على مدى تاريخ القضية الفلسطينية كانت مصر هى الدولة الأولى والوحيدة التى وقفت بجيشها وشعبها لمقاومة المحتل الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية واعتبرتها قضية القضايا.. فمن أجلها خضنا الحروب وبسببها سقط منا الآلاف من الشهداء وعلى طول امتدادها تدخلنا حرباً وسلماً لصالح الشعب الفلسطينى وأيضاً من أجل أن يسود السلام فى المنطقة للشعبيين الفلسطينى والإسرائيلي.
منذ أحداث السابع من شهر أكتوبر الماضى وتحاول مصر أن تحقق للشعب الفلسطينى حقه فى أن يكون له دولة مستقلة معترف بها دولياً على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وتمسكت وبقوة برفض فكرة التهجير القسرى لسكان قطاع غزة وتصفية القضية الفلسطينية والسماح بدخول المساعدات الإنسانية عبر منفذ رفح البرى.
وافقت مصر على الوساطة بين الجانب الفلسطينى والإسرائيلى بناءً على طلب والحاح أمريكى وإسرائيل على الرغم من علمها مسبقاً من خلال خبرتها الطويلة فى التفاوض مع إسرائيل بأن أسلوب الخداع والمماطلة هو العنصر الغالب معهم ومع ذلك فقد وافقت على التدخل حقناً للدماء وسعياً لإيقاف تلك المجازر غير الإنسانية ولا الأخلاقية التى يقوم بها الجيش الإسرائيلى ضد الشعب الفلسطينى وبدأ المفاوض المصرى فى التحرك بين كلا الجانبين متحملاً تلاعب الجانب الإسرائيلى وبدا أن الأمور قد بدأت تصل إلى حلول موضوعية لكلا الطرفين وكذلك للولايات المتحدة الأمريكية الحليف الرئيسى لإسرائيل وأيضاً العديد من الدول الأوروبية.. وهنا استشعرت الحكومة اليمينية الإسرائيلية بحرج موقفهم ودخولهم فى دائرة حقيقية قد تجبرهم على انهاء العدوان دون ان يتحقق لهم الهدف .. وهو إنجاز يحسب للمفاوض المصري.. وبناء على ذلك قاموا باختلاق إدعاءات وأكاذيب وهمية بأن هناك خلطاً فى أوراق التفاوض وأن الاقتراحات التى تم تقديمها للجانب الإسرائيلى تم إدخال تعديلات عليها لصالح الجانب الفلسطينى ولجأت إلى وكالة CNN الأمريكية لتصدير صورة غير حقيقية لتلك الإدعاءات الكاذبة كوسيلة من وسائل الضغط على مصر التى أعلنت ومازالت تعلن رفضها الاحتلال الإسرائيلى لقطاع غزة وهددت بالانسجاب من الوساطة بين الطرفين.
إن ما يحدث حالياً من الجانب الإسرائيلى من إدعاءات يؤكد لنا الحقائق التالية:
1 – إن مصر نجحت بالفعل فى تحقيق إنجاز يحسب لها فى الدور التفاوضى الذى قامت به والذى ترتب عليه كشف الوجه الخبيث للجانب الإسرائيلى الذى لم يكن يتوقع أن يحققه المفاوض المصرى والذى وضعها فى خانة من الصعب الفكاك منها.
2 – إن إسرائيل لا ترغب فى تحقيق أى إتفاق أو سلام حقيقى مع الشعب الفلسطينى وأن ما حدث كان من قبيل كسب الوقت.
3 – أن مصر قادرة على كشف أكاذيب إسرائيل وذلك على ضوء العقود الطويلة التى تعاملت فيها مع إسرائيل.
4 – إن هناك سيطرة يهودية واضحة على وسائل الإعلام الأجنبية خاصة الأمريكية مازالت تروج لإسرائيل فى انها تستخدم حقها المشروع فى الدفاع عن شعبها متناسية أن آلة الحرب الإسرائيلية المدعومة بأحدث الأسلحة الأمريكية تقوم كل ساعة بقتل العشرات من الأطفال والنساء والشيوخ الأبرياء.
لقد غاب عن إسرائيل وحكامها ان موقف الدولة المصرية ورئيسها عبدالفتاح السيسى لن يتغير تجاه القضية الفلسطينية مهما كانت الضغوط التى تمارس عليها.. وهى تدرك أن هناك التزاماً تاريخياً وأخلاقياً وإنسانياً تجاه الشعب الفلسطينى ولن يثنيها أى إدعاءات أو أكاذيب أو مؤامرات عن استكمال دورها فى تحقيق السلام المبنى على العدل مدعوماً بتأييد الشعب الفلسطينى الحقيقى والإرادة السياسية والشعبية المصرية الأصيلة الصادقة الشريفة.