.. ونحن نعيش ذكريات انتصار صنعه قادة أفذاذ تقودهم عقلية سياسية وعسكرية فريدة تعرف عدوها وتعرف مواطن ضعفه وقوته وكيف تتعامل معه ..أقول ونحن نعيش هذه الذكريات نتوقف أمام ما جاء على لسان العدو من خلال مذكرات إيلى زعير رئيس المخابرات الحربية الإسرائيلية التى جاءت بعنوان حرب يوم الغفران وترجمها توحيد مجدى ونشرتها مكتبة الثقافة ببيروت والمذكرات حرص صاحبها أن يبرئ جهاز مخابراته ونفسه وقد إدانتهم التحقيقات وبرأت من يراهم مسئولين عن الهزيمة وهما رئيسة الوزراء فى ذلك الوقت جولدا مائير ووزير الدفاع أثناء الحرب موشى ديان فى مواجهة عمل ورغم ذلك لم يستطع إخفاء ما منى به جهازه المخابراتى من هزيمة منكرة فى مواجهة عمل مخابراتى استطاع أن يتلاعب بجهازها ويوجهه حيث يشاء، أى أن القضية لم تكن فى الاخفاءأو التكتم فقط وإنما الاعداد للحرب أمام أعين العدو دون أن يصدق العدو أن هناك حربا ستقوم من خلال السيطرة على جهاز مخابرات العدو وعلى فكره بمعلومات قدمت له بحرفية بحيث يتصور من خلالها أنه يعرف كل شىء – كان الرئيس السادات هو العقل المدبر ولم يكن رجاله بأقل منه عبقرية ومسئولية.
كانت خطة الخداع تركز على أن للعدو عيونا لدينا وان أجهزة مخابرات دولية أخرى تنقل له فساعدت الخطة هذه العيون فى النقل المشوش الذى يحقق هدف من سمح بالمعلومة، حتى عندما أخبروهم بيوم الحرب بعد أن صارت المعرفة لا تجدى كان الصواب فيها فقط اليوم أما لحظة الاخبار كانت لحظة لا ينفع فيها الاستعداد وكذلك ساعة الحرب التى وصلت إليهم كانت غير صحيحة لذا قامت الحرب وهم مجتمعون يتباحثون فيما سيصنعونه .
يقول إيلى زعير : «.. من أجل التأكيد على إيهام الجيش الإسرائيلى بأن مصر تقوم بمناورة اتخذ المصريون عدة إجراءات كانت ضرورية من وجهة نظرهم لإبلاغ الإسرائيليين بما يريــدون وكانوا على حق فمن خـلال أجهزة جمع المعلومـات المتطــورة فى جيش الدفاع الإسرائيلى علم أن الجيش المصرى ينـوى إجـراء مناورة شاملة على غــرار منــاورات الخريف السنوية وسوف تبدأ المناورة 1 أكتوبر وتنتهى 7 أكتوبر وأن الضباط المصريين الذين ينوون أداء فريضة الحج هذا العام سيتاح لهم ذلك بعد انتهاء المناورة وسيبدأ تسجيل أسماء الراغبين فى أداء فريضة الحج يوم 9 أكتوبر ووحدات الاحتياط المشاركة فى المناورة سيتم إنهاء استدعائها بدءًا من 4 أكتوبر وسيتم إشراك الدارسين فى كلية القادة والأركان فى هذه المناورة على أن تستأنف الدراسة فى كلية القادة والأركان يوم 9 أكتوبر الساعة الثامنة والنصف صباحا «. ويستمر رئيس المخابرات العسكرية فى سرد تفاصيل خطة الخداع التى حرص فيها المصريون أن يجعلوا لكل فعل يقومون به على الجبهة ما يبرره للإسرائيليين إلا أن يكون هناك حرب قد تقوم حتى يقول : «يمكننى القول إن خطة الخداع الاستراتيجية والتكتيكية حققت نجاحًا ساحقًا لدرجة أن أجهزة المخابرات العالمية وعلى رأسها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية استخلصت نتائج خاطئة وفوجئ العالم بالهجوم المصرى السورى» أما عن السوفيت فيقول: إن عملية التمويه الداخلى قد خدعت السوفيت أيضًا وففى يوم الخميس 4 أكتوبر أى قبل يومين من الحرب فقط أدرك السوفيت أن مصر وسوريا تنويان الحرب ولذلك تم ترحيل عائلات المستشارين السوفيت بسرعة».