
تكثر الأسماء وتتعدد الحكايات والروايات حول ما شهدته الأيام الأخيرة وانجاز الوصول إلى وقف إطلاق النار.. لكن تبقى الحقيقة المؤكدة أن رئيس مصر وقائدها هو بطل الحكاية منذ البداية، وأن ما سعى إليه وأعتبره ثوابت هو ما يتحقق الآن.
القصة منذ البداية كانت مخططا نهايته معروفة، تهجير الفلسطينيين بكل السبل وتصفية القضية، وإغلاق الملف كاملاً وليبحث أبناء فلسطين عن وطن لهم فى مكان آخر، أو أن يسيحوا فى الأرض بحثًا عن ملاذ، ولكن على عكس البداية.. كانت النهاية اتفاقا لوقف الحرب دون أن يغادر أحد أرضه، بل عاد الفلسطينيون النازحون إلى أرضهم، وما بين المشهدين كان الفارق موقفا واضحا وحاسما فرضته مصر وقائدها لم يقبل أن يرى مخطط التهجير ويصمت ولم يرض أن تكون مصر جزءا من ظلم الشعب الفلسطينى بل أعلنها صراحة أن التهجير وتصفية القضية غير مقبول والأمن القومى المصرى خط أحمر.
لو لم يعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى هذه الثوابت، ويجاهر بها سريعًا لكان مسار الحرب قد أخذ اتجاهًا آخر، لكن مصر أظهرت الموقف بوضوح، بل وأكدت عليه فى كل مناسبة، مؤتمر أو قمة أو اتصال هاتفي، رفضت مصر كل ما تم من إغراءات ولم ترضخ لكل ما حاولوا ممارسته من ضغوط، وقالها الرئيس السيسى إن تهجير الفلسطينيين ظلم لن تقبل مصر أن تشارك فيه.
الوفود التى جاءت إلى القاهرة من أغلب العواصم الغربية، أو من أجروا اتصالات هاتفية حاولوا اقناع القاهرة بالتراجع عن موقفها وتمرير هذا المخطط بحجة أنه سيكون طريقا لإنهاء الحرب، بل وإنهاء معاناة الفلسطينيين، لكن القيادة المصرية كانت منذ البداية تدرك المخطط وتفاصيله وتعلم أن هناك توافقا غربيا مع إسرائيل للوصول إلى هذه النقطة، ولهذا كان الموقف المصري، الذى لم يسمح للمخطط أن يمر، بل حمى للفلسطينيين دولتهم وأرضهم وهو ما أدركه الفلسطينيون أنفسهم وشهدوا به وأكدوا أن موقف مصر هو الذى دعم صمودهم وساندهم فى موقفهم، وكما قال رئيس الوزراء الفلسطينى نفسه أمام معبر رفح: لولا الموقف المصرى لما كنا نتحدث عن القضية الفلسطينية الآن.
المهم فى هذا الموقف البطولى أن مصر وقيادتها لم يعلنوا اللاءات الثلاث فقط، بل تعاملت مصر بحلول عملية، ضغطت بكل السبل حتى تكسر الحصار الإسرائيلى على الشعب الفلسطينى من خلال إدخال المساعدات الإنسانية التى تمنع خطر المجاعة التى كان هدفها الضغط على الفلسطينيين للمغادرة، وحتى الآن ما يقرب من 600 ألف طن مساعدات وصلت إلى غزة من مصر.
وفى الوقت نفسه أقامت مصر أكثر من 7 مخيمات إيواء للنازحين وسط القطاع وكان مستهدفا أن تصل إلى 10 مخيمات تستوعب 400 ألف فلسطينى لمنع تهجيرهم.
كما فتحت مصر مستشفياتها لعلاج المصابين والجرحى الفلسطينيين.
وقدمت مصر خطة إعمار كاملة وشاملة تتضمن الإعمار دون مغادرة أى فلسطينى لأرضه.
وفى الوقت نفسه تحركت مصر دوليًا لطرح القضية والحقوق الفلسطينية وإظهار حجم الدمار الذى حدث بسبب الحرب وأن الفلسطينيين أصحاب أرض وحق تاريخي.. خاطبت مصر عواصم العالم سواء حكومات أو رأى عام لتظهر الرواية الفلسطينية، وأكاذيب إسرائيل.
كان هذا الموقف المصرى هو كلمة السر فى إجبار إسرائيل على التراجع من أوهامها التى تحدث عنها نتنياهو تحت مسمى إسرائيل الكبري، فقد وجد موقفا لا يقبل النقاش، ولا التهاون.
وجد فى مصر حائط صد منيعا، وأن أى محاولة للاصطدام بمصر ستكون عواقبه خطيرة.
كما كان للموقف المصرى أيضا دوره الرئيسى والفاعل فى اقناع العالم بأن مخطط التهجير لابد أن يقف وأن الحرب لابد أن تنتهى ولذلك كان تحرك الإدارة الأمريكية التى أدركت أنها أمام دولة صلبة فى موقفها وقيادة لا تهادن فى الأمن القومى المصرى أو الحق الفلسطيني.
تحملت مصر فى سبيل هذا الموقف هجوما لا يتوقف وحملات تشويه ممنهجة وفى مقدمتها الحملات المشبوهة من جماعة الإخوان الإرهابية التى حاولت الضغط على مصر لصالح المخطط الإسرائيلى تحت زعم أن مصر تحاصر أبناء غزة وتظاهروا أمام السفارات المصرية فى الخارج، وأمام السفارة المصرية فى تل أبيب فى مشهد ليس له وصف سوى أنه خيانة علنية.
كما تعرضت مصر لضغوط عديدة، واستخدام كافة الأوراق ضدها، لكن القيادة المصرية رفضت القبول بكل هذا وأصرت على موقفهاالداعم للقضية.
وكانت النتيجة فى النهاية أن بطل الحكاية فرض إرادته، والزم الجميع بثوابته ، وتضمنت مبادرة الرئيس ترامب المبادئ المصرية التى تقوم على عدم التهجير وعدم تصفية القضية وعدم ضم أراض أخرى بالضفة والسماح بإدخال المساعدات ولأن مصر هى الدولة الأساس فى أى حل وهى رمانة الميزان فى الاستقرار بالمنطقة فقد كان اختيارها لتكون دولة المفاوضات الأخيرة بعد أن فشلت كل المفاوضات السابقة.
وفى شرم الشيخ كان الدور المصرى الآخر هو العمل على نجاح التفاوض، من خلال فريق تفاوضى قاده السيد اللواء حسن رشاد رئيس جهاز المخابرات العامة ومساعدوه من المسئولين عن الملف، بحرفية عالية ومهارة شهد بها المبعوث الأمريكى ويتكوف.
شهدت مفاوضات شرم الشيخ كل أنواع الدعم المصرى وعمليات تقريب وجهات النظر وإنهاء أى خلافات من أجل التوصل إلى حلول تحسم ملف التفاوض تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى ولهذه الاحترافية نجحت المفاوضات وأعلن عن توقيع الاتفاق.. وقالها كل المسئولين الدوليين إن مصر هى مفتاح الحل وأن جهودها وجهود قيادتها كانت كلمة السر فى النجاح والوصول إلى هذه اللحظة التى أنتظرها العالم طويلاً واثنى ترامب على هذا الجهد المصرى الذى حاول البعض تشويهه والتقليل منه، لكن لا يصح إلا الصحيح، فالعالم كله شاهد ما فعلته وتفعله مصر من أجل إنهاء الحرب بل وإصرار مصر على أن يكون هذا الاتفاق طريقا للهدف الأهم وهو الوصول إلى حلم إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 67.
هذه هى مصر وقيادتها.. بطل الحكاية.. والذى نقل الأمر من مخطط كان قاب قوسين أو أدنى من التنفيذ إلى اتفاق ينهى الحرب ويحفظ الدولة الفلسطينية ويحمى الشعب البريء من نزيف الدماء.. هكذا هى مصر.. تتحرك بهدوء وحكمة وصبر وإصرار، تعلن ثوابتها وتنجح فى تحقيقها.
مصر التى لم تترك ولم تفرط فى القضية الفلسطينية ولم تتهاون فى حقوق الفلسطينيين ونجحت فى أن تحمى القضية من التصفية التى كان مخططا لها.
خطة الإعمار
..جاهزة للتنفيذ
الدولة التى استطاعت أن تحقق المستحيل من أجل حماية القضية الفلسطينية وصناعة السلام فى المنطقة.. هى دولة صاحبة قدرات خاصة على استقراء المستقبل ورسم إستراتيجيته.. هى دولة جاهزة لجميع السيناريوهات وفى كل سيناريو لديها الحل.
فى مارس 2025 وبينما كانت دول العالم تنادى بوقف إطلاق النار.. كانت لدى الدولة المصرية تفاعلات ديناميكية ربما كانت عصية على الفهم لدى غالبية العالم.. تضغط فى مختلف المحافل لتحقيق الهدنة وتكافح لإقامة دولة فلسطينية وتنسق الجهود الدولية من أجل الاعتراف بها وتضع كل طاقاتها من أجل الإنقاذ العاجل وإدخال المساعدات لأهالى القطاع.. ومع هذا كله ترسم خطة شاملة لإعادة إعمار قطاع غزة تتضمن حلولاً عملية للواقع والمستقبل القريب والبعيد.
مصر كانت تنظر من نافذة شامل لترى ما يستحيل على أحد تصوره.. فكانت صاحبة السبق والريادة بخطة كاملة الجاهزية جاءت فى 91 صفحة.
جاهزية الخطة المصرية فى شموليتها لم تترك شيئًا للصدفة.. ولم تُفسح مجالاً للخطأ.. ولم تترك مساحة التجربة.. بل رسمت بخبرة سنوات بل عقود فى البناء والتنمية خارطة طريقٍ تضمن الاستدامة، وتُعيد الإعمار، والحياة للقطاع الذى ظلم كثيراً، وتُحيى التطوير من جديد.
خطة تنموية الفكر.. واقعية الآلية.. إنسانية البوصلة.. وضعت أمامها استقلالية غزة هدفًا وإقامة الدولة الفلسطينية مبدأ.. واستدامة التعمير قاعدة لا حياد عنها.
الخطة الموضوعة بعد جهود مطولة شملت أبعادًا متكاملةً تُظهر عمق الرؤية المصرية.. خطة تضع أسسا واضحة لإدارة انتقالية فلسطينية موحَّدة، تُعيد اللحمة الوطنية وتضمن الأمن الداخلي، مع ترتيب تدريجى لعودة السلطة الفلسطينية، وتدريب عناصر الشرطة لإحلال الأمن والاستقرار فى القطاع.
كما جعلت الخطة صون الكرامة الإنسانية لأهالى القطاع وحقوقهم فى أبسط أشكال الحياة أولوية فرسمت تكتيك توفير سكنٍ مؤقتٍ آمنٍ لأبناء غزة، وآلية تنفيذية لتأمين الغذاء والدواء والمياه والكهرباء والخدمات الصحية والتعليمية، لضمان عودة الحياة الطبيعية سريعًا إلى شوارع غزة ومخيماتها بعد تدمير أكثر من 90 ٪ من البنية التحتية فى القطاع.
وبالتوزاى مع ذلك يتم إطلاق أكبر عملية لإزالة الركام وإعادة الإعمار الذى يقدر بنحو 55 مليون طن وفق مراحل مدروسة تبدأ بإزالة الأنقاض، ثم بناء وحدات دائمة ومناطق صناعية وزراعية، وصولاً إلى إنشاء مطار وميناء ومرافق خدمية حديثة تفتح باب التنمية والعمل.
الخطة لم تكن تنظيرا على الورق بل كانت الخطوات التنفيذية ملحقة بكل بند وعلى رأس ذلك توفير تمويل بتقدير نحو 53 مليار دولار، عبر صندوق دولى خاضع للرقابة والشفافية، بمشاركة شركاء التنمية والمؤسسات العربية والدولية، لضمان التنفيذ بلا تعثر ولا تأخير.. لاسيما أن المنازل المدمرة فى القطاع تجاوزت 300 ألف منزل وتدمر أكثر من 134 مستشفى ومركزاً صحياً.
عبقرية شمولية الخطة أنها لا تنظر لاستفادة الجيل الحالى أو التالى من أبناء قطاع غزة بل تم وضعها وفق معايير الأمم المتحدة المعمول بها فى العالم كلها لتحقيق التنمية المستدامة، عبر استصلاح الأراضى وإقامة مناطق إنتاج زراعى وصناعى وسكني، بما يُحوِّل غزة من ساحة معاناة إلى نموذج للحياة الكريمة والاقتصاد المنتج.. وليصبح الإعمار خطوة تمهِّد لحوارٍ شاملٍ يرسّخ الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ويضمن سلامًا دائمًا على أرضٍ آمنةٍ ذات سيادة.
وهكذا.. جاءت الخطة المصرية جامعة مانعة.. لا تُعيد البناء فقط، بل تُعيد الأمل.. لا تُرمِّم الحجارة، بل تُصلح إنساناً عانى فأفظع أشكال المعاناة وأقصى ألوان الحرب والعداء.. لتؤكد أن مصر كانت ــ وستبقى الضامن العالمى للسلام، والحارس الأمين لحق الإنسان وكرامته فى غزة وكل أرضٍ تنزف وتطلب الحياة وتأمل الخير وحقها فى البناء.
كانت مصر تعلن أن مؤتمر الإعمار سيعقد فور الإيقاف للحرب ولم يكن أحد يتوقع أن يحدث هذا، لكن صدق رهان مصر وتم إيقاف الحرب لتبدأ رحلة الإعمار التى تعيد الحياة للقطاع.. من الخراب والدمار إلى العمران.
رسائل حاسمة منذ بداية العدوان الإسرائيلى على غزة
«القاهرة» تعاملت مع وقف إطلاق النار المعقد بحنكة سياسية
كتب : حازم سمير
على مدار عامين من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الذي حصد أكثر من 67 ألف شهيد، بذلت القاهرة جهوداً دبلوماسية مضنية، من أجل وقف شلال الدم الفلسطينى والقضاء على مخططات الحكومة اليمينية المتطرفة، بقيادة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو،التي سعت إلى وأد القضية الفلسطينية التي ظل يدافع عنها أجيال عربية بقيادة مصر منذ عام 1948 وحتى الآن.
بعد أحداث السابع من أكتوبر عام 2023، كان المجتمع الدولي وبالأخص الولايات المتحدة الأمريكية مؤيداً بشكل شبه كامل لإسرائيل، حتى في خطتها المتطرفة المتعلقة بتهجير أهالى غزة إلى مصر، التي كانت ستؤدي إلى القضاء تماماً وإلى الأبد على حلم الفلسطينيين في اقامة دولة مستقلة.
لكن مصر تصدت لهذا المخطط الإسرائيلى بصبر ودهاء، على الرغم من أن معظم الظروف في ذلك الوقت كانت ضدها، فبعد أيام قليلة من اندلاع الحرب بين حركة حماس واسرائيل، استضافت القاهرة قمة دولية في 21 أكتوبر عام 2023 من أجل بحث تطورات القضية الفلسطينية، ووقف إطلاق النار فى قطاع غزة، والتأكيد على أهمية نفاذ المساعدات الإنسانية لأهالى القطاع والدفع نحو تفعيل عملية السلام فى الشرق الأوسط.
حضر القمة عدد كبير من قادة و مبعوثى الدول الغربية والعربية، فضلاً عن مسئولي المنظمات الدولية الممثلة في الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والاتحاد الأفريقي.
ونتيجة لأن الرأي العام الغربي آنذاك كان مع اسرائيل، عارضت بشدة الولايات المتحدة والدول الأوروبية الحليفة لها أي لغة في البيان تدين تل أبيب، وركزت على إدانة حركة حماس لهجمات 7 أكتوبر، داعين إلى «وقف إنساني مؤقت» للقتال، وليس دائما، مع التأكيد على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.
كان الموقف الغربي في ذلك الوقت ينصب على الأولوية المطلقة لتحرير الرهائن وعدم منح شرعية لـ»وقف إطلاق النار» الذي قد يعطى حماس مكاسب، على حد وصفهم حيث قال المراقبون إن المؤتمر كشف عن هوة عميقة في المجتمع الدولي، حيث لم تستطع الدبلوماسية حتى الاتفاق على لغة الاستنكار.
مع استمرار اسرائيل في ابادة أهالى غزة وتدمير القطاع وفق خطة ممنهجة تقوم على تطبيق كامل سياسة الأرض المحروقة، برزت قضية تهجير سكان قطاع غزة التى كانت تدركها القاهرة من البداية، لا سيما مخططات اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي يريد تفريغ قطاع غزة من سكانه ودفعهم إلى الخارج، مما يعني القضاء على حلم الدولة الفلسطينية إلى الأبد.
انطلاقاً من ايمانها بالقضية الفلسطينية التي ظلت راعية لها منذ عقود، تصدت مصر لهذا المخطط بكل حزم، مستخدمه كافة الوسائل الدبلوماسية والسياسية.
بأقصى درجات الوضوح والحسم،صرّح الرئيس عبد الفتاح السيسي مراراً وتكراراً بأن مصر لن تسمح بتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، واصفاً التهجير بأنه «محاولة لتصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار».
كما استخدم الرئيس السيسي تعبيرات مثل «الخط الأحمر» و «مبدأ وجودي» من أجل تحذير أصحاب اليمين الصهيوني بأن هذه المخططات تدخل في إطار الأمن القومي المصري غير القابل للمساومة.
علاوة على ذلك، حركت مصر دبلوماسيتها في جميع المحافل (الجامعة العربية، الأمم المتحدة، الاتحاد الأفريقي) لتحذير العالم من مخاطر التهجير ، والتشديد على أنها قضية مصيرية.
كما قامت بتعزيز التواجد العسكري والأمني على الحدود مع غزة عند معبر رفح ومناطق أخرى في سيناء، من أجل إيصال رسالة قوية لتل أبيب بأن القاهرة لن تسمح بأي محاولة للتهجير القسري للفلسطينيين.
إلى جانب ذلك، أصرت مصر على أن معبر رفح يجب أن يبقى منفذاً لإدخال المساعدات إلى داخل قطاع غزة، وليس ممراً لخروج السكان منه.
وخلال القمة العربية الإسلامية فى الرياض، أكد الرئيس السيسى وقوف القاهرة ضد جميع المخططات التى تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، قائلا: «باسم مصر، أعلنها صراحة إننا سنقف ضد جميع المخططات، التى تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، سواء عبر تهجير السكان المحليين المدنيين، أو نقلهم قسريا، أو تحويل القطاع إلى مكان غير صالح للحياة» مشدداً على أن هذا الأمر؛ لن تقبل به القاهرة تحت أى ظرف من الظروف.
وبعد هذا الموقف القوي، نجحت مصر في الحصول على دعم عربي وغربي واسع لموقفها، ضد المحاولات الإسرائيلية لدفع السكان نحو سيناء.
اقترحت مصر عقد مؤتمر دولي كبير لجمع التبرعات والتعهدات من المجتمع الدولي لتمويل خطة الإعمار والتي ربطتها بالعملية السياسية في القطاع، مشددة على ضرورة وجود خريطة طريق سياسية واضحة تؤدي إلى حل الدولتين على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
علاوة على ذلك، قدمت مصر بالتعاون مع الوسطاء عدة مقترحات لتبادل الأسرى والمعتقلين مع وقف لإطلاق النار التي شهدت تعثراً بسبب الفجوات الكبيرة بين مطالب الجانبين، خاصة فيما يتعلق بضمانات إنهاء الحرب بشكل دائم وعودة النازحين.
كما استضافت مصر اجتماعات عربية على مستوى وزراء الخارجية وقمة طارئة، سعت من خلالها لتوحيد الموقف العربي ودعم الموقف الفلسطيني في المحافل الدولية. كما كانت القاهرة محطة أساسية للعديد من المسئولين الدوليين.
في الحقيقة، لم يكن التأييد الدولي لإسرائيل وخطط حكومتها لتهجير سكان غزة إلى سيناء، السبب الرئيسي فقط لتعقيد مساعي وقف اطلاق النار، بل كان التباعد الكبير في مطالب حماس التي تريد وقفًا دائمًا للعدوان وانسحابًا كاملاً للقوات الإسرائيلية، وحكومة تل أبيب المتشددة التي تريد استمرار الحرب عاملاً آخر اضافياً يؤكد على صعوبة التوصل إلى اتفاق.
لكن بفضل الدبلوماسية المصرية، وأجهزة الدولة المنوط بها هذا الملف، استطاعت تحقيق ما يصعب انجازه، ونجحت القاهرة مع الوسطاء قطر والولايات المتحدة الأمريكية، فى ايقاف هذه الحرب التي عانى منها أكثر من 2 مليون فلسطيني على أرض غزة المدمرة بعد حرب استمرت عامين حصدت خلالها أكثر من 67 ألف شهيد بالإضافة إلى مئات الآلاف من المصابين.
وبفضل هذه الحنكة السياسية والدبلوماسية، نجحت القاهرة في القضاء على أحلام اليمين المتطرف الإسرائيلي في تهجير أهالى غزة، وتم ابرام اتفاق شرم الشيخ الذي سينهي المذابح الاسرائيلية في القطاع.