم 20)، قائلاً: “رأينا أن أفضل تكريم لهما أن تأتي كل كنائس العالم إلى مصر ونحتفل بتاريخ كنيستنا القويم”.
قرارات نيقية الهامة:
وأشار إلى أن أهم قرار صدر عن مجمع نيقية هو حرمان آريوس وصدور قانون الإيمان المأخوذ من الكتاب المقدس، والذي يتلوه الأقباط وهم وقوف في وضع الصلاة “أي أننا نصلي به ونردده بصوت عالٍ وقوي”. كما كان من قرارات نيقية تكليف بابا الإسكندرية بتحديد موعد عيد القيامة للمسكونة كلها، مع ملاحظة أن اختلاف التقاويم هو ما جعل الغرب يحتفل في وقت يختلف عن الشرق، حيث يتفق الشرق والغرب في الاحتفال بالعيد مرة واحدة كل أربع سنوات.
تفاصيل المؤتمر:
واستأنف البابا حديثه عن المؤتمر قائلاً إن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تستضيفه باسم المجمع المقدس وكل الأقباط، وباسم مصر أيضًا. وقد جرت أعماله على جزأين:
- الجزء الأول (دراسي): بدأ يوم 12 أكتوبر الجاري وحضره 150 شخصًا.
- الجزء الآخر (أكاديمي): سيبدأ غدًا الجمعة وسيحضره 350 شخصًا، بإجمالي 500 شخص.
سيتضمن المؤتمر الأكاديمي تقديم أوراق بحثية تتناول موضوع “كيف نحقق روح نيقية في أيامنا هذه؟”. وذكر البابا أن مجمع نيقية شهد اجتماع 318 أسقفًا وبطريركًا لمدة شهر، وخلال مناقشاته برزت براعة الشماس أثناسيوس، الذي رسمه البابا ألكسندروس كاهنًا ليتمكن من الحضور، وصار “نجم المجمع” حيث تم وضع قانون الإيمان.
الهدف: المحبة لا الوحدة العقائدية:
وشدد البابا على أن الهدف من هذا المؤتمر ليس تحقيق وحدة الكنائس، وإنما إقامة علاقات محبة بين جميع الكنائس، مؤكدًا أن المناقشات الخاصة بالعقيدة مكانها الحوارات اللاهوتية بين الكنائس. ونوه إلى أن الأوراق البحثية ستقدم بشكل أكاديمي يطرح كيفية استعادة روح مجمع نيقية، وهو بذلك مؤتمر علمي وليس حوارًا لاهوتيًا.
جاء هذا التصريح قبل بدء عظته في اجتماع الأربعاء الأسبوعي الذي عقده مساء أمس، في كنيسة السيدة العذراء ورئيس الملائكة ميخائيل بعين شمس.
مساران للكنيسة القبطية:
أوضح البابا أن الكنيسة القبطية، “صاحبة التاريخ الطويل العميق الثابت والراسخ كالجبل، وواحدة من أقدم كنائس العالم وهي معلمة المسكونة”، تعمل على مسارين:
- المسار الأول (علاقات المحبة): إقامة علاقات مع كل كنائس العالم لدعم المحبة، وتبادل الزيارات والعمل المشترك، مشيرًا إلى أن الكنيسة القبطية “كنيسة أم وبهذا تستطيع أن تقيم علاقات محبة مع الكل”.
- المسار الثاني (الحوارات اللاهوتية): وهي حوارات رسمية تتم بمعرفة المجمع المقدس، ويُشكل لأجلها وفد رسمي لمناقشة نقاط محددة. وأشار إلى وجود حوارات قائمة حاليًا مع الكنيسة الروسية والكاثوليكية والبيزنطية، بهدف “فهم بعضنا البعض، ودراسة التاريخ والعقيدة والتقاليد”.
واختتم البابا حديثه معربًا عن سعادتهم باستضافة هذا المؤتمر العالمي، الذي يتيح لكنائس العالم التعرف على أصالة الكنيسة القبطية وتاريخها العريق، وحرصهم على إقامته في “حضن دير القديس الأنبا بيشوي”، وهو دير رهباني منذ القرن الرابع، لإتاحة الفرصة للضيوف للتعرف عن قرب على أصالة الكنيسة.









