.. ونحن نعيش الذكرى الـ 52 لانتصارات حرب أكتوبر المجيدة والاحتفاء بها وتحمل عنواناً مميزاً يعكس الواقع الصعب الذى تعيشه المنطقة «إرادة شعب صنعت المجد» وما يدور بها من أحداث تترك آثارها على الدولة المصرية بصفتها القوة الاقليمية الأولى بها، نجد أنفسنا أمام مقارنة لابد منها، برصد نتائج نصر أكتوبر الذى حقق السلام بين مصر وإسرائيل، وبين اتفاق غزة بين حماس وإسرائيل، الذى تم إعلانه موخراً بما فيه من تفاصيل.. يتأكد للجميع ما قاله الرئيس السيسى فى كلمته بمناسبة هذه الذكرى العزيزة على قلوب المصريين والكثير من الشعوب العربية: وكان للعداء أن يستمر ويتجذر لولا بصيرة الرئيس السادات وحكمة القيادات الإسرائيلية آنذاك والوساطة الأمريكية التى مهدت الطريق نحو سلام عادل وشجاع أنهى دوامة الانتقام وكسر جدار العداء وفتح صفحة جديدة من التاريخ.
أوضح السيسى قائلاً: فالتجربة المصرية فى السلام مع إسرائيل لم تكن مجرد اتفاق، بل كانت تأسيساً لسلام عادل رسخ الاستقرار وأثبت أن الإنصاف هو السبيل الوحيد للسلام الدائم.. إنها نموذج تاريخى يُحتذى به فى صناعة السلام الحقيقي.
لم يكتف الرئيس بتلك العبارات التى تعكس رسائل مهمة للجميع، بل أشار قائلاً: ومن هذا المنطلق، نؤمن إيماناً راسخاً بأن السلام الحقيقى فى الشرق الأوسط لن يتحقق إلا بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وفقاً لمرجعيات الشرعية الدولية، وبما يُعيد الحقوق إلى أصحابها.
كما أكد السيسى إن السلام الذى يُفرض بالقوة لا يُولد إلا احتقاناً أما السلام الذى يُبنى على العدل فهو الذى يُثمر تطبيعا حقيقيا وتعايشا مستداما بين الشعوب.
تلك الرسائل وغيرها تعكس حجم البصيرة والحكمة التى تملكها القيادة السياسية، التى انعكست منذ اليوم الأول فى أزمة غزة وحتى الآن، فهو يُذّكر الجميع بأن السلام القائم على العدل أساس استقرار المنطقة، وأن مصر هى القادرة على قيادة المنطقة رغم كل المحاولات التى قام ويقوم بها البعض لتهميش دورها الطبيعى الذى فرض عليها بحكم موقعها الإستراتيجي، وإمكانات وقدرات شعبها وقواته المسلحة، مثلما حدث فى أكتوبر عام 73 بتحقيق الانتصار.. ومع الصبر الإستراتيجى الذى يمثل سمة أساسية فى تركيبة قيادات الجيش المصرى الوطني، تمكنت مصر من استعادة كل أراضيها التى احتلت عام 67.
ومن الرسائل التى لا يمكن التغافل عنها، ما قاله السيد الرئيس: إن وقف إطلاق النار وعودة الأسرى والمحتجزين وإعادة إعمار غزة وبدء مسار سلمى سياسى يُفضى إلى إقامة الدولة الفلسطينية والاعتراف بها، تعنى أننا نسير فى الطريق الصحيح نحو السلام الدائم والاستقرار الراسخ.. وهو ما نصبو إليه جميعا.
كانت رؤية وبصيرة غير عادية من السيد الرئيس السيسى، حينما وجه التحية والتقدير للرئيس الأمريكى ترامب على مبادرته لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن فى قطاع غزة، حينما قال: أوجه رسالة للرئيس ترامب، بمواصلة دعمه للتوصل إلى اتفاق بشأن غزة، وأدعوه لحضور توقيع اتفاق غزة فى مصر حال التوصل إليه.. وذلك على هامش الاحتفال بتخريج دفعة جديدة من ضباط الشرطة.
أيضاً تأكيد الرئيس بأن الدولة المصرية تستطيع تجاوز أى تحد والتصدى لأى خطر، وإننا نستطيع تجاوز التحديات بوحدة المصريين وتماسكهم وصلابتهم، ولا يمكن لأحد أن يستطيع تهديد الدولة المصرية.
كانت الرسالة الأخيرة كما نقول «مسك الختام»، حينما وجه رسالة «طمأنة» للشعب المصرى صاحب الريادة بالمنطقة قائلاً: أطمئنكم أن جيش مصر قائم على رسالته فى حماية بلده والحفاظ على حدودها ولا يهاب التحديات، جيش وطنى من صُلب هذا الشعب العظيم وأبناؤه، يحملون أرواحهم على أكفهم ويقفون كالسد المنيع أمام كل الصعوبات والتحديات.
أعتقد أن توقيع اتفاق غزة بمدينة شرم الشيخ، يؤكد للجميع أن الدولة المصرية كانت وسيطاً نزيهاً فى المفاوضات التى دارت على مدى عامين لحل أزمة الحرب فى غزة، وأن هذه الدولة مع الشعب الفلسطينى قلباً وقالباً، وأن قيادتها لن تتأخر عن تقديم أقصى ما يمكنها لحماية الشعب الفلسطينى ودعمها المستمر لن يتوقف حتى قيام الدولة الفلسطينية، كما كشف أن مصر وقياداتها وشعبها حريصين على استمرار التضامن العربى لمواجهة التحديات التى تواجه المنطقة وتهدّد أمنها واستقرارها، كما أكدت تلك التحديات أن هذا التضامن ضرورة لا غنى عنها إذا أردنا الأمن والاستقرار مثلما حقق التضامن العربى والثقة فى قدرات الدولة المصرية النصر للعرب، وليس لمصر وحدها فى حرب أكتوبر 73، باعتباره أول انتصار حقيقى على إسرائيل، إن لم يكن الوحيد منذ نشأتها.. أيضاً أوضح أن امتلاك القوة الشاملة يعطى للدولة القدرة على المناورة ومواجهة أى صراعات حتى مع الأقوياء فى العالم.









