من شرم الشيخ مدينة السلام التي تحمل في وجدان العالم رمزية الحوار والتعايش عادت مصر لتؤكد أنها القلب النابض للاستقرار في الشرق الأوسط والعنصر الحاسم في معادلة الحرب والسلام.
في قمة شرم الشيخ للسلام التي استضافتها مصر برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسي وبمشاركة واسعة من قادة العالم، أعيد التأكيد علي أن القاهرة لاتكتفي بدور الوسيط بل تضطلع بدور «المهندس السياسي» للمنطقة القادر علي الجمع بين الخصوم وفتح آفاق جديدة لحلول واقعية ومستدامة.
لقد جاءت القمة تتويجا لعامين كاملين من الجهود المصرية الدءوبة لوقف الحرب في غزة بالتعاون مع الولايات المتحدة وقطر وتركيا، حتي تم التوصل إلي اتفاق شرم الشيخ لوقف إطلاق النار، وهو اتفاق لم يكن ليولد لولا صبر مصر وحنكتها السياسية ومصداقيتها لدي جميع الأطراف.
وفي الوقت الذي أشادت فيه رئيسة الوزراء الايطالية جورجيا ميلوني خلال لقائها بالرئيس السيسي بالدور المحوري لمصر في انجاز الاتفاق كانت كلماتها تعكس قناعة متنامية في أوروبا والعالم بأن لا استقرار في الشرق الأوسط دون القاهرة، ولاتسوية عادلة دون بوصلتها السياسية التي تستند إلي الشرعية الدولية وحق الشعوب في العيش بسلام.
اللافت في التحرك المصري أنه لا يقوم علي اعتبارات تكتيكية أومصالح ضيقة بل علي رؤية استراتيجية تعتبر أن الأمن الاقليمي لا يمكن فصله عن العدالة للشعب الفلسطيني.
فكما قال الرئيس السيسي إن وقف إطلاق النار ليس غاية بحد ذاته بل خطوة أولي نحو إعادة الاعمار واطلاق الافق السياسي لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة علي خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
هذه الرؤية المتماسكة هي التي منحت مصر مصداقية لا تنافسها فيها أي دولة أخري، فالقاهرة التي غرست بذور السلام منذ «كامب ديفيد» قبل نحو نصف قرن مازالت ترويها اليوم بحكمة وشجاعة، متمسكة بأن السلام العادل والشامل هو الضمانة الوحيدة لأمن الشعوب جميعا.
مصر التي تتحركة من أجل السلام تتحرك أيضا من أجل التنمية مدركة أن الأمن الاقليمي لا ينفصل عن الازدهار الاقتصادي وأن بناء السلام يحتاج إلي شراكات حقيقية تحقق مصالح متبادلة وتفتح آفاقا جديدة لشعوب المنطقة.
لقد كانت قمة شرم الشيخ للسلام أكثر من مجرد اجتماع دولي كانت لحظة فارقة في تاريخ الشرق الأوسط فمن قلب المدينة التي طالما احتضنت قمم الحوار بعثت مصر برسالة إلي العالم مفادها أن السلام ليس شعارا يرفع في المؤتمرات بل مسئولية تمارس بالفعل والإرادة.
ومع توقيع قادة الدول الوسيطة علي وثيقة دعم الاتفاق بدأت مرحلة جديدة تعيد الأمل لشعوب المنطقة بأن صوت الحكمة والعقل مازال ممكنا أن يسمع وسط ضجيج الصراعات.
تثبت مصر مرة أخري أنها صاحبة الكلمة المسموعة واليد الممدودة للسلام وأنها ستبقي حجر الزاوية في كل تسوية والبوابة التي يمر عبرها كل طريق نحو شرق أوسط مستقر، آمن، ومزدهر.









