كتبت : نهى حامد
يرفض الأمل أن يغادر أرض قطاع غزة، رغم الدمار والخراب والدماء.. عامان ثقيلان عاشهما أطفال غزة بعيون يملؤها الخوف والدموع، تحت القصف والنيران، ووسط أوضاع إنسانية تدمى القلوب، حاول الأطفال تحدى الموت والجوع والنزوح والفقد، بعد أن تبددت أحلامهم قبل أن ترى النور، وتحولت مدارسهم إلى ملاجئ يتم استهدافها، وتعالت صرخات الحرب حتى اختفت ضحكاتهم.
فى كل شارع من شوارع القطاع قصة لطفلٍ يبحث عن حلم ضاع بين الركام، أو أم كانت تحتضن بقايا أمل فى عودة الحياة إلى طبيعتها، تركتها لتحمل بدلا منها أشلاء حياة لم تبدأ بعد.. ومع كل يوم يمر، كان الأمل يصبح أثمن من الطعام والماء.
خلفت الحرب على غزة منذ 7 أكتوبر 2023 أرقامًا يصعب على الوجدان استيعابها، فبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، قُتل أكثر من 18.592 طفل، بينما أُصيب عشرات الآلاف بجروح وإعاقات دائمة، كما فقد آلاف آخرون أحد والديهم أو كليهما، ليواجهوا الحياة بلا سند ولا مأوي.
لم تتوقف المأساة عند القنابل فقط، بل امتدت إلى الجوع والمرض، حيث تشير تقارير اليونيسف إلى أن أكثر من 54 ألف طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء تغذية حاد، بينهم نحو 13 ألف حالة خطيرة تحتاج إلى علاج عاجل. وفى شمال القطاع، وصلت نسبة سوء التغذية بين الأطفال دون العامين إلى 31٪، فى ظل نقص المياه والغذاء ودمار المرافق الصحية.
وسط هذا الألم، كانت مصر الحاضرة الكبرى فى المشهد الإنسانى والسياسي. منذ الأيام الأولى للعدوان، تحركت القاهرة بكل ثقلها لوقف إطلاق النار وحماية المدنيين، و فتحت معبر رفح ليكون شريان الحياة الوحيد لغزة، ودخلت منه آلاف الأطنان من المساعدات الغذائية والطبية، وخرج عبره مئات الجرحى والأطفال لتلقى العلاج فى المستشفيات المصرية.
كما عملت اللجنة المصرية لإغاثة غزةالموجودة داخل القطاع على نقل العائلات النازحة وتأمين احتياجاتها، تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى بتخفيف معاناة المدنيين، رغم المخاطر وصعوبة الأوضاع الميدانية.
ومع نجاح الجهود المصرية فى التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، أدرك الشعب الفلسطينى أن مصر هى الدولة الوحيدة المؤتمنة على القضية الفلسطينية من خلال جهودها الاغاثية والسياسية والدبلوماسية الداعمة للشعب الفلسطينى ولأن الأطفال كانوا أكثر من يدفعون ثمن الحرب، فمنهم كانت النسبة الأكبر للشهداء وكانت دموعهم هى ما يبكى العالم كله فقد خرج أطفال غزة برسائل شكر مؤثرة إلى مصر، ورسموا العلمين المصرى والفلسطينى متعانقين، وكتبوا ببراءتهم الصادقة: «شكرًا يا مصر.. أنقذتنا من الخوف».
لخصت تلك الكلمات التى كتبت بأقلام مكسورة أياماً مريرة من الألم، ففى الوقت الذى أغلقت فيه الأبواب، بقيت القاهرة تفتح ذراعيها، حاملةً صوت الإنسانية فى وجه آلة الحرب، مع وعود بعودة الحياة وأصوات الضحكات التى ستمتزج بترانيم السلام ليتردد صداها فى أنحاء الحياة لتصمت دوى انفجارات القنابل.