أنْ تنكسر ثم تعاود القيام مرة أخرى فهذا ليس بعيب ولكن تخضع وتستسلم للانكسار فهذا هو العيب ذاته.. من هنا لما حدث ما حدث فى الخامس من يونيو 67.. لم يركن أبناء مصر من رجال القوات المسلحة إلى «الدعة» بل نفضوا الغبار سريعا عن كواهلهم بدأوا فى إعداد العدة من جديد.. فكانت حرب الاستنزاف التى بدأت أحداثها عقب نكسة 67 وكانت نتائجها من «بشريات» نصر أكتوبر.. ففى وقائع تدمير ميناء «إيلات» الذى قام به أبطال البحرية المصرية صورة مصغرة لنصر أكتوبر المجيد.. إذ قام الأبطال آنذاك بما يشبه المعجزة حيث دمروا أكبر سفينتين حربيتين داخل الميناء ناهيك عن القتلى من الضباط والجنود.. أيضاً العمليات البطولية التى قام بها رجال القوات الخاصة فى الجيش المصرى خلف خطوط.. ففى كثير من المواقف سمعنا الروايات عن بطولات الرجال فى عمق سيناء وكيف أنهم أدوا أدواراً ساعدت كثيرا فى رسم خطط الحرب طبقاً لما كان يأتى من معلومات عبر هؤلاء الأبطال الذين وضعوا أرواحهم فوق أكفهم ونذروا أنفسهم فداءً للوطن.. وبالفعل كان هؤلاء الرجال عن حُسن الظن بهم.
>>>
وفى الزمان والمكان كان كل شيء معدا وفى توقيت لم يخطر على بال أحد.. كان نسور الجو من رجال القوات الجوية بطائراتهم المقاتلة تزأر فى سماء المعركة عابرة قناة السويس مدمرة كل الأهداف المرسومة لها بدقة عالية.. مما أفقد العدو توازنه من هول المفاجأة التى لم يتوقعها من القوى الكبرى حول العالم.. حيث كان خطة الخداع الإستراتيجى على درجة كبيرة من الدقة والاتقان بحيث لم يستطع أحد التنبؤ بنشوب المعركة فى هذا التوقيت بالذات.
لم يقف الأمر عند هذا الحد بل كان باقى رجال قواتنا المسلحة على ذات الدرجة من الحرفية فى تنفيذ المهام الموكلة إليهم فكان الرجالات فى المدفعية وقوات الدفاع الجوى والمهندسين العسكريين وغيرهم فى قمة تركيزهم أثناء العمليات العسكرية.. إذ تم تجهيز القوارب المطاطية لعبور قوات المشاة ناهيك عن إقامة عدة كبارى فوق سطح القناة فى مناطق متفرقة لأجل عبور المعدات والدبابات وكذا الأفراد، كل هذا تم وبدقة عالية فى خلال ست ساعات فقط من بدء «ساعة الصفر» الثانية ظهر السبت السادس من أكتوبر 1973 الموافق العاشر من رمضان 1393هـ هذا التاريخ الذى سيظل راسخاً فى أذهان كل مصرى وعربى إذ أنه قد حوّل الانكسار فى عام 67 إلى انتصار نتباهى به فى عام 73 ونجعل منه درة تاج فوق رأس كل مصرى وعربى.. حيث أعاد لنا الكرامة والكبرياء.
>>>
كل التحية لشهداء الوطن الذين ضحوا بأغلى ما يملكون فداءً لوطنهم.. القادة العظام الزعيم خالد الذكر محمد أنور السادات، المشير أحمد إسماعيل على، الفريق سعد الدين الشاذلى ومحمد عبدالغنى الجمسى ومحمد على فهمى وغيرهم وغيرهم.. جنودنا الأماجد الذى كتبوا بدمائهم واحدة من أعظم ملاحم الجيش المصرى فى العصر الحديث ودائما وأبداً تحيا مصر بكل أبنائها كلُ ُ فى مجاله.