كشفت أجهزة الأمن بوزارة الداخلية سر حادث العثور على جثة طفل في الرابعة من عمره داخل المقابر بمحافظة قنا. حيث تبيّن أن وراء الجريمة زوجة عم ملاك الجنة الضحية. المتهمة استدرجته من مسكن الأسرة في غفلة من الأهل وتخلصت منه بطريقة بشعة انتقامًا من والده بسبب خلافات عائلية. تم القبض عليها واعترفت بتفاصيل الحادث. حُرّر محضر بالواقعة، وأُخطر اللواء محمد حامد، مدير الأمن، وتولت النيابة التحقيق.
الحقد الأعمى
الجريمة المروعة أصابت كل من سمع بها بالرعب والفزع، وانتفضت لها القلوب حسرة وحزنًا. راح ضحيتها طفل بريء بلا ذنب نتيجة الحقد والغل الأعمى من سيدة تجردت من آدميتها وكل مشاعر الرحمة والإنسانية، لتنهي حياة الصغير بتلك القسوة لتحرق قلب والدته وتشفي غليلها منه في “فِلْذَة كَبِدِه”.

تفاصيل الجريمة
ولنروي تفاصيل القصة المثيرة للعظة والعبرة لمن يعتبر، فقد دارت فصولها من البداية في إحدى قرى مركز فرشوط بصعيد محافظة قنا. شعرت السيدة المتهمة بالضيق من تصرفات شقيق زوجها معها في بيت العائلة، وإهانته لها دومًا “كابن عم” لها في نفس الوقت، وهو ما جعلها تشعر بمرور الوقت بالغضب من تصرفاته وتجاوزه غير المقبول، والذي وصل إلى التطاول باليد والتعدي بالضرب والسب أمام الجميع، على حد قولها. فقدت صوابها وقررت الثأر منه بأي وسيلة حتى ترى الانكسار والهزيمة في عينيه وتُبرِّد نارها نحوه، لتعيش هي هدوءًا وراحة بال مثل كل من حولها بعد فترة طويلة من المعاناة شعرت فيها بأنها “مَلْطَشة” لكل من “هب ودب” في بيت العائلة.
خطة التنفيذ
واصلت المتهمة التفكير ليل نهار وهي مهمومة وحزينة، تفكر في وسيلة الانتقام. لم تجد أمامها حلاً سوى التخلص من طفله الصغير لتقضي عليه وتكسر سطوته وجبروته في التعامل معها مهما كان الثمن. وظلت تبحث عن طريقة تنفيذ إنهاء حياة الملاك الصغير الذي كانت تحبه وتعشقه بجنون لخفة دمه وبراءته في التعامل معها. وأخيرًا هداها شيطانها لاصطحابه معها بهدوء لأي مكان خارج البلدة وقتله بقلبها الصخري وبلا رحمة لنظراته البريئة ودموعه.
استدراج الضحية
وقت الحادث، اصطحبت من تناست أنوثتها ضحيتها دون أن يشعر بها أحد من الأهل أو تهتز مشاعر قلبها الصخري. أسرعت به إلى مقابر قرية الكرنك بمركز أبو تشت وهو مستسلم لها ببراءة الأطفال ممسكًا بيدها بكل قوة وكأنها طوق نجاة ومنبع الأمان والحنان والدفء الأسري، دون أن يدري ما يخفيه له القدر على يديها من شر وانتقام.
قامت، في لحظات تحولت فيها إلى وحش آدمي، بمغافلته والتعدي عليه بالخنق والضرب بحجر بلا رحمة لبكائه وتوسلاته وهو يرتعش وينتفض رعبًا. لم تتركه سوى جثة هامدة أخفتها وعادت إلى المسكن بهدوء وبرود أعصاب وكأن شيئًا لم يحدث.
الغش والخداع
بمرور الوقت، لاحظت أسرة الطفل تغيُّبه على غير العادة، ليسرع الجميع في لهفة وانهيار بالبحث عنه بكل الطرق والوسائل المتاحة. وبالطبع، تظاهرت المتهمة بدموع “الغش والخداع” بالمشاركة معهم لتكون بعيدة عن الشبهات ودائرة الشك. أمام فشلهم في الوصول إليه، أسرعوا بإبلاغ أجهزة الأمن، مؤكدين عدم وجود خلافات ومشاكل مع أحد وأنه كان يحظى بحب الجميع. بعد ثلاثة أيام من عملية البحث والفحص لرجال المباحث، كانت المفاجأة العثور على جثة الطفل.
فريق البحث
توصل فريق البحث الجنائي، بإشراف اللواء محمود أبو عمرة، مساعد أول وزير الداخلية لقطاع الأمن العام، إلى أن الجريمة بدافع الانتقام. وبإعادة استجواب المحيطين بالأسرة، حامت الشبهات حول “زوجة العم” التي رصدت كاميرات المراقبة بالمنطقة آخر مشاهدة للضحية بصحبتها. وبمواجهتها بالأدلة والتحريات، انهارت معترفة بكل شيء، وسط صدمة الجميع الذين حاولوا الفتك بها بعد خداعها لهم طوال ساعات غيابه، غير متصورين ما تُضمره لهم من شر دفع ثمنه الصغير حياته بلا ذنب، ليعيشوا في كابوس وأحزان لا تنتهي ما تبقى من العمر.
حبس المتهمة
حُرّر محضر بالواقعة، وتم نقل المجني عليه إلى ثلاجة حفظ الموتى للتشريح بقرار من النيابة التي تولت التحقيق، قبل تسليمه للأهل والتصريح بالدفن. كما قررت النيابة، بعد سماع أقوال المتهمة وسيناريو الجريمة، حبسها أربعة أيام على ذمة التحقيقات مع مراعاة التجديد لها في الميعاد لحين إحالتها لمحكمة الجنايات لتنال عقابها الرادع.