د. أحمد معبد مُحَدِّثِ العصر بلا شريك، أحد الذين يأتيهم طلاب عِلْمِ الحديث من كل دول العالم.. «الجمهورية» حرصت على توثيق سيرته الذاتية بصورة تتفق والمقام الصحفي.. كما ناقشنا معه العديد من القضايا الوطنية والأخرى المتعلقة بتخصص عِلْم الحديث.. أكد د. معبد أن التراث الإسلامى يحافظ على الهوية الوطنية بما يتضمنه من قواعد تدعم الانتماء وتساعد على تحقيق التنمية.. داعياً إلى تجديده بما يتوافق وتحديات العصر.. مشيراً أن المهاجمين للتراث تهدف إلى هدم الثوابت الدينية والوطنية.
تحدث د. معبد عن بداياته ذاكراً أن ميلاده فى إحدى قرى محافظة الفيوم عام 1939م فى بيت ريفي، وشاءت إرادة الله تعالى أن يرحل والده بعد ولادته بثلاثة أشهر، وقد سبقه فى الميلاد 5 أخوات، قامت والدته على تربيتهم، ورغم أنه الولد الوحيد إلا أن والدته أصرت أن توجهه لطلب العلم وحفظ القرآن الكريم، وتعلم القراءة والكتابة، ثم الحقته بالأزهر الشريف، مضحية بكل ما تملك، ورغم ضيق اليد لكنها أصرت أن يسافر القاهرة للدراسة بالأزهر الشريف للحصول على التعليم الأزهري، فالتحق بمعهد القاهرة الديني، ووقتها كانت الابتدائية 4 سنوات، والثانوية 5 سنوات، وبعدها التحق بكلية أصول الدين، وتخصص فى علم التفسير، وحصل على الليسانس بدرجة امتياز، ولم يتم تعيينه معيدا، فعمل بوزارة الأوقاف، واستطاع الحصول على الماجستير فى تخصص التفسير بعنوان: «الثروات الطبيعية والتصنيع بين ضلالة الإنسان وهداية القرآن»، ولكن القدر كان له رأى آخر، حيث أراد الله تعالى ألا يستمر فى التفسير، وتغير مسار حياته إلى علم الحديث الشريف، ثم حصل على الماجستير مرة ثانية فى الحديث بعنوان «الحافظ العراقى مُحَدِّثَا» ثم الدكتوراه بعنوان «الحافظ العراقى وأثره فى السُنَّة» وهى رساله مطبوعة فى خمس مجلدات، وقبل حصوله على الدكتوراه وافقت أصول الدين على تعيينه معيدا عام 78 ثم عمل مدرسا بالكلية، ليسافر بعدها إلى المملكة العربية السعودية للتدريس بكلية أصول الدين بالرياض، وكان ينوى أن يكون السفر عاما واحدا مرافقا زوجته المتخصصة فى أحد مجالات الطب النادرة، فإذ بهذه السَنَةِ تمتد 18 عاما، عمل خلالها بجامعة الإمام محمد بن سعود، فقام بإنشاء مدرسة الحديث لأول مرة فى الرياض، وتتلمذ على يديه فيها عدد من رموز الدعوة بالمملكة العربية السعودية، وأبرزهم: د. عبدالرحمن السديسي، إمام الحرم المكي، وبعد رحلة سفر عاد إلى مصر عام 1998م وتم تعيينه أستاذا مساعدا بقسم الدعوة فى أصول الدين بالزقازيق، وباشر نشاطه فى تدريس الحديث وعلومه، وعِلْمِ عِلل الحديث، وساعده على إنشاء هذه المدرسة الحديثية بكليات أصول الدين د. أحمد الطيب وقتما كان رئيسا لجامعة الأزهر حينما طلب منه وضع منهج لمادة علل الحديث ودراسة الأسانيد، حتى يعود الأزهر الشريف إلى مجده القديم فى كل التخصصات.
> هل تحرص مناهج الحديث على إرساء معانى الوطنية؟
>> عِلْمُ الحديث جزء من البناء الفكرى الإسلامى العقائدى والمعرفي، ولن تبالغ القول بأن عِلْمَ الحديث هو منبع الوطنية، فلم نعرف مدى ارتباط الإنسان بوطنه إلا من حديث عبدالله بن عباس أن رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ خاطب مكَّةَ وقت الهجرة قائلا: ما أطيبَكِ من بلدٍ وأحبَّكِ إليَّ، ولولا أنَّ قومى أخرجونى منكِ ما سَكَنتُ غيرَكِ، برواية أخرى عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال فى حب مكة: واللَّهِ إنِّى أعلمُ أنَّكِ خَيرُ أرضِ اللَّهِ وأحبُّها إلى اللَّهِ ولَولا أنَّ أهلَكِ أخرَجونى مِنكِ ما خرَجتُ، وإذا أبصرنا أو سمعنا بالقلوب قبل الآذان فإننا ندرك من هذه الأحاديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغت محبته وطنه أن جعله كائنا حَيَّا يخاطبه بمشاعره الوجدانية، بل كان كثير الدعاء للمدينة بين الحين والآخر، وكان إذا غاب عن المدينة عاد إليها مُسْرعا شوقا إلى رؤيتها، ويلقى عليها السلام، وكل هذا الإرث من المحبة للوطن لم نعرفه أو نتعلمه إلا من خلال تلك الأحاديث النبوية التى تمثل منهجية متكاملة فى صلة الإنسان بوطنه ودعم روابط الأدب مع الوطن، والأدب عنوان المحبة، والمحبة عليها دلائل، أبرزها عدم العدوان أو الطغيان، وأن يسارع الإنسان فيما ينفع وطنه بالعمران.
> هل معنى هذا أن التيارات المعادية للوطن مجافية لحديث رسول الله؟
>> ليس هناك شك أنهم لا يعرفون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا باللفظ فقط، ينقلون النصوص بظواهرها فى بعض القضايا ولا يفهمون الأبعاد المقصودة ولا عمومية المعني، لدرجة أنهم رددوا باطلاً بأن هذه الأحاديث وردت قاصرة على مكة فقط، متجاهلين أن العبرة بعموم اللفظ وليس بخصوص السبب، وهذه القاعدة النورانية فى علوم الشرع تؤكد أن الدين لا يؤخذ من هاوٍ، فطبائع الهواة قادرة على تدمير الأوطان والإنسان، وقد رأينا مسبقا الدواعش يقومون بالحرق للإنسان والأوطان ويدعمون قبيح أفعالهم بشبهات ينسبونها إلى الشرع، متجاهلين أن الشرع الذى يتهمونه بالباطل نهى عن التدمير والتفجير والقتل والبطش، ورفع قدر الحياة والأحياء درجة القداسة ووصف الآدمى بأنه بنيان الله تعالي، وأن هادمه ملعون، وجاء لفظ الهدم عاما حتى يشمل الهدم النفسى وليس البدنى فقط، كما يتخيل البعض.
> هل المنصات الإليكترونية شريكة فى تلك الجرائم التى تسيء لسماحة الإسلام؟
>> التطور التكنولوجى له جوانب إيجابية وأخرى سلبية، وللأسف أننا أخذنا من السلبيات بحظ وافر، ويبدو أن الصدمة الحضارية افقدت التوازن لدى الكثيرين فانحرف بعضهم ذات اليمين والآخرون كان انحرافهم ذات الشمال، ولم يقف على ناصية الوسطية سوى المؤسسات المعتمدة فكريا التى تَفَرَّقَ جهدها بين الطرفين سعياً للإصلاح، مما أفقدها القدرة على الإبداع فى ظل عالم متسارع بصورة تجعل الحليم حيراناً، وللأسف الذى يبلغ حد الأسى أن تلك الشراذم تتجاوز جراثيم وبائهم إلى الغير ضعاف المناعة نتيجة فقدان أمصال الثقافة، فيتمكن منهم الداء الفكرى المتشدد، وتغريهم العوائد المالية نتيجة عدد المشاهدات، وعلى الشط يجلس أصحاب الأجندات يرددون: هل من مزيد، ويغدقون بلا حساب على السابق فى الشر غيره، والنفس إن لم تشغلها بالحق، شغلتك بالباطل، وهذا الكابوس الذى يؤرقنا جميعا يستلزم كثافة عمل من المؤسسات التربويّة والدينيّة والثقافية والإعلامية لبناء حائط وعى يحمى الشباب من الانهيار السريع، وأشد أنواع البلاء أن تصاب الأمة فى شبابها.
> ما سر استغراق كتاب فتح المغيث 10 سنوات فى تدريس كم إياه؟
>> عندما شرفت بتعيينى فى هيئة كبار علماء الأزهر قرر الإمام الطيب إعادة الجامع الأزهر إلى مجده فى تدريس العلوم الشرعية التراثية بأروقته، وفتح أبوابه لطلاب علوم التفسير، والحديث، والفقه، والفلسفة، والمنطق، والتصوف، وقمت بالبدء فى شرح كتاب فتح المغيث، ولأن الدرس أسبوعى يحضره كثير من طلاب العلم بالأقاليم، والطلاب الوافدين، وطلبة الدراسات العليا، وبعض أعضاء هيئة التدريس «وفتح المغيث» كتاب واسع ثرى فى علم مصطلح الحديث، ويتناول قضايا لم تتضمنها المؤلفات الكبري، وهدف الإمام الأكبر من تدريس تلك المؤلفات توثيق أركان التراث الذى يتم محاربته رغبة فى التأثير على هوية الأمة، حيث يسعى البعض إلى هدم الثوابت الفكرية التى تمثل ركيزة يقوم عليها البناء المعرفي، وهؤلاء المتجاوزون فى حق التراث مهوسون بالتقليد الغربي، ويجهلون أن هجومهم على التراث لن يسهم فى تغيير النظرة الغربية تجاه شعوبنا، وليس أدل على ذلك من الميزان المائل فى تعامل القوى الغربية مع قضية فلسطين، فلم تحرك سواكنهم العاطفية القلبية مناظر القتلى والجرحي، بل كلما زادت الدماء، زاد الدعم العسكري، ويجب أن نوقن أن القوة هى عنوان العصر الحاضر، وتلك القوة لم تأتى مصادفة بل لها أسس تقوم عليها أبرزها العلوم والمعرفة، ولن نتقدم علميا ولا معرفيا بدون البناء على تراثنا وميراثنا الثقافي، فإذا لم يكن للإنسان ماضٍ فلا حاضر له ولا مستقبل.
> لماذا ترتفع وتيرة الهجوم على التراث بين الحين والآخر؟
> نظرية المؤامرة صارت واقعا دوليا، وقد قرأنا تحليلات خبراء الاستراتيجية العسكرية التى تؤكد أن العالم يعتمد حاليا على حروب الجيل الخامس، وهذه الحروب تعتمد على تدمير المقدرات الفكرية والتشكيك فى الثوابت العقائدية، ولأنهم يثقون فى فاعلية أدواتهم فيسارعون إلى أصل الشجرة الثابت رغبة فى قطعه، ولا يضيعون أوقاتهم فى تقليم الفروع، وهذا ما يفعلونه فى الهجوم على التراث المتضمن الأسس الشرعية والعقائد الدينية التى ترسم صور العبادات والمعاملات التى تنظم حركة المجتمع، فإذا حدث خلل فى تلك المنظومة فإنها تخرج عن الإطار الإلهى المقصود منها، ويحدث خلل بالمجتمع، ويصبح أفراده صيدا سهل المنال ويمكن إعادة تشكيل أفكارهم بما يتوافق وتوجهات المستعمرون الجدد، لذا يجب علينا أن نستمسك بالتراث ونَعُضُّ عليه بالنواجذ وأن نركب سفينته مع تجديدها بأحدث منجزات العصر حتى لا نتخلف عن ملاحقة المستجدات.
> كيف تفسر انطلاق حملات متواصلة ضد الإمام البخارى دون باقى أئمة الحديث؟
>> قرأت البخارى وشرحت أبوابه فى الدراسات العليا وفى المرحلة الجامعية وهذه الأبواب متنوعة منها ما هو فى العقائد، ومنها ما هو فى العبادات والمعاملات والأخلاق والآداب والسيرة والتاريخ ورسالات الأنبياء، هذه الأبواب قرأتها وشرحتها، وأستطيع القول إن صحيح البخارى هو ديوان الإسلام، فلم يبدأ البخارى فيه بابا دون أن يذكر آية قرآنية تؤيد فيه الحديث الذى يذكره، وهذه ميزة البخارى التى يجهلها الكثيرون، فهو كتاب الإسلام فى عقيدته وشريعته واخلاقه، ولذلك يطعن الطاعنون فى البخارى مع وجود مسلم والترمذى وابن ماجه وابن حبان والنسائى والدار قطنى والإمام احمد، لأن كتاب البخارى أصح كتاب بعد كتاب الله تعالي، واعداء الإسلام كما طعنوا فى القرآن من قبل، فهم الآن يطعنون فى السُنَةِ النبوية المطهرة، وللأسف ما من شبهه وجِّهت إلى صحيح البخارى قديما أو حديثا إلا وهى تدل على أن صاحب هذه الشبهة لم يقرأ فى البخارى شيء، حتى أن أحمد أمين لما كتب فى «ضحى الاسلام» رغم مكانته قال: إن المحدثين لم يهتموا بنقد المتون ولكنهم اهتموا بالأسانيد، ووصف بعض أحاديث الإمام البخارى بأنها تخالف العقل، ولو قرأ أحمد أمين الأحاديث بتجرد لوصل إلى الرد السليم دون إثارة تلك الشبهات التى لا تحمل دليلا مقبولا عقليا أو منطقيا، لكن غرض هؤلاء تفسير النص على هواهم، والمعروف أن الهوى ليس له سلطان، ويدعو صاحبه إلى الباطل والله تعالي، يقول: «أفرأيت من اتخذ إلهه هواه»، ولأن العلماء متفقين أن كتاب البخارى أصح كتاب بعد القرآن الكريم، لذلك فإن المشكك إذا وصل الى هذا الهدم والضلال فإنه سيهدم ما بعده، وللأسف ما ذكرت شبهه إلا والجواب عنها حاضر، ولكن المشكك يلغى عقله لكى يسمعه من ليس له دراية بالبخارى ولا، فالبخارى رضى الله عنه جمع
«7373» حديث لا يوجد فيها حديث ضعيف، بل إنه كان يروى الحديث ويذكر درجته، يقول عنه ضعيف، حتى لا يَرُّد عليه أحد ويقول إن هذا الحديث ضعيف، والأزهر قام بإعداد عدة رسائل علمية متضمنة الرد على الشبهات المعاصرة التى تم توجيهها الى البخاري، وهناك عدد من الرسائل الجامعية التى تم طباعتها وتداولها قامت بعرض هذه الشبهات والرد عليها بالاحتكام إلى العقل قبل النقل، فماذا يريدون بعد ذلك، لماذا يريدون التشكيك فى السُنَةِ ومحاربة الحق والفكر المستقيم، ولكننا نرد عليهم بالرسائل العلمية التى أرجو أن تخرج إلى النور، ولا أبالغ فى أن الهجوم على الإمام البخارى يدخل ضمن أجندة التشكيك فى السنة النبوية، ويقوم بها أفراد وأبواق وللأسف يجدون من يتجاوب معهم ويعطيهم الأبواق يأخذون الفتات من الأجر تحت ستار التكسب بالحرام.
> عندما توصف بأنك محدث العصر ماذا يعنى ذلك بالنسبة لك؟
>> لا أهوى الألقاب على الإطلاق، فأنا أرى أن أعظم شرف اختصنى الله تعالى به أن جعلنى أتحدث إلى طلاب العلم والعامة بأحاديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وأدافع عن عقيدتى ووطنى من خلال ترسيخ أصول الفكر الإنسانى الذى جاء به الإسلام، وأما لقب «محدث» العصر فذاك تفضيل من بعض المشايخ الكرام ممن يظنون فى شخصى البسيط خيراً.
> كم عدد الأحاديث الصحيحة الثابتة فى كتب السنة؟
>> هذا الحصر للأحاديث الصحيحة يعتبر من الصعوبة لعدة أسباب أبرزها: أن الضعيف عند بعض أئمة الحديث يقوم البعض لآخر بتصحيحه، والتصحيح وفق أسباب وكذلك التضعيف ،إضافة إلى أن امام الحديث «ابن الصلاح» قال إن رسول الله مات وعدد صحابته «114» ألف من الصحابة ممن رآه وسمع منه، لكن يجب اليقين بأن علماء الحديث أصدق الناس دفاعاً عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورغم محاولات البعض الاجتهاد فى حصر ذلك العدد، لكن يبقى الأصل بأن علم الحديث يحتاج إلى جهود علمية ومشروعات ضخمة حتى تقوم بشرحه وتفصيله بما يساعد على تأصيل الأخلاق فى المجتمعات.
> هل أغلب الأحاديث عبادت أم معاملات؟
>> أغلب الأحاديث الشريفة أخلاق ومعاملات فلا يوجود فى الشريعة سوى «500» أية وحديث يتناولون جوانب العبادات والعقائد، أما باقى الشريعة فإنها أخلاق ومعاملات وهذا يعنى أن 95 ٪ من حملة الشريعة يدعو إلى العمل ومحبة الوطن والتعايش المشترك، واحترام المال العام والخاص.
> كيف ترى مستوى الدعاة من قضية تجديد الخطاب الديني؟
>> لابد أولاً أن نفرق بين تجديد الخطاب الدينى وهو أمر ضرورى لمواكبة العصر وليس فيه ما يعيب أو ينتقص من الدين، وبين مهاجمة الخطاب الدينى بهدف استهداف الدين نفسه وهو خطر وهذه قضية يتم إثارتها بين حين وآخر من جانب الراغبين مهاجمة المؤسسة الدينية، ويتمسكون ببعض الشبهات التى لا تخدم منهجهم، ولا ننكر أن الخطاب الدينى لم يصل إلى الدرجة التى يمكن الاعتماد عليها فى بناء مجتمع يتوافق مع رؤية المنهج الإسلامى فى الجوانب الأخلاقية والعملية والعلمية، فإذا نظرنا إلى شعوب العالم الإسلامى نجدها عالة على العالم فى مجالات الإنتاج والتصنيع، وصارت بلدانهم سوقا رائجة لمنتجات غيرهم، ممن يأخذون خيراتهم الطبيعية والبشرية وأموالهم بينما شعوب الدول الإسلامية يعانون البطالة والفقر والحاجة، ولا يمكننا إعفاء الخطاب الدعوى من المسئولية عن تغييب العقل الإسلامى بقصص الخرافات ومهدئات لفظية تعتمد على الإطناب والسجع بعيدا عن خطاب الحاسة الذى يتفق ومقتضيات التحول الفكرى والنهوض، وقد استطاع الأزهر الشريف وضع استراتيجية قائمة على التدريج فى معالجة تلك القضية من خلال تنقية المناهج الدراسية فى كل المواد الأزهرية خاصة كتب الحديث، وحذف ما هو غير صحيح، والاكتفاء بالمعلومات الصحيحة فى التفسير والحديث ومسائل العقيدة والأخلاق، واستبعاد ما يمكن أن يستشكل، وإبقاء ما هو صحيح ووضعه فى المناهج، كما تم إحياء فكرة أروقة الأزهر لفتح مجالات المعرفة لغير الأزهريين من ربات المنازل والبسطاء ممن يجيدون القراءة أو الكتابة أو حتى يعرفون أسسها البسيطة، حتى يتم خلق عقلية تستطيع التفريق بين الخطأ والصواب، ولا تكون بمثابة جهاز استقبال أو إرسال أصم لا يستطيع التفرقة بين الجيد والرديء، ولا ينخدعوا بالأفكار المتطرفة والتيارات المتأسلمة التى تسيئ إلى الدين وتم افتتاح فروع لرواق الأزهر على مستوى الجمهورية من أسوان إلى الإسكندرية، وهذا الرواق يقوم بالرد على كل الشبهات والأفكار المضللة ويتم تدريس هذه المواد وهذه الشبهات فى كل الأروقة على مستوى الجمهورية بجانب هذا فيه محاضرات لتحفيظ القرآن الكريم.