الإثنين, أكتوبر 13, 2025
  • سياسة الخصوصية
  • إتصل بنا
  • من نحن

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفي

جريدة الجمهورية

رئيس التحرير

أحمد أيوب

  • الرئيسية
  • أخبار مصر
  • ملفات
  • مدارس و جامعات
  • محافظات
  • رياضة
  • برلمان و أحزاب
  • فن و ثقافة
  • حوادث و قضايا
  • المزيد
    • تكنولوجيا
    • عرب و عالم
    • إقتصاد و بنوك
    • الجمهورية معاك
    • منوعات
    • متابعات
    • أجراس الأحد
    • عالم واحد
    • مع الجماهير
    • العـدد الورقـي
    • مقال رئيس التحرير
لا توجد نتائج
كل النتائج
  • الرئيسية
  • أخبار مصر
  • ملفات
  • مدارس و جامعات
  • محافظات
  • رياضة
  • برلمان و أحزاب
  • فن و ثقافة
  • حوادث و قضايا
  • المزيد
    • تكنولوجيا
    • عرب و عالم
    • إقتصاد و بنوك
    • الجمهورية معاك
    • منوعات
    • متابعات
    • أجراس الأحد
    • عالم واحد
    • مع الجماهير
    • العـدد الورقـي
    • مقال رئيس التحرير
لا توجد نتائج
كل النتائج
جريدة الجمهورية
لا توجد نتائج
كل النتائج
الرئيسية ملفات

قمة شرم الشيخ مصر وصناعة السلام الإيجابى

من الوساطة الإقليمية إلى تحقيق المكسب للجميع

بقلم جريدة الجمهورية
12 أكتوبر، 2025
في ملفات
قمة شرم الشيخ مصر وصناعة السلام الإيجابى
0
مشاهدات
شارك على فيسبوكواتس اب

أحمد ناجى قمحة

رئيس تحرير مجلتى السياسة الدولية والديمقراطية بالأهرام

تعد مصر من أكثر الدول العربية التى حافظت على حضورها الفاعل فى بنية النظام الإقليمى، ليس فقط من خلال موقعها الجغرافى وموروثها التاريخى، بل عبر رؤيتها المتجددة للأمن والسلام فى الشرق الأوسط. ومع تصاعد الصراعات وتبدّل أولويات القوى الكبرى، أصبحت القاهرة تمارس دورًا يتجاوز حدود «الوساطة السياسية» إلى «صناعة السلام الإيجابى»، من خلال السعى إلى بناء بيئة مستقرة عبر الدمج بين المسارات الأمنية والتنموية والاجتماعية.

حيث تؤكد التجربة المصرية فى العقود الأخيرة أن مفهوم السلام لم يعد مقصورًا على وقف إطلاق النار أو عقد اتفاقيات تسوية، بل أصبح يشمل إعادة بناء بنية المجتمعات المتضررة من النزاع، وتحقيق التوازن بين ضرورات الأمن ومتطلبات التنمية. فمصر، بما تملكه من قدرات سياسية واقتصادية ومؤسسية، استطاعت أن تُعيد تعريف السلام الإقليمى بوصفه عملية تحول مستمرة، تتجاوز رد الفعل إلى بناء الفعل ذاته.

ففى قلب الشرق الأوسط، حيث تتقاطع التوترات التاريخية مع الطموحات المعاصرة للاستقرار، يظل مفهوم «صناعة السلام» أحد أبرز الركائز لتحويل النزاعات المعقدة إلى فرص للتعاون والازدهار. مصر، كدولة محورية فى المنطقة، لم تكن مجرد مراقبة لهذه الديناميكيات، بل كانت مهندساً رئيسياً لها، خاصة فى سياق الصراع العربي-الإسرائيلى الذى امتد لأكثر من سبعة عقود. ويتضح ذلك، منذ توقيع معاهدة السلام التاريخية فى كامب ديفيد عام 1978، مرورًا بجهودها الدؤوبة فى بناء جسور السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وصولًا إلى المفاوضات الحالية فى شرم الشيخ التى انطلقت فى 6 أكتوبر 2025، حيث تُجسد مصر نموذجًا للدبلوماسية الفعالة والوساطة المسئولة.

يأتى هذا التحليل فى لحظة حاسمة، بالتزامن مع مفاوضات شرم الشيخ التى تأمل الدولة المصرية أن تقود لبدء مرحلة التفاوض بشأن تحقيق السلام الشامل والدائم والعادل وذلك بعد التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار الذى دعا الرئيس السيسى نظيره الأمريكى لحضور توقيعه حال التوصل إليه، وهو الأمر الذى تم فى 9 أكتوبر 2025، بالتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة بحضور المبعوثين الأمريكيين ستيفن ويتكوف وجاريد كوشنير، موفدى الرئيس دونالد ترامب، كما أعلن البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية المصرية. يشمل الاتفاق المرحلة الأولى من خطة ترامب المكونة من 20 نقطة، التى تهدف إلى تبادل الأسرى «بما فى ذلك 250 أسيراً فلسطينياً مقابل رهائن إسرائيليين»، وقف إطلاق النار الدائم، فتح معبر رفح فى كلا الاتجاهين، وإعادة إعمار القطاع، مع ضمانات أمنية دولية. كما أعلن الرئيس ترامب عن نيته – التى نتوقع تحققها- بالحضور إلى مصر اليوم 13 أكتوبر 2025، لحضور توقيع الاتفاق النهائى، فى خطوة تاريخية تعكس الشراكة بين مصر والولايات المتحدة. وفقًا لتصريحات ترامب، شهدت المفاوضات تقدماً هائلاً، حيث وافقت حماس على بنود مهمة تشمل إطلاق سراح الرهائن مقابل رفع جزئى للقوات الإسرائيلية وإدخال المساعدات الإنسانية. الجدير بالذكر هنا، أن السيد «ويتكوف» والسيد «كوشنير» أكدا مجددًا فى لقائهما مع الرئيس السيسى عن تقدير الولايات المتحدة الأمريكية للدور المحورى الذى قامت به مصر لإنهاء الحرب ولاستعادة الاستقرار فى المنطقة. ومن ناحيته، شدد السيد الرئيس مجددًا على أن مصر تقدر وتساند جهود الرئيس ترامب لإنهاء النزاعات وإحلال السلام فى منطقة الشرق الأوسط والعالم بأسره، مجددًا الإعراب عن تطلعه لاستقبال الرئيس «ترامب» فى مصر ليشهد توقيع هذا الاتفاق التاريخى فى احتفالية تليق بالحدث. والنقطة السابقة لها دلالة على كيفية إدارة الرئيس السيسى للعلاقة مع إدارة ترامب الثانية، والتى تميزت بالصبر والحكمة والرشادة، مستغلًا -سيادته- فى ذلك سابق العلاقة الشخصية الطيبة التى تجمعهما قبل تولى ترامب فترة رئاسته الأولى. ومع ذلك، يظل التنفيذ معلقاً على القدرة على تحويل هذه الاتفاقات المؤقتة إلى بناء سلام دائم، وهو ما يتطلب إطاراً نظرياً متيناً يتجاوز مجرد وقف للعنف.

يستعرض هذا المقال إطارًا نظريًا شاملًا لصناعة وبناء السلام، مستلهمًا أعمال يوهان جالتونج وغيره، مع التطبيق على الدور المصرى التاريخى والمعاصر. سنستعرض فى هذا المقال تفاصيل معاهدة كامب ديفيد، ومحاولات أوسلو، والجهود الحديثة، مع التركيز الخاص على الفترة من 2011 إلى اليوم، بما فى ذلك التطورات من أكتوبر 2023 إلى 8 أكتوبر 2025، هذا التحليل ليس مجرد سرد تاريخى، بل دعوة لفهم كيف يمكن للدبلوماسية المصرية أن تعيد رسم خريطة السلام فى الشرق الأوسط، مع التركيز على التحليلات النظرية والتطبيقية لفهم الديناميكيات الراهنة.

أولًا: صناعة وبناء السلام

يُعد مفهوم «صناعة السلام» «Peacemaking» و«بناء السلام» «Peacebuilding» من أبرز الإسهامات فى دراسات النزاعات والسلام، وهما يمثلان تطورًا فى فهم كيفية التعامل مع الصراعات المعقدة. طور عالم السلام النرويجى يوهان جالتونج، مؤسس دراسات السلام الحديثة، إطارًا ثلاثيًا يميز بين ثلاثة مناهج أساسية: الحفاظ على السلام «Peacekeeping»، صناعة السلام «Peacemaking»، وبناء السلام «Peacebuilding». هذا الإطار، الذى نشر فى مقالته الشهيرة «ثلاثة أساليب للسلام» عام 1976، يرى السلام ليس كغياب للعنف فحسب «السلام السلبى أو Negative Peace»، بل كبناء للعدالة الاجتماعية والاقتصادية «السلام الإيجابى أو Positive Peace».

1 – يُعرف الحفاظ على السلام بأنه النهج «الانفصالى» «Dissociative» الذى يعتمد على توازن القوى العسكرية لمنع تصعيد العنف، كما فى نشر قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. يُوصف هذا النهج بأنه «عسكرى» ومؤقت، يهدف إلى «كسب الوقت» للسماح بتقدم الجهود الأخرى، لكنه لا يعالج الأسباب الجذرية للنزاع. على سبيل المثال، فى النزاعات الإقليمية، يعمل الحفاظ على السلام كدرع وقائى، لكنه يخاطر بالتحول إلى حالة من الجمود إذا لم يتبعه صناعة السلام. 

2 – صناعة السلام تركز على التفاوض والوساطة الدبلوماسية للوصول إلى تسويات ملموسة، مثل اتفاقيات وقف إطلاق النار أو معاهدات السلام. هذا النهج يعتمد على الدبلوماسية الوقائية لمنع العنف قبل حدوثه، ويشمل تقنيات مثل الوساطة الثالثة والحوافز الاقتصادية. جالتونج يؤكد أن هذا الأسلوب يتطلب وسطاء محايدين يجمعون بين الضغط والتشجيع، كما فى حالات النزاعات الدولية حيث يُستخدم لتحويل الخصوم إلى شركاء. فى سياق الصراعات المعقدة، يتداخل هذا مع نظريات حل النزاعات «Conflict Resolution Theories»، التى ترى النزاع كنتيجة لعدم التوازن فى القوى أو الاهتمامات، وتدعو إلى معالجة «الأسباب الجذرية» مثل الاحتلال واللامساواة. تحليلياً، يمكن القول إن صناعة السلام تعتمد على نموذج «الفوز-الفوز» «Win-Win»، حيث يحقق كل طرف مكاسب، لكن فى الصراع العربي-الإسرائيلى، غالباً ما يفشل بسبب عدم الثقة والتدخلات الخارجية، كما فى فشل اتفاقيات أوسلو بسبب توسع الاستيطان.

3 – أما بناء السلام، فهو الأكثر شمولًا وطويل الأمد، يشمل تعزيز الحكم الرشيد، مكافحة الفقر، تعزيز حقوق الإنسان، وإعادة الإعمار الاقتصادى لتحقيق سلام إيجابى. جالتونج يميز بين «العنف المباشر» «Direct Violence» مثل الحروب، و«العنف الهيكلى» «Structural Violence» مثل الفقر والتمييز، مطالبًا ببناء مجتمعات خالية من كليهما. هذا النهج ألهم ممارسات الأمم المتحدة، حيث أصبح بناء السلام جزءاً من الدبلوماسية الوقائية، كما فى قرار مجلس الأمن 1325 بشأن المرأة والسلام والأمن. 

فى النزاعات مثل الصراع العربي-الإسرائيلى، يتطلب الإطار دمج الثلاثة أساليب: الحفاظ عبر قوات متعددة الجنسيات، الصناعة عبر المؤتمرات، وبناء الثقة عبر التعاون الاقتصادى مثل مشاريع الطاقة والمياه. تحليلياً، يفشل بناء السلام عندما يركز على الجانب الأمنى دون الاقتصادى، كما فى غزة حيث يعيق الحصار الإسرائيلى التنمية، مما يعزز «العنف الهيكلى» ويؤدى إلى دورات عنف متكررة.

توسعًا، يمكن ربط إطار جالتونج بنظريات أخرى، مثل نموذج «مثلث الصراع» «ConflictTriangle» الذى طوره فى 1969، والذى يتكون من التناقض «Contradiction»، السلوك «Attitude»، والموقف «Behavior». يرى جالتونج أن حل النزاع يتطلب تحويل كل ركن: تغيير التناقضات غير العادلة، تقليل الأحقاد، وتعديل السلوكيات العدوانية. هذا النموذج يفسر فشل العديد من الهدن المؤقتة فى الشرق الأوسط، حيث يركز على السلام السلبى دون معالجة الهيكل الاستعمارى. كما أن جالتونج، الذى توفى فى 2024، ترك إرثًا هائلًا فى «تحويل النزاع» «Conflict Transformation»، الذى يرى السلام كعملية مستمرة لا كحدث واحد. فى التطبيق، يساعد هذا الإطار الوسطاء كجمهورية مصر العربية على دمج الضغط الدبلوماسى مع الحوافز، مما يحول السلام من «بارد» إلى «دافئ» ومستدام. على سبيل المثال، فى مفاوضات شرم الشيخ، يمكن تحليل كيف تساهم الوساطة المصرية فى تحول التناقضات، خاصة مع دعوة السيسى لترامب، التى قد تعزز الثقة الدولية وتفتح أبواباً للتعاون الاقتصادى بعد الاتفاق. هذا التحليل يبرز أهمية دمج النظرية مع الواقع لفهم كيف يمكن لمصر أن تحول الصراع إلى فرصة للسلام الإيجابى، مع التركيز على معالجة العنف الهيكلى من خلال إعادة الإعمار والتنمية.

ثانيًا: الدور المصرى فى الصراع العربي-الإسرائيلى منذ معاهدة السلام

يُمثل الدور المصرى فى الصراع العربي-الإسرائيلى تحولًا جذريًا فى تاريخ المنطقة، بدءًا من معاهدة كامب ديفيد فى سبتمبر 1978، التى أدت إلى معاهدة السلام الرسمية فى 26 مارس 1979 بين مصر وإسرائيل. كانت هذه المعاهدة، برعاية الرئيس الأمريكى جيمى كارتر، أول اتفاق سلام بين دولة عربية وإسرائيل، حيث وافقت مصر على الاعتراف بإسرائيل مقابل انسحابها الكامل من شبه جزيرة سيناء، التى احتلتها إسرائيل فى حرب 1967. من جهة أخرى، رفضت إسرائيل مطالب مصر بانسحاب من الضفة الغربية وقطاع غزة، مما أدى إلى «سلام بارد» يركز على عدم الاشتباك العسكرى، لكنه أنهى فى القوت نفسه حالة الحرب الرسمية وأنقذ حياة آلاف. تحليليًا، تمثل هذه المعاهدة تطبيقًا لنهج صناعة السلام فى إطار جالتونج، حيث حققت سلامًا يقترب كثيرًا من مفهوم السلام السلبى لكنها فشلت فى بناء سلام إيجابى بسبب عدم معالجة التناقضات الجذرية.

بعد انسحاب إسرائيل من شرق سيناء فى 25 أبريل 1982، سعى الرئيس حسنى مبارك إلى إنهاء عزلة مصر فى العالم العربى من خلال دعم عملية السلام الشاملة. فى الثمانينيات، استضافت مصر مؤتمرات لتعزيز الثقة، مثل تلك المتعلقة بقوات حفظ السلام متعددة الجنسيات فى سيناء، مما يعكس تطبيقاً لنهج جالتونج فى الحفاظ على السلام. ومع ذلك، بقى السلام محدودًا بسبب رفض إسرائيل التزاماتها الكاملة، كما التوسع فى المستوطنات، وانتهاكات حدودية متكررة. تحليليًا، يظهر ذلك كيف يفشل الحفاظ على السلام عندما لا يتبعه بناء، حيث أدى إلى «سلام بارد» يعتمد على التوازن العسكرى دون تعزيز الروابط الاقتصادية أو الثقافية.

فى التسعينيات، امتد الدور المصرى إلى الصراع الفلسطيني-الإسرائيلى، حيث ساهمت مصر فى اتفاقيات أوسلو «1993-1995»، وتم تأسيس السلطة الفلسطينية فى الضفة الغربية وقطاع غزة لمدة خمس سنوات انتقالية، مع التركيز على الانسحاب التدريجى الإسرائيلى. كانت مصر شريكًا فى الجهود الأمريكية-الأوروبية، لكن توسع المستوطنات الإسرائيلية بنسبة 50 ٪ خلال تلك الفترة أدى إلى فشل الاتفاقيات، مما أثار الانتفاضة الثانية فى 2000. فى 1999، استضافت مصر قمة شرم الشيخ، التى جمعت الرئيس بيل كلينتون، ياسر عرفات، وإيهود باراك، لكنها انهارت بسبب خلافات حول القدس واللاجئين، مما يبرز تحديات صناعة السلام فى مواجهة التناقضات الهيكلية. تكشف هذه الفترة عن دور مصر كوسيط يجمع بين الضغط العربى والدعم الدولى، لكن الفشل يعود إلى عدم دمج بناء السلام، مثل برامج التنمية المشتركة، التى كانت ستقلل من «العنف الهيكلى».

ومع الثورة الشعبية المصرية العظيمة «ثورة الثلاثين من يونيو 2013»، وتولى الرئيس السيسى الحكم عام 2014، عادت مصر إلى سياسة توازن بين الالتزام بمعاهدة السلام مع إسرائيل ودعم القضية الفلسطينية، مع التدخل القوى لإقرار المصالحة بين الفصائل الفلسطينية. فى 2014، نجحت مصر فى وقف إطلاق نار فى غزة بعد عملية «الجرف الصلب»، التى أسفرت عن مقتل أكثر من 2200 فلسطينى، من خلال اتفاق يشمل فتح المعابر وإدخال المساعدات. كما أغلقت مصر أنفاقًا تحت الحدود مع غزة لمكافحة التهريب. بين 2014 و2023، شهدت العلاقات المصرية-الإسرائيلية تحسنًا فى التعاون الاقتصادى، مثل صفقات الغاز، لكن الصراع الفلسطينى أثر سلبًا. وعادت مصر فى 2021، لكى تتوسط فى هدنة أخرى، وساهمت فى إعادة إعمار غزة بمبلغ 500 مليون دولار، مما يعكس تطبيقًا لبناء السلام الإيجابى. 

رغم الإنجازات، نجد أنه مع توسع المستوطنات الإسرائيلية فى 2020، واجهت مصر انتقادات بأنها لا تحاول أن تطور «السلام البارد»، حيث رفضت مصر «صفقة القرن» الأمريكية، مطالبة بحل الدولتين، مما يبرز دورها كوسيط متوازن. هكذا، تحول الدور المصرى من مواجهة عسكرية إلى دبلوماسية بناءة، محاولة تحقيق السلام الإيجابى، الذى يظل حاسمًا فى مواجهة مخاطر الاستقرار الإقليمى كما فى حروب غزة المستمرة التى تقوض كل فرص التوصل إلى تسوية شاملة.

 ثالثًا: محاولات صناعة السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين من أوسلو إلى اليوم

بالعودة للوراء، بدأت محاولات السلام الجادة بين الفلسطينيين والإسرائيليين مع اتفاقيات أوسلو فى سبتمبر 1993، التى وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل فى أوسلو بالنرويج، برعاية أمريكية-نرويجية. أسست هذه الاتفاقيات السلطة الفلسطينية ككيان انتقالى لمدة خمس سنوات، مع التركيز على الانسحاب الإسرائيلى من غزة والضفة، والتفاوض على القضايا النهائية مثل الحدود، القدس، واللاجئين. وقد ساهمت مصر فى دعمها من خلال استضافة اجتماعات تنسيقية وتقديم ضمانات أمنية، لكن توسع الاستيطان الإسرائيلى بنسبة 300 ٪ بين 1993 و2000 أدى إلى فشلها، مما أثار الانتفاضة الثانية فى سبتمبر 2000، التى أسفرت عن مقتل أكثر من 4000 فلسطينى. نجد أن أوسلو قد فشلت بسبب عدم معالجة «العنف الهيكلى»، حيث ركزت على السلام السلبى دون بناء مجتمعات مستدامة، مما أدى إلى فقدان الثقة وتعزيز الراديكالية.

فى يوليو 2000، فشلت قمة كامب ديفيد الثانية، برعاية كلينتون، بسبب خلافات حول سيطرة إسرائيل على القدس الشريف وعودة اللاجئين، مما أدى إلى تصعيد العنف وانتخاب أرييل شارون رئيسًا للوزراء الإسرائيلى. ثم جاءت «خريطة الطريق» فى أبريل 2003، برعاية أمريكية-أوروبية-روسية-أممية، التى حددت مراحل لإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية بحلول 2005، لكنها توقفت بسبب وفاة ياسر عرفات فى 2004 وصعود حماس فى انتخابات 2006، مما أدى إلى انقسام فلسطينى داخلى. فى 2007-2008، توسطت مصر فى هدنة داخل غزة لستة أشهر، لكن عملية «الرصاص المصبوب» فى 2008-2009 أنهتها، مسفرة عن 1400 قتيل فلسطينى. يظهر ما سبق كيف تفشل عملية صناعة السلام عندما لا تدعم ببناء، حيث أدى الانقسام بين الفصائل إلى إضعاف الموقف الفلسطينى.

فى 2013، شاركت مصر فى مؤتمر أنابوليس، الذى سعى لاستئناف المفاوضات، لكن الانتخابات الإسرائيلية وصعود نتنياهو أعاقت التقدم فى المفاوضات. مع اندلاع حرب غزة 2014، نجحت مصر فى هدنة شملت فتح المعابر، وفى 2021، توسطت بعد 11 يومًا من القتال. أما ما بعد أحداث أكتوبر 2023، فقد لعبت مصر دورًا حاسمًا فى فتح معبر رفح لإنفاذ ـ500 شاحنة يوميًا من المساعدات، رغم القصف الإسرائيلى على المعبر من الجانب الفلسطينى. فى نوفمبر 2023، توسطت مصر فى هدنة أولى شملت تبادل 105 أسرى، لكنها فشلت بسبب السياسات الحمقاء وممارسة غطرسة القوة من الجانب الإسرائيلى.

من أكتوبر 2023 إلى اليوم، كانت وساطة مصر محورية فى مواجهة الحرب فى غزة، التى أسفرت عن مقتل أكثر من 42 ألف فلسطينى بحلول أكتوبر 2025. فى ديسمبر 2023، اقترحت مصر مبادرة وقف إطلاق نار تعتمد على إفراج حماس عن رهائن مقابل وقف العمليات العسكرية، لكنها فشلت بسبب رفض إسرائيل الانسحاب الكامل. فى مايو 2024، ساعدت مصر فى مفاوضات القاهرة، التى أدت إلى هدنة مؤقتة، لكن الضربات الإسرائيلية فى رفح فى يونيو 2024 أدت إلى العودة للمربع ص

فر فى ظل توتر كبير للعلاقات المصرية-الإسرائيلية، وصلت لأن هددت مصر ضمنًا بإعادة النظر فى معاهدة السلام. بحلول أغسطس 2025، دعمت مصر جهود التوحيد الفلسطينى بين فتح وحماس، واستضافت اجتماعات فى القاهرة لتشكيل حكومة موحدة، مما يعالج الانقسام منذ 2007.

تكشف هذه المحاولات عن تحديات الإطار النظرى المتمثلة في؛ التركيز على السلام السلبى دون بناء إيجابى، حيث فشلت الوساطة فى معالجة الانقسام الفلسطينى، كما فى محاولات 2024، مصر، كوسيط، دمجت بين الضغط الأمريكى والدعم العربى، مستفيدة من موقعها الجغرافى كوسيط مقبول لطرفى الصراع، إسرائيل وغزة، بهدف بناء وتعزيز الثقة. ومع ذلك، يظل الاحتلال والاستيطان العقبة الأكبر، حيث بلغ عدد المستوطنين 700 ألف بحلول 2025، مما يعيق السلام الإيجابى ويؤدى إلى تصعيد محتمل.

رابعًا: مفاوضات شرم الشيخ 2025

انطلقت مفاوضات شرم الشيخ فى 6 أكتوبر 2025، عشية الذكرى الثانية لحرب غزة، برعاية مصرية-قطرية-أمريكية، وتهدف إلى تنفيذ الـ20 نقطة الواردة فى خطة ترامب، التى تشمل وقفًا فوريًا لإطلاق النار، تبادل أسرى «50 إسرائيلياً مقابل 500 فلسطينى»، إعادة إعمار غزة بـ50 مليار دولار، وضمانات أمنية للطرفين. يتشكل الوفد الإسرائيلى، بقيادة مسئولين أمنيين مثل رونين بار، التقى بوفد من حركة حماس بصورة غير مباشرة بقيادة خليل الحية. حيث أعلن ترامب عن «تقدم هائل»، وأن حماس وافقت على بنود رئيسية تشمل قوائم التبادل.

تمثل هذه المفاوضات مزيجًا بين صناعة السلام عبر التفاوض غير المباشر، مع واقع البناء والتنمية عبر الإعمار وتقديم المساعدات بتعهدات دولية. وكالعادة يظل دور مصر حاسمًا، كما فى استضافتها للوفود وتقديم ضمانات أمنية، مستفيدة من تجربتها فى 2014. تشمل العقبات مطالب حماس بانسحاب الدبابات وعودة النازحين، مقابل رفض إسرائيل لأى تنازلات جذرية، كما أفاد مسئول فلسطينى. ودلت المؤشرات الأولية بأن الجلسة الثانية انتهت «إيجابيًا»، مع تركيز على الاتفاق الشامل قبل التنفيذ، خلافًا للجولات السابقة. ومع ذلك، قد تستمر هذه المفاوضات أسابيع وفقًا لخبرة مثل هذا النوع من المفاوضات، خاصة مع ضغوط داخلية فى إسرائيل، وخروقات أمنية متوقعة من المتشددين فى الجانبين. بصفة عامة، يعكس ما سبق تطبيقًا ناجحًا للدبلوماسية الوقائية، لكن النجاح الكامل يتطلب ضمانات دولية للسلام الإيجابى، كما دعا مستشار الرئيس الفرنسى. 

يعزز توسيع المشاركة الدولية، بما فى ذلك تركيا وقطر، ودعوة الفصائل الفلسطينية المتشابهة مع حماس فكريًا وعقائديًا، من فرص «تحويل النزاع» بتغيير السلوكيات، لكن القصف الإسرائيلى المستمر يعيق بناء الثقة.

فى اليوم الثالث، 8 أكتوبر «وقت كتابة هذا المقال»، أفادت مصادر بتقدم فى مناقشة التعافى والإعمار، مع اقتراح مصرى لصندوق دولى بقيادة الأمم المتحدة، لكن قصف إسرائيلى فى غزة أثناء الجلسات أثار توترًا، مسفرًا عن مقتل 10 فلسطينيين. وفى النهاية قد تم التوصل إلى اتفاق إنهاء الحرب، مما يعزز الأمل، لكن الوسطاء يحذرون من عدم الإسراع. فى سياق متصل، ألقى الرئيس السيسى كلمة فى نفس اليوم الثالث فى حفل تخرج دفعة 2025 من كلية الشرطة، أشاد فيها بجهود ترامب فى حل الأزمة، وصف التقارير الواردة من عملية التفاوض بأنها «مشجعة للغاية»، ودعا ترامب لحضور توقيع الاتفاق النهائى فى شرم الشيخ إذا تم التوصل إليه، مؤكدًا دعم مصر الكامل للمفاوضات ودعوته جميع الأطراف لانتهاز الفرصة الراهنة لإنهاء الحرب. كما شدد على قدرة مصر على التصدى لأى خطر، وأن أى تحدٍّ يمكن تجاوزه بفضل وحدة الشعب المصرى، مع الإشارة إلى تحسن المؤشرات الاقتصادية رغم الظروف. 

هذه الكلمة للرئيس السيسى تعزز من دور مصر كوسيط، وتجسد السلام الإيجابى من خلال دعوة ترامب لحضور توقيع الاتفاق، مما قد ينقل المفاوضات إلى مرحلة جديدة، مع تحليل أنها تعكس ثقة مصر فى التقدم رغم التحديات. يمثل هذا الاتفاق نجاحًا لصناعة السلام، مع التركيز على بناء إيجابى عبر الإعمار وإدخال المساعدات. دور مصر حاسم، كما هو دور الوسطاء القطرى والتركى. ويبقى التحدى فى التنفيذ، مع ضمانات دولية للسلام الإيجابى.

فرغم التقدم، تواجه المفاوضات للمراحل اللاحقة تحديات عديدة، تتمثل في؛ الضغط الداخلى فى إسرائيل من اليمين المتطرف، الانقسام الفلسطينى. قد يؤدى فشل المفاوضات إلى تصعيد جديد، لكن المؤكد أن مصر يمكنها تعزيز بناء السلام عبر مشاريع مشتركة مثل الطاقة والمياه، ودعم حل الدولتين، وإذا نجحت الخطة المصرية خاصة مع دعوة الرئيس السيسى لترامب، قد تكون خطوة نحو سلام إقليمى، بما يعزز مكانة مصر الإقليمية والدولية كشريك دولى فاعل ووسيط شريف يحكم العقل والرشادة على اعتبارات التهور والغطرسة. 

مصر، من كامب ديفيد إلى شرم الشيخ 2025، جسدت الإطار النظرى لصناعة السلام ببراعة. ومع كلمة السيسى فى كلية الشرطة ودعوته لترامب لحضور التوقيع فى القاهرة، تُثبت مصر أن السلام ممكن إذا تجاوز السلبى إلى الإيجابى، محققًا عدالة للجميع فى الشرق الأوسط، بما يمثله ذلك من مكسب للمبدأ المصرى «المكسب للجميع»، وتحول أطول صراع فى الإقليم إلى WIN WIN Game.

متعلق مقالات

الرئيس السيسي يشيد بالتطور الملحوظ في التعاون بين مصر ودولة الإمارات في مختلف المجالات
ملفات

بطل الحكاية .. قائد مصر الذى حوَّل مخطط التهجير إلى اتفاق يحمى فلسطين

12 أكتوبر، 2025
في اليوم العالمي لحمايتهم.. د. شريف بهاء الدين: الطيور سفراء التنوع البيولوجي وعلينا جذب الشباب للطبيعة بأساليب عصرية
ملفات

في اليوم العالمي لحمايتهم.. د. شريف بهاء الدين: الطيور سفراء التنوع البيولوجي وعلينا جذب الشباب للطبيعة بأساليب عصرية

12 أكتوبر، 2025
الأزمات تلاحق «فيريرا» .. ومشاكل فى الزمالك بسبب «ألعاب الصالات»
ملفات

بالوقائع .. طلقات الخيانة الإخوانية ضد الوطن

12 أكتوبر، 2025
المقالة التالية
الرئيس السيسي يشيد بالتطور الملحوظ في التعاون بين مصر ودولة الإمارات في مختلف المجالات

بطل الحكاية .. قائد مصر الذى حوَّل مخطط التهجير إلى اتفاق يحمى فلسطين

اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ملحق الجمهورية التعليمي

الأكثر قراءة

  • على خطى أبطال أكتوبر.. أمانة عمال «الجبهة الوطنية» تطلق مشروع «رائد المستقبل» لبناء جيل جديد

    على خطى أبطال أكتوبر.. أمانة عمال «الجبهة الوطنية» تطلق مشروع «رائد المستقبل» لبناء جيل جديد

    0 مشاركات
    شارك 0 تغريدة 0
  • كل ما عليك معرفته عن برج الثور الرجل

    0 مشاركات
    شارك 0 تغريدة 0
  • بالتعاون مع اتحاد الرياضات الإلكترونية.. «الشويفات» تتفوّق وتحصد جوائز بطولة IST للألعاب الإلكترونية

    0 مشاركات
    شارك 0 تغريدة 0
  • من إقصاء الكفاءات الصامتة إلى تمكينها: نحو ترسيخ العدالة التنظيمية

    0 مشاركات
    شارك 0 تغريدة 0
لوجو جريدة الجمهورية
صحيفة قومية أنشأتها ثورة 23 يوليو عام 1952, صدر العدد الأول منها في 7 ديسمبر 1953م, وكان الرئيس الراحل محمد أنور السادات هو أول مدير عام لها, ثم تعاقب على رئاسة تحريرها العديد من الصحفيين ويتولي هذا المنصب حالياً الكاتب الصحفي أحمد أيوب.

تصنيفات

  • أجراس الأحد
  • أخبار مصر
  • أهـلًا رمضـان
  • أهم الأخبار
  • إقتصاد و بنوك
  • الجمهورية أوتو
  • الجمهورية معاك
  • الدين للحياة
  • العـدد الورقـي
  • برلمان و أحزاب
  • تكنولوجيا
  • حلـوة يا بلـدى
  • حوادث و قضايا
  • رياضة
  • سـت الستـات
  • شهر الفرحة
  • عاجل
  • عالم واحد
  • عالمية
  • عرب و عالم
  • عقارات
  • فن و ثقافة
  • متابعات
  • مجتمـع «الجمهورية»
  • محافظات
  • محلية
  • مدارس و جامعات
  • مع الجماهير
  • مقال رئيس التحرير
  • مقالات
  • ملفات
  • منوعات
  • سياسة الخصوصية
  • إتصل بنا
  • من نحن

جميع حقوق النشر محفوظة لـ دار التحرير للطبع والنشر - 2024 ©

لا توجد نتائج
كل النتائج
  • الرئيسية
  • أخبار مصر
  • ملفات
  • مدارس و جامعات
  • محافظات
  • رياضة
  • برلمان و أحزاب
  • فن و ثقافة
  • حوادث و قضايا
  • المزيد
    • تكنولوجيا
    • عرب و عالم
    • إقتصاد و بنوك
    • الجمهورية معاك
    • منوعات
    • متابعات
    • أجراس الأحد
    • عالم واحد
    • مع الجماهير
    • العـدد الورقـي
    • مقال رئيس التحرير
إتصل بنا

جميع حقوق النشر محفوظة لـ دار التحرير للطبع والنشر - 2024 ©