التهم.. الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة.. واستخدام النفوذ للحصول على مصالح وتقديم خدمات مقابل المال
ترامب يصف قضايا نتنياهو بأنها محاكمات سياسية ويطالب بإيقافها وذلك فى عملية إنقاذ سياسى له
بقلم : عاطف سيد الأهل
بنيامين بن زايون ميليكوفيسكى رئيس الوزراء الإسرائيلى والشخصية الأكثر جدلاً فيها.متزوج وله ابنان من سارة، وابنه من زوجة سابقة.من مواليد القدس فى 21 اكتوبر 1949 وهو بهذا يعد أول رئيس وزراء تولى المنصب عام 1996 من مواليد إسرائيل خلافًا لمن سبقوه وأول رئيس وزراء يتم انتخابه فى انتخابات شعبية، حيث مارست إسرائيل الانتخابات الفردية ثلاث مرات فى تاريخها اعوام 1996 و1999و2001» مرشح مقابل مرشح اّخر» ثم عادت إلى الانتخابات لأحزاب وليس لأفراد حتى الآن.
تولى منصب رئيس الوزراء 6 مرات وهو بذلك يعد أكثر رئيس وزراء خدم فى هذا المنصب فى تاريخ إسرائيل.
ترجع أصوله إلى بولندا حيث مولد والده بن زايون.وجده لابيه الراباى والكاتب الصهيونى «ناتان ميليكوفيسكى» وكلاهما كانا على علاقة وثيقة مع زئيف جابوتنسكى الذى يعد أخطر شخصية فى التاريخ الصهيوني.والقدوة ومصدر الالهام لبنيامين نتنياهو حسب تعبيره» قضى فترة من حياته فى الولايات المتحدة للدراسة والعمل إلى أن عينه موشيه ارينز» سفير إسرائيل فى الولايات المتحدة اّنذاك.ووزير الخارجية لاحقًا» نائبًا للسفير فى واشنطن 1982 – 1984.كما شغل منصب مندوب إسرائيل الدائم لدى الأمم المتحدة 1984 – 1988.وفى هذه الفترة توطدت علاقاته مع أسرة دونالد ترامب . إنضم إلى حزب الليكود عام 1988 وتم انتخابه عضوا بالكنيست وتولى منصب نائب وزير الخارجية فى عهد موشيه ارينز واستمر فى المنصب مع الوزير ديفيد ليفي. وحصل على رئاسة حزب الليكود فى منافسة امام ديفيد ليفى – رئيسه السابق الذى كان على خلاف معه – وعقب اغتيال اسحاق رابين وتولى شيمون بيريز رئاسة الوزراء بالانابة تم عقد انتخابات بينه وبين شيمون بيريز على رئاسة الوزراء ونجح فى ازاحة بيريز وتولى رئاسة الوزراء لأول مرة عام 1996.
عارض توقيع اتفاقية اوسلو 1993 مع الفلسطينيين وقاد مسيرات مظاهرات ضد إسحاق رابين.
استقال من منصب وزير المالية فى عهد اريئيل شارون عام 2005 احتجاجًا على انسحاب إسرائيل احادى الجانب من قطاع غزة .
تم اتهامه بثلاث تهم رئيسية اطلق عليها الاتهام 1000 والاتهام 2000 والاتهام 4000 الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة.واستخدام النفوذ للحصول على مصالح وتقديم خدمات مقابل المال.
مثل امام المحكمة المركزية فى تل أبيب مايزيد عن 30 مرة لتقديم افادته وحاول محاميه مع المحكمة العليا فى إسرائيل قبول ادانة نتنياهو بتهمة بسيطة يعترف بها دون ان يغادر منصبه.ولكن رئيس المحكمة اصر على اعتراف بالذنب ومغادرة منصبه.وبالتالى رفض نتنياهو الاعتراف بالذنب .
عندما تولى نتنياهو رئاسة الوزراء للحكومة الائتلافية الحالية فى نهاية عام 2022 كان هناك طلب مقدم إلى المستشارة القانونية للحكومة الإسرائيلية يطالبها بمخاطبة المحكمة العليا لمنع تولى نتنياهو رئاسة الوزراء نظرًا لقضايا الفساد التى تتداولها المحكمة الإسرائيلية ضده.الا أن المحكمة رفضت هذا الطلب وأوصت المستشارة برفض الالتماس.
بعدما تولى نتنياهو الحكم فى بداية عام 2022، قام الكنيست المشكّل من اغلبية ائتلافه بتعديل قانون عدم أهلية رئيس الوزراء – فى اطار التعديلات القضائية التى فرضتها الحكومة واثارت الشعب وخروجه فى مظاهرات لعدة اسابيع – حيث تضمن التعديل الجديد وجوب أن يكون اتخاذ قرار بعدم أهلية رئيس الوزراء هو الاعاقة التى تصيبه عقليا وجسديا « بمعنى الا يكون قادرا على العمل من الناحية العقلية والجسدية» وأن يتم تحديد ذلك بموافقة ثلثى أعضاء «الكنيست» 80 عضوا من اجمالى 120» أو بموافقة 75٪ من أعضاء الحكومة.
فى لقاء لقادة أمنيين إسرائيليين سابقين مع الرئيس إسحاق هيرتزوج فى إبريل 2025 ذكروا أن سلوك نتنياهو يعرض أمن إسرائيل للخطر.وأن هناك شكا فى أهليته لممارسة منصب رئيس الوزراء.واقترح هيرتزوج اّنذاك ابرام صفقة خروج اّمن لنتنياهو تقضى بانهاء حياته السياسية مقابل عدم محاكمته ودخوله السجن
تدخل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب على خط قضايا نتنياهو بهدف تحريره من المتاهات القضائية ليتفرغ لرؤية سلام شامل فى الشرق الأوسط وقوبل هذا المقترح من المعارضة الإسرائيلية برفض تام لتدخل ترامب فى الشئون الداخلية لإسرائيل.فى حين كان موقف الجهاز القضائى بأن هناك امكانية لتنفيذ تسوية تبرئة على أن تتبعها عملية خروج نتنياهو من المشهد السياسي.ومع صعوبة تنفيذ ذلك لرفض نتنياهو التخلى عن منصبه وكذلك عدم إمكانية الجزم فى موضوع العفو حيث إن صلاحية رئيس الدولة فى الأمر تقتصر على الناحية الفنية ويجب أن يتم العفو الرئاسى قبل صدور قرار الادانة.وأن هناك امكانية فى الطعن على العفو من المحكمة العليا، بينما فى حالة ادانة نتنياهو فان مغادرة منصبه تتطلب أن يكون حكم المحكمة شاملا مايسمى «وصمة عار أخلاقية» تمنعه من تولى أى منصب عام لمدة 7 سنوات.
أعرب السفير الأمريكى فى إسرائيل عن سخريته من التهم الموجهة إلى نتنياهو، بل وذهب إلى المحكمة اثناء محاكمة نتنياهو حاملا دمية «باجز بانى» على سبيل السخرية مثلما فعل يائير نجل نتنياهو.وقامت القناة الإسرائيلية 14 اليمينية بالترويج لهذه الصور فى حملة للتسفيه من القضية.
قدمت مجموعة يطلق عليها «حصة الديمقراطية» التماسًا إلى المحكمة العليا الإسرائيلية تطالبها فيها بالإعلان عن انه يتعذر على رئيس الوزراء نتنياهو القيام بمهامه بسبب المس بحكم القانون وبالسلطة القضائية.وانها قدمت للمحكمة ما يثبت حجتها التى تتعامل مع الادعاءات وما سبق أن رفضته المحكمة من التماسات فى هذا الشأن.
عاود ترامب الحديث عن العفو عن نتنياهو فى كلمته أمام الكنيست الإسرائيلى موجها كلامه إلى الرئيس هيرتزوج : لماذا لا تصدر عفواً عن نتنياهو.
يصف ترامب قضايا نتنياهو بأنها محاكمات سياسية.ويطالب بايقافها.وذلك فى عملية انقاذ سياسى لنتنياهو.
لرئيس الدولة الإسرائيلى طبقا للقانون صلاحية العفو عن نتنياهو ولكن من حيث الجانب الفنى بمعنى أن للمحكمة العليا الحق فى مناقشة هذا العفو ومدى تناسبه مع القضايا وتصدر حكمها النهائى ولكن غالبا ماتقبل به.
توجد حالة واحدة فى تاريخ إسرائيل سبق أن استخدم رئيس الدولة فيها صلاحياته للعفو عن مذنبين من كبار القادة ولكن أثناء المحاكمة وقبل صدور قرار الادانة وهى الحالة التى تدخل فيها الرئيس حاييم هيرتزوج «والد الرئيس الحالى» فى العفو عن رئيس الشاباك ومساعدى جراء اتهامهم باعدام فلسطينيين وذلك عام 1986، أما ما يتعلق بمسائل مدى أهلية رئيس الوزراء لممارسة مهام منصبه فالقانون الإسرائيلى يحسم وضعية رئيس الوزراء فى حالتى المرض والوفاة على النحو التالي: فى حالة وفاة رئيس الوزراء يتولى نائبه لحين عقد انتخابات جديدة « مثل حالتى وفاة ليفى اشكول واسحاق رابين».
إذا كان رئيس الوزراء فى حالة مرض لأيام لا تتعدى 100 يومًا يتولى نائبه لحين عودته ويسمى فى هذه الحالة اعفاء مؤقت.
إذا كان رئيس الوزراء فى حالة مرضية تعدى غيابه فيها 100 يوم يتم اعفاؤه تمامًا واجراء انتخابات جديدة ويسمى فى هذه الحالة اعفاء دائماً.
وفى كل الحالات يصعب تقرير عدم أهلية بنيامين نتنياهو مع التعديلات الجديدة على القانون السابق الاشارة اليه، أما عملية العفو الرئاسى عنه فالأمر يتطلب أن يتم ذلك قبل ادانته أى اثناء المحاكمة وهو أمر غير متوقع نظرا للأسباب التالية:
مسئولية نتنياهو عن التفكك الاجتماعى والمظاهرات الحاشدة على مدى أسابيع والتى شهدته إسرائيل بعد تشكيله ائتلافه الحاكم وقيامه بتعديلات قضائية أدت الى سيطرة السلطة السياسية على مقاليد الحكم واضعاف السلطة القضائية.وعدم استماع نتنياهو لنصائح الرئيس هيتزوج.
الفشل الأمنى الذى تعرضت له إسرائيل فى 7 أكتوبر 2023 ومسئولية نتنياهو كرئيس وزراء عن هذا الفشل.
إطالة نتنياهو أمد الحرب فى غزة حفاظا على حياته السياسية واستمرارية ائتلافه فى مخالفة واضحة للرأى العام الإسرائيلى الذى كان يعطى الأولوية لاعادة الأسرى الإسرائيليين من غزة وانهاء الحرب.
تفكك الأسس التى قامت عليها العسكرية الإسرائيلية من أن الجميع مجند للدفاع عن إسرائيل.فى حين أن الحرب فى غزة كانت للدفاع عن بقاء نتنياهو وائتلافه فى الحكم.الأمر الذى أدى ولأول مرة عن امتناع أعداد كبيرة من جنود الاحتياط عن قبول طلبات الاستدعاء للجيش .
ان هناك قانوناً فى إسرائيل يسمى قانون لجان التحقيق صدر عام 1968 ويتم بموجبه تشكيل لجان بقرار حكومى او بتوجيه من لجنة الكنيست ويعين اعضاؤها ورئيسها بمعرفة رئيس المحكمة العليا. وقد سعى نتنياهو وحلفاؤه بعرقلة تشكيلها بعد احداث 7 اكتوبر وخلال الحرب تحسبا لادانته واجباره على الاستقالة.اما وان الحرب قد توقفت فاحتمالية تشكيل لجنة تحقيق رسمية وارد بشكل كبير على غرار لجنة اجرانات بعد حرب اكتوبر 1973 والتى أدت الى الاطاحة بجولدا مائير ولجنة كاهان 1982 التى أطاحت بشارون ولجنة فينوجراد التى أطاحت بايهود اولميرت.
