اهم ما يميز د. طه حسين.. العطاء.. فهو من العطائين.. وهى اعظم صفة يتصف بها الإنسان
أعجبت بطه حسين.. كاسطورة.. فهو الضرير الذى أضاء للمبصرين الجانب الثقافى من حياتهم.. وهو الذى جعل التعليم بالمجان.. ورفع شعار.. التعليم كالماء والهواء.. ولكن اهم ما يميز د. طه حسين.. العطاء.. فهو من العطائين.. وهى اعظم صفة يتصف بها الإنسان.. الذى يقدم يد العون والمساعدة للنابغين ويأخذ بيدهم.. حتى يبرز نبوغهم..كان يشجع كل مجتهد ويعمل على تذليل العقبات والصعاب امامه.. اخترت ان اتحدث هذه المرة.. عن جانب العطاء فى شخصية العملاق طه حسين.. أقدمها لكل رئيس عمل فى موقعه.. كنموذج يستحق ان نتوقف امامه ونتأمله.. ونستفيد من تكراره مع القيادات الحالية.. وقد كان الجميع يلتف حول د. طه حسين.. يزورونه ويراسلونه.. باعتباره رمزاً لعصرهم.. وقد فتح طه حسين قلبه.. قبل بابه لكل من يقصده.. انظروا كيف كانت علاقته بالعالم الكبير د.مصطفى مشرفة.. ولمن لا يعرف د.مصطفى مشرفة.. هو واحد من عشرة علماء على مستوى العالم الذين يفهمون نظرية النسبية لأينشتاين.. وهو اول مصرى يحصل على الدكتوراة فى العلوم سنة 1926 وأول عميد لكلية العلوم وله ٢٥ بحثا فى الرياضة الطبيعية و12 كتابا علميا.. وقد التقى البرت اينشتاين اكبر علماء الطبيعة.. صاحب نظرية النسبية التى ادت الى صنع القنبلة الذرية.. قال عنه اينشتاين : ان هذا العالم المصرى الفذ صاحب عبقرية ممتازة.. وقد صفق اينشتاين لمصطفى مشرفة.. بعد إلقاء احدى محاضراته فى إحدى الجامعات الأمريكية.. ولم يكن مشرفة عالما فقط.. إنما فنان يعزف على البيانو.. والف قطعا موسيقية.. ومن سخريات القدر ان ترفض جامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليا) تعيينه أستاذا للرياضيات.. لصغر سنه.. فقد كان أقل من 30 عاما وهنا تدخل سعد زغلول رئيس مجلس النواب فى ذلك الوقت.. طالبا من الجامعة تعينه.. قائلا : ان صغر السن لا يجوز أن يحول دون الانتفاع بمواهب النابغين.. وبذلك يصبح مشرفة أصغر استاذ جامعى «سنا «.. علاقة د. طه حسين بالعالم الكبير د. مصطفى مشرفة.. عثرت عليها فى كتاب رسائل طه حسين.. للكاتب الصحفى الكبير ابراهيم عبد العزيز.. الذى كتب مقدمته صاحب نوبل نجيب محفوظ.. تلميذ د. طه حسين فى كلية الآداب.. وقد نجح ابراهيم عبد العزيز فى تقديم مراسلات طه حسين مع نجوم عصره.. مما ساعد فى كشف جوانب غير معلومة من شخصية طه حسين.. ولكن ما هى المساعدة القيمة التى قدمها طه حسين.. لمشرفة.. كانت فى كتاب نادر أو مجموعة كتب علمية نادرة يبحث عنها مشرفة ولم يجدها.. ينجح طه حسين فى العثور عليها له.. وكذلك تعريفه بمجموعة من العلماء الأجانب استفاد منهم مشرفة وكذلك بعض أساتذة الجامعات الفرنسية.. الرسائل المتبادلة بين د. طه حسين ود.مشرفة.. تترجم الى اى مدى كانت العلاقة متينة.. وعندما مرض د. مشرفة.. كتب له طه حسين قائلا : الح عليك ألا تتعجل الخروج.. فإن خروج المرضى قبل الشفاء خطر بغيض.. وكتب فى اليوم التالى يوم وفاة مشرفة : اسمع نعيك يأتى من بعيد فيصعقني.. ثم نسعى فنشيع جنازتك ذاهلين.. لا تصدق عقولنا.. ثم تمضى الأيام ونفتقدك ولا نراك.. اسمحوا لى ان اتحدث عن نابغة آخر.. عبد الحميد بدوي.. اول مصرى يحصل على الدكتوراة فى القانون من فرنسا.. وهو اول رئيس مصرى للجنة قضايا الحكومة.. بعد ان كانت حكرا على الأجانب فقط.. ثم يعين وزيرا للخارجية فوزيرا للمالية.. وعضوا فى لجنة دستور 1923.. وهو مؤسس مجلس الدولة.. واختير اول قاض من الشرق الأوسط ضمن قضاة محكمة العدل الدولية ثم نائبا لرئيس هذه المحكمة فى أول وآخر سابقة من نوعها.. وقد عرف عن عبد الحميد بدوى انه من اكثر الناس قراءة فى مصر.. ان لم يكن أكثرهم.. وقد وصفه عباس العقاد : انه لا يتعثر بقيد من القيود.. فالشريعة عنده طبيعة والثقافة عنده فن وذوق.. وقد اطلق اسمه على احد أهم شوارع مصر الجديدة امام نادى الشمس.. وامامى نموذج رائع.. د. عبد الرزاق السنهورى الذى وضع القانون لمصر وألغى المحاكم المختلطة وامتيازات الأجانب.. كما وضع قوانين سوريا وليبيا والعراق والجزائر والاردن والبحرين والسودان والكويت واليمن.. وقد تولى السنهورى وزارة المعارف ٤ مرات على التوالي.. بينما تولاها طه حسين لمدة سنتين.. وقد اطلق اسمه ايضا على اهم شوارع مدينة نصر.. ويحسب لطه حسين انه ادخل المرأة.. التعليم الجامعى سرا بالاتفاق مع د. لطفى السيد رئيس الجامعة.. تجنبا لرفض الرأى العام.. بقى ان أقول.. ان هؤلاء العظماء تخطيا دورهم فى الحياة المصرية.. ليصبحوا من اهم صناع الثقافة بمعناها الأوسع.