رنات متتالية.. ورقم غير معلوم لصاحبي لكن متى فتح الخط حتى سمع أهلاً وسهلاً أستاذي العزيز، ولم يستغرق سوى ثوان معدودات ليعرف الصوت المميز بلكنته الغريبة ويقول هل أنت فلانه؟
نعم ويشرفنا دعوتك لحضور افتتاح مؤسستنا الجديدة ونأمل في العمل سوياً قريباً، وسوف أرسل لك الموقع على الواتس، فسألها عن طبيعة عمل المؤسسة فأجابت مؤسسة ثقافية تهتم في الأساس بالسياحة الثقافية! هكذا ترددت الجملة في ذهنه ومعها تذكر هذه الطالبة التي درس لها بالجامعة والتي قالت ذات يوم أن أمها مصرية والأب أجنبي وكان حضورها مؤثراً لثقافتها، ولغتها الإنجليزية المتقنة، وطرح على نفسه سؤالاً: ما هي طبيعة هذا النوع من السياحة؟ السياحة الثقافية هي فرع من السياحة يقوم فيها المسافر أو السائح بالتعرف على ثقافة بلد معين وتحديد نمط حياة الناس في تلك (البد أو المنطقة الجغرافية) وتاريخ هؤلاء الناس، وفنونهم، وآثارهم، ودياناتهم وكل العناصر التي تشكل أسلوب حياتهم.
على سطح – روف – برج سكني يشمل عشرين طابقاً كان مقر المؤسسة الذي تميزت ديكوراته بالطابع المصري القديم من أعمدة وأثاث ومفروشات عليها نقوش غريبة وساحرة وفي غمرة تأمله للمكان استقبلته تلميذته بالترحاب بينما راح يتأمل وجوه الحاضرين غير المألوفة ليس لأنه لا يعرف واحداً فيهم لكن لملامحهم التي تنوعت ما بين أوروبية ولاتينية وأسيوية لكن لا حديث بينهم، بل يجلسون في صمت كأنهم في طقس جنائزي مهيب.
تمت دعوة الجميع إلى اللقاء حول طاولة في قاعة فسيحة ، وبدأ اللقاء بكلمة من رجل يحمل ملامحاً أوروبية يجلس على رأس الطاولة تم التعريف به بوصفه مديراً تنفيذياً للمؤسسة، ليبدأ كلمته باللغة الإنجليزية مرحباً بالحضور ثم يذكر عبارة ذات دلالة لم ينسها صاحبي إذ قال أن العالم كله حاضر هنا في هذه القاعة، ثم استطرد قائلاً هنا وجدت حضارة يعرفها ويقدرها العالم كله لكن تحتاج إلى تقديرنا الخاص والمتميز لتعلو وتسود بعظمتها، وأثناء كلامه وجه حديثه إلى صاحبي فارتبك قليلاً ليقول له ولجميع الحضور معنا أكاديمي ومثقف لامع وهو يمثل وابتسم في اقتصاب تميمة حظنا!
فتخيل صاحبي لو تم تقديمه قربانا لنجاح المشروع! وفي نهاية اللقاء لم يدر صاحبي لماذا ذهب يسلم على الجميع واحداً تلو الآخر وينهي سلامه بتلميذته التي ترجته في البقاء قليلاً لكن اعتذر متعللاً بانشغالات ملحة وهنا قالت له نحن نعمل بروح العائلة الواحدة، ولك أن تتخيل أن معظم الحاضرين هنا يسكنون في هذا البرج! فهز رأسه ومضى سريعاً للخروج من المكان، وعند باب الأسانسير وجد شخصين بملامح أفريقية وبنية جسدية قوية وبملابس سوداء رسمية ينتظران مثله صعود الأسانسير فقرر سريعاً الهبوط على السلالم وعند خروجه من البرج كان مجهداً للغاية يتمنى العودة إلى بيته سالماً وفي الطريق لا يدري لماذا تذكر كلمات المبدع (سيد حجاب) الشر شرق وغرب داخل لحوشنا حوشوا لأريح شاردة تقشقش عشوشنا.