احتفلت دار الأوبرا المصرية بعيد إنشائها السابع والثلاثين في احتفالية كبرى أُقيمت على المسرح الكبير. شهد الحفل الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، والسيد فوميو إيواي، سفير اليابان بالقاهرة، والدكتور علاء عبد السلام، رئيس دار الأوبرا.
تضمن الحفل مشاركة واسعة من فرق ونجوم الأوبرا، شملت فرقة الموسيقى العربية وأوركسترا وباليه أوبرا القاهرة، بالإضافة إلى كورال الأطفال من مركز تنمية المواهب، الذين استقبلوا الضيوف في البهو الرئيسي وقدموا مجموعة من الأغاني التراثية والمعاصرة.
منارة جديدة: واحة الثقافة بمدينة 6 أكتوبر

في مستهل الحفل، أعلن وزير الثقافة أن الاحتفال القادم بذكرى ثورة 30 يونيو سيُقام من “واحة الثقافة”، وهي المنارة الجديدة بمدينة 6 أكتوبر والتابعة لإدارة دار الأوبرا المصرية، والتي سيتواكب افتتاحها مع هذا التوقيت لتستقبل فصلًا جديدًا من مسيرة الإبداع المصري.
وأكد الوزير أن دار الأوبرا المصرية كانت ولا تزال رمزًا للقوة الناعمة وسفيرًا دائمًا لوجه مصر الحضاري أمام العالم، وأنها صرح أعاد لمصر مكانتها الفنية الرفيعة. وأوضح أن الأوبرا، منذ افتتاحها، غدت أيقونة ثقافية وبيتًا للفن الراقي، ورسالة متجددة تؤكد أن مصر ستظل دائمًا حاضنةً للجمال ومركزًا للحضارة.
تكريم فاروق حسني ودور اليابان في التأسيس
أشار وزير الثقافة إلى أن تاريخ مصر الفني يشهد لها بالسبق حين دشّن الخديوي إسماعيل “الأوبرا الخديوية” كأول دار أوبرا في القارة الأفريقية والعالم العربي، لتصبح مرآة تطل بها مصر على العالم.
وأضاف أن الأوبرا الخديوية، رغم رحيلها في سبعينيات القرن الماضي، ظل حضورها حيًا في الذاكرة حتى تجسّد من جديد في دار الأوبرا المصرية الحديثة، التي أعادت للقاهرة نبضها الفني وصوتها العالمي.
وفي لفتة تقدير، توجه الوزير بالتحية والتقدير إلى الفنان فاروق حسني، وزير الثقافة الأسبق، صاحب فكرة إنشاء الأوبرا الجديدة، وإلى دولة اليابان الصديقة التي أسهمت في إقامة هذا المنجز الثقافي العظيم. كما ثمّن جهود كل من شارك في البناء من مهندسين وفنانين وعاملين، وكل من تولى رئاسة دار الأوبرا وأسهم في إثراء رسالتها.
شهادة الوزير على دور الأوبرا الثقافي
قدم الوزير شهادة شخصية عن أهمية الأوبرا قائلًا: “على مدى نحو عام ونصف منذ توليت مهام وزارة الثقافة، شهدتُ هنا، على خشبة هذا المسرح وبين أروقته، لحظاتٍ غالية لا تُنسى…
لحظاتٍ حفرت أثرها في القلب والذاكرة: يوم الثقافة، وتكريم المبدعين والحاصلين على جوائز الدولة، وتلك اللحظة المفعمة بالامتنان حين وقف السير مجدي يعقوب بيننا، رمزًا للعطاء الإنساني…
ومن هنا أيضًا عشتُ سحر مهرجان الموسيقى العربية، وبهجة المسرح القومي والتجريبي، ووهج مهرجان القاهرة السينمائي، وبراءة المبدع الصغير، وروحانية المولد النبوي، وحماسة انتصارات أكتوبر”.
رئيس الأوبرا: الأعوام السابعة والثلاثون منارة للفنون
من جانبه، قدم الدكتور علاء عبد السلام، رئيس دار الأوبرا، تحية شكر وتقدير لوزير الثقافة على دعمه المستمر لأنشطة وعروض الأوبرا لتواصل رسالتها السامية لنشر الإبداع والتنوير.
وأضاف أن الأوبرا لم تكن لتصل إلى مكانتها إلا بجهود كل من ساهم في رفعتها، بدءًا من إيمان الدولة المصرية بأهمية الفنون في بناء الهوية الوطنية، ودعم قيادات وزارة الثقافة، وصولًا إلى كتائب الفنانين والعاملين.
وأشار إلى أنهم يحتفون اليوم بالذكرى السابعة والثلاثين لتلك الأعوام التي “تجمّلت بتاريخ مُشرّف من الفنون الجادة والريادة الثقافية”، مؤكدًا أنها نجحت في أن تكون منارة للفنون الرفيعة وجسرًا يصل بين التراث المصري العريق وروح المعاصرة العالمية، بوصفها مؤسسة ثقافية متكاملة تحتضن عشرات الفعاليات والمهرجانات المحلية والدولية. وأكد أن فرق الأوبرا تلعب دورًا محوريًا في هذا العطاء المستمر.
فقرات الحفل المتنوعة
انطلقت العروض الفنية المتنوعة من البهو الرئيسي، حيث أعلن كورال أطفال مركز تنمية المواهب بقيادة الدكتور محمد عبد الستار عن نجاح خطط إعداد جيل جديد من المبدعين، وقدموا غنائيات تراثية ومعاصرة منها “زوروني كل سنة مرة”، و”سألوني الناس”، و”تمر حنة”، و”غني لي”، و”رمش عينه”، و”مصر يا أم الدنيا”، و”توتة توتة”، بأداء لميس محمود، ساندرا عماد، أيتن محمد، لوجي تامر، محمد أمير، وفياض أحمد.
وداخل المسرح الكبير، تشكلت لوحة إبداعية متكاملة برؤية فنية وإخراج الفنان وليد عوني والمخرج المنفذ مهدي السيد، وقدمها الإعلامي شريف نور الدين.
عكست اللوحة تنوع وثراء الفنون الراقية التي تختص بها الأوبرا، درة قلاع الفنون الجادة في مصر والعالم العربي.
بين المقامات الشرقية والنغمات الكلاسيكية، بدأت الأمسية بفقرة للموسيقى العربية ضمت مؤلفات التراث الغنائي والموسيقي، قادها المايسترو الدكتور مصطفى حلمي، والمايسترو أحمد عامر، بمشاركة كورالي الموسيقى العربية وأوبرا القاهرة ونجوم الطرب: غادة آدم، مي حسن، ومحمد الخولي.
وأعقبها نشيد “الجهاد” بقيادة المايسترو الدكتور محمد إسماعيل الموجي والمايسترو محمد سعد باشا وتغنى به وليد حيدر.
بعد ذلك، قدم أوركسترا أوبرا القاهرة بقيادة المايسترو أحمد فرج وبمصاحبة كورال أوبرا القاهرة، معزوفة “يا لعجلة الحظ” من كانتاتا كارمينا بورانا لكارل أورف، ومعزوفة “أبو سمبل” للمؤلف المصري عزيز الشوان، ومشهد “فالس الزهور” من باليه كسارة البندق للموسيقار العالمي تشايكوفسكي، من إخراج أرمينيا كامل مع فرقة باليه أوبرا القاهرة.
كما صاحب أوركسترا أوبرا القاهرة بقيادة المايسترو محمد سعد باشا فرقة الرقص المسرحي الحديث في مشهد من باليه “شهرزاد” لريميسكي كورساكوف (تصميم وإخراج وليد عوني)، ولعب شخصياته حبيبة سيد (شهرزاد)، ونادر جمال (شهريار)، وكريم أسامة ونرمين محمد (الحبيب والحبيبة الهندية).
واختتمت العروض بمشاركة فرقتي أوبرا القاهرة وباليه أوبرا القاهرة في مشهد “النصر” من أوبرا عايدة للموسيقار الإيطالي فيردي، والذي أداه إيمان مصطفى (عايدة)، وهشام الجندي (راداميس)، ومصطفى محمد (أموناصرو)، وجولي فيظي (أمنيريس)، ورضا الوكيل (رامفيس).
تخلل الاحتفالية عرض فيلم وثائقي استعرض تاريخ دار الأوبرا المصرية منذ نشأتها وحتى اليوم، متناولًا أهم محطاتها ومشاهد نادرة من الأوبرا الخديوية، من إعداد استوديو المونتاج وإخراج سامر ماضي.










