على طريقة دراما الرعب الأجنبية، أنهى طفل بالمرحلة الإعدادية حياة زميله بطريقة وحشية بشعة بعد خلاف بينهما. استدرجه إلى مسكنه في غياب أسرته “المفككة”، وانهال عليه بالضرب “بشاكوش” حديدي بعدة ضربات على الرأس بلا رحمة، إلى أن سقط غارقاً في الدماء. وحتى يتخلص من آثار جريمته، قطَّع الجثة “بمِنشار كهربائي” عدة أجزاء وألقى بها في عدة أماكن متفرقة، خشية افتضاح أمره الذي انكشف سريعاً. تم القبض عليه ليُدلي باعترافات تفصيلية حول الحادث الذي أصاب كل من سمع به بحالة انهيار وصدمة. حُرِّر محضر بالواقعة وتولت النيابة التحقيق.
تفاصيل الجريمة
الجريمة البشعة والغريبة من نوعها دارت أحداثها المروعة بمحافظة الإسماعيلية. وقد هزت المشاعر وانتفضت لها القلوب رعباً وفزعاً على ما وصل إليه حال طفل من جبروت يفوق “عُتاة الإجرام” والسفاحين منذ نعومة أظافره، نتيجة “للتفكك الأسري” والإهمال في تربية النشء وغياب الرقابة عن متابعة تصرفاتهم. حتى كانت النهاية الدرامية المدمرة، والتي راح ضحيتها طفل في حوالي الثانية عشرة من العمر “غدراً” وبلا ذنب، لتعيش أسرته بحسرته في أحزان لا تنتهي ما تبقّى من العمر.
تفكك أسري
ولنروي القصة الدرامية للعِظة والعِبرة لمن يعتبر، ولتكون درساً قاسياً لكل من يهمه الأمر في محاولة للحفاظ على “فلذات الأكباد” من الضياع في وقت لا ينفع فيه الندم. وقد دارت حكاية المتهم الصغير “يوسف”، والذي تحول فجأة “وبقدرة قادر” من طفل طبيعي ومُسالم إلى عدواني وبهذه الشراسة، عندما وجد نفسه فجأة يعيش حياة غير مستقرة بعد انفصال والديه بسبب عِنادهما سوياً، وقيام الأم بالزواج من آخر لتعيش حياتها، ويصبح مُهمَلاً مع والده “النجّار” الذي كان دوماً مشغولاً بعمله خارج البيت، ليعيش مُحطّماً نفسياً دون بقية أقرانه.

إجرام تلميذ
هكذا بدأ يشعر بالحقد والغيرة تجاه كل من حوله، بعد فقدانه “الدفء الأسري” الذي قضى على طموحه وأحلامه الوردية ليَدفع الثمن. وتمر الحياة والأيام صعبة وثقيلة بدون رقابة، ليُفرغ طاقته في حياة الاستهتار ومشاهدة (الإنترنت) ومواقع التواصل الاجتماعي وما بها من خروج على العادات والتقاليد ومشاهدة دراما وأفلام ومسلسلات عنف ورعب وخيال مُدمّر لمستقبله في غفلة من الأهل. وتُصبح بذلك ميوله أكثر شراسة لكل من حوله والمحيطين به من الزملاء والأصدقاء بالتقليد الأعمى، الذي لم يجد من يحاول إفاقته منه قبل أن يسقط في بئر الضياع.
دراما أجنبية
قبل الجريمة بأيام، حدث خلاف بين تلميذ الإعدادي المتهم يوسف وزميله الضحية “محمد”، ليُخطط بعد تظاهره بالصلح معه، وبتفكير شيطاني، للانتقام منه. استدرجه للمسكن فور خروجهما من المدرسة، مستغلاً وجوده بمفرده بالبيت، ويقوم بعد مشادة بينهما بالتعدي عليه غدراً بالضرب وتهشيم رأسه “بشاكوش” حتى الموت بلا رحمة لدموعه وتوسلاته، ليُفكر بعدها في تنفيذ مشاهد العنف التي أدمن مشاهدتها بالدراما الأجنبية ببرود شديد وهدوء أعصاب، حتى يتخلص من آثار الجريمة وكأن شيئاً لم يحدث.

تفكير شيطاني
أسرع القاتل الصغير بإحضار “مِنشار” والده الكهربائي لتقطيع الجثة إلى ستة أجزاء “كالذبيحة”، ووضع كل جزء منها في أكياس سوداء مُحكمة الغلق وحملها عدة مرات في حقيبته وألقى بها في أماكن متفرقة بعيداً عن مسكنه، حتى تنهشها “الكلاب الضالة” ولا يتعرف أحد عليها، ظناً منه أنه بذلك أتقن جريمته. وتظاهر بعدها بثبات تام وهدوء شديد بمساعدة أسرة زميله الضحية في البحث عنه والحزن عليه بعد اكتشافهم غيابه، مُدعياً عدم معرفة سبب الاختفاء المفاجئ بدموع “الغِش والخداع” وتَمثيلية، محاولاً إبعاد الشبهة بها عن نفسه.
فريق بحث
لم تجد أسرة الضحية حلاً بعد فشلهم في العثور عليه سوى إبلاغ أجهزة الأمن بمركز شرطة الإسماعيلية، مؤكدين عدم وجود خلافات بينهم وبين أي شخص، وأنه كان يحظى بحب الجميع واحترامهم. وأثناء السير في عملية الفحص للمُشتبه فيهم وتفريغ كاميرات المراقبة وعمل نشرة بصورته وأوصافه لحل اللغز، عثر رجال المباحث على أجزاء آدمية لطفل مجهول الهوية تنطبق عليه نفس مواصفات المُتغيِّب، ليتم نقلها والتحفظ عليها لحين فحصها وتحديد شخصية صاحبها. وتم التأكد أنها للتلميذ المختفي “محمد”، وسط حالة انهيار وبكاء هيستيري من الأهل، وتهز الكارثة الأسرية أرجاء المحافظة وكل من سمع بها.
ضبط المتهم
توصل فريق البحث الجنائي بإشراف اللواء محمود أبوعمرو، مساعد أول وزير الداخلية لقطاع الأمن العام، وقيادة اللواء أحمد عليان، مدير مباحث المحافظة، بعد ساعات من التحري واستجواب المشتبه فيهم، إلى أن وراء الجريمة زميله “يوسف”، الذي حاول الثبات والتماسك في البداية، لكنه لم يصمد طويلاً أمام مُلاحقته بالأدلة ووجود مُشاهدات لهما سوياً قبل الاختفاء مباشرة، لينهار معترفاً بكل شيء ويُرشد عن باقي الأشلاء بعد ضبطه، والعثور على آثار دماء لزميله المجني عليه بالشقة مسرح الجريمة، ويروي سيناريو الحادث كما دبَّر له ونفذه أمام جهات التحقيق.
قررت النيابة بعد سماع أقوال المتهم وباعترافات تفصيلية على مدى عدة ساعات، حبسه على ذمة التحقيقات، وتم اصطحابه بعدها وسط حراسة أمنية مشددة لإجراء معاينة تصويرية بالكلمة والصورة لجريمة غريبة من نوعها على المجتمع المصري، وتحتاج لتضافر الجهود من الجهات المختصة لتحليلها ورصد دوافعها منعاً لتكرارها مستقبلاً.