رسمت كلمات الشاعر أحمد شفيق كامل بعنوان «خلى السلاح صاحى» والتى غناها عبدالحليم عقب الهزيمة المدوية التى منيت بها الجيوش العربية فى 1967، حالة من الإلهام والحماس فى رحلة البحث عن النصر وتحرير سيناء ساهمت فى تهيئة الشعب المصرى لمعركة النصر التى تحققت فى السادس من أكتوبر عام 1973 وتمكن فيها الجيش المصرى من كسر غرور القوة التى كان يدعيها العدو مزهوا بقوة سلاحه وطائراته ودباباته.
فالسلاح المدعوم بالإرادة والحق يعنى بالقوة والأمان والردع ضد مطامع الأعداء وهو ما فعله الجيش المصرى منذ اليوم التالى للنكسة بأن عمل على رفع غبار الهزيمة والانكسار وبدء مرحلة جديدة من التحديث والتدريب وتنفيذ عمليات عسكرية خلف خطوط العدو لم تعطه فرصة الراحة والاطمئنان إلى أن تحقق النصر وعاد الحق.
وخلال السنوات العشر الماضية بذلت القيادة السياسية جهداً كبيراً فى تحديث الجيش المصرى والأخذ بأفضل الأساليب العسكرية الحديثة وتنويع المصادر بالشكل الذى أزعج العدو، وهو ما حمى مصر وأرضها خلال السنتين اللتين جاءتا عقب عملية طوفان الأقصى التى نفذتها المقاومة الفلسطينية من الجنون الإسرائيلى الذى بات يضرب يميناً ويساراً من أقصى الشرق حيث إيران وقطر مستهدفاً قيادات الفصائل الفلسطينية، وصولاً إلى لبنان وسوريا مهدداً بضرب أى مكان بالشرق الأوسط، ولكنه توقف ولم يستطع أن يقترب من مصر وأرضها وضيوفها لأنه يعلم تماماً أن بوابات الجحيم ستنفتح على مصراعيها.
المقاومة الفلسطينية رغم الألم والتضحيات الكبيرة أبلت بلاء حسناً وقدمت خلال عامين نموذجاً أسطورياً فى البذل والفداء والصمود لابد من الوقوف أمامه كثيراً لأنها بسلاحها المحدود ضربت نظرية الأمن الإسرائيلية فى مقتل لأنها أثبتت أن إسرائيل قابلة للتحدى، فقد واجهت جيشاً مدججاً بالأسلحة ومدعوما بأفضل تقنيات التجسس وكبدت جيش الاحتلال خسائر باهظة فى الأفراد والمعدات بالشكل الذى كسر غروره وأظهر حقيقته بأنه أوهن من بيت العنكبوت ولكنه يرتدى ثوب العمالقة، وباتت إرادة المقاوم ببندقية كلاشينكوف أو عبوة تفجيرية صناعة محلية تضارع أقوى الدبابات.
صحيح أن الحرب توقفت والمفاوضات كانت شاقة وعسيرة وبذلت مصر جهوداً كبيرة سوف تسردها كتب التاريخ وتتناقلها الأجيال فمصر العظيمة واجهت ضغوطاً هائلة مقابل الصمت والتنازل وقبول فكرة التهجير وشطب فلسطين من خرائط العالم، ولولا ذلك لم يكن للعدوان الإسرائيلى على قطاع غزة أن يتوقف، ولكن لابد من اعتبارها استراحة محارب على أن يظل السلاح صاحى حتى إعلان الدولة الفلسطينية وانتهاء التهديدات الإسرائيلية وتوقف الحرب والتأكد من عدم العودة على ذى بدء.









