هذا» ما قاله الرئيس الأمريكى دونالد ترامب.. شارحاً الأسباب التى «دفعته» للإعلان عن خطته لإنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة.. قال ترامب «مساء السبت الماضي» فى تصريحات إعلامية: «الحرب عزلت إسرائيل دولياً.. وأحد أهدافى من إنهائها هو ضرب هذه العزلة واستعادة تل أبيب لمكانتها».. وواصل الرئيس الأمريكي: لقد ذهب «نتنياهو» بعيداً فى غزة وخسرت إسرائيل الكثير من الدعم فى العالم.. والآن «سأرد» كل هذا الدعم».. وقال ترامب أيضاً: إن فريقى أبلغنى أن رئيس الوزراء الإسرائيلى كانت لديه تحفظات على «الخطة» ولكن عندما تحدثنا وافق نتنياهو على المضى قدماً فى الخطة.. لقد قلت له يا «نتنياهو !!!» هذه فرصتك «للفوز».. وافق على ذلك.. كان عليه أن يوافق.. لا خيار آخر معي. علينا أن نكون على ما يرام .. تصريحات الرئيس ترامب هذه تؤكد أن «الخوف» على إسرائيل و«الخشية» من تزايد واتساع مساحات «الخسارة» التى تلحقها بها دول العالم كل يوم بسبب حرب الإبادة على غزة.. هذا «الخوف» وتلك «الخشية» كانتا السبب الرئيسى وراء خطة ترامب لإنهاء الحرب على غزة.. ترامب بخطته أراد.. من بين ما أراد.. وقف هذا «الطوفان العالمي» الذى يتزايد ويتنوع كل يوم.. ينخر فى «أعماق إسرائيل».. ويفيض على «فلسطين» بالدعم والتأييد!!
ما قاله وصرح به الرئيس الأمريكى دونالد ترامب حول دوافع خطته لإنهاء الحرب على غزة يحتم على إسرائيل أن تتعامل بواقعية وموضوعية فى المفاوضات الجارية الآن فى «شرم الشيخ» حول إنهاء الحرب فى غزة .. ما قاله وصرح به الرئيس ترامب يحتم أيضاً علينا «نحن العرب» أن نتأمل جيداً بعض الوقائع والمواقف والإشارات التى جرت على مدى العامين الماضيين.. منذ «السابع من أكتوبر» وحتى الآن.. نعيد قراءتها جيداً خاصة فى ظل المرحلة الفارقة التى دخلها «الصراع العربى الإسرائيلي» وذلك بعد إعلان ترامب عن خطته حول غزة وقيام حركة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية الأخرى بالرد على هذه الخطة.. هناك أحداث ومواقف وإشارات يجب أن تكون حاضرة «الآن» وبقوة.. لتكون أو لتشكل قوة دعم إضافية للمطالب الفلسطينية والعربية التى تدعو لإعادة الحقوق الفلسطينية المغتصبة وتحقيق سلام «عادل» يكون أساس أمن واستقرار المنطقة.. يجب أن تكون هذه الأحداث والمواقف والإشارات حاضرة خاصة فى ظل محاولات إسرائيلية «خبيثة» تحاول تصوير وتسويق «نتيجة الحرب» وكأنها نصر عسكرى وإستراتيجى وسياسى غير مسبوق لإسرائيل.. على الرغم من أن «المحصلة النهائية» تقول غير ذلك!!
«الإثنين الماضي».. نشرت صحيفة «فاينانشال تايمز» تقريراً حول «خطة ترامب» حول قطاع غزة.. أشارت فيه إلى أن «التوقيت» الذى اختاره الرئيس ترامب لإعلان خطته حول إنهاء الحرب فى غزة كان توقيتاً «مدروساً» بعناية .. قالت الصحيفة إن الرئيس الأمريكى يسعى لربط تسوية الصراع فى قطاع غزة «بإعلان جائزة نوبل للسلام».. مشيرة فى ذلك إلى صغر المسافة الزمنية ببن إعلان ترامب لخطته وببن بدء الإعلان عن جوائز «نوبل».. بمعنى أن الحصول على جائزة نوبل للسلام كان «مسيطراً» على ترامب فى أدق تفاصيل الخطة !!
من الحقائق التى يجب أن تكون حاضرة «الآن» هى أن إسرائيل لم تأت إلى «خطة ترامب» وهى منتصرة فى حرب الإبادة على غزة.. نعم لم تستطع إسرائيل على مدى عامين من الإبادة غير المسبوقة ضد الشعب الفلسطينى فى غزة أن تحصل على لقب «المنتصر» بمفهومه المستقر فى «القاموس» العسكري.. أو الإستراتيجي.. أو السياسي.. لم تنتصر إسرائيل رغم كل ما فعلت من مذابح ومجازر وتجويع وحرق ونسف.. لم تنتصر إسرائيل فى غزة رغم هذا الإجرام الذى تفوقت فيه حتى على «النازية»!!.. لقد جاءت إسرائيل لتجلس على مائدة مفاوضات «خطة ترامب» وهى قد خسرت الكثير.. إسرائيل لم تستطع حتى الآن تحقيق هدفها الإستراتيجى الأهم وهو تحرير الأسرى «بالوسائل العسكرية».. إسرائيل بالإضافة إلى ذلك خسرت أممياً.. ودولياً.. دولياً رسمياً وشعبياً.. يكفى الإشارة هنا إلى سيل الاعتراف الدولى بالدولة الفلسطينية.. بالإضافة إلى المظاهرات المليونية التى مازالت تجوب عواصم أوروبا وسائر دول العالم للتنديد بإسرائيل والتى صارت بالفعل «دولة منبوذة»!!.
لأول مرة فى «تاريخ إسرائيل» يحدث أن دولاً صديقة لها تطلب منها إرجاء زيارة رئيس وزرائها «خوفاً» من المظاهرات الشعبية الساخطة ضد إسرائيل.. وهذا ما فعلته الأرجنتين عندما طلبت تأجيل زيارة بنيامين نتنياهو لها نظراً للضغط الشعبى بالإضافة إلى مأزق «الجنائية الدولية» والتى سبق وأن أصدرت أمراً دولياً باعتقال نتنياهو لارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.. لأول مرة فى «تاريخ إسرائيل» تطلب الحكومة من رعاياها فى الخارج ألا يكشفوا عن هويتهم خلال تجولهم فى الشوارع والأماكن العامة خوفاً على حياتهم بسبب الحرب على غزة والصورة الذهنية التى رسختها عن معنى كلمة «إسرائيلي» حول العالم!!.. لأول مرة فى «تاريخ إسرائيل» تقاطع أوروبا «تل أبيب» رياضياً.. فى نفس الوقت تهتف الجماهير الأوروبية وتهتز ملاعبها وتكتسى بالعلم الفلسطينى تأييداً للشعب الذى تجرى إبادته بدم بارد فى غزة!!.. لأول مرة فى «تاريخ إسرائيل» يحدث أن حليفتها وداعمتها الكبرى «الولايات المتحدة» تشهد مطالبات «حادة» بضرورة الاعتراف بالدولة الفلسطينية!!.. لأول مرة فى «تاريخ إسرائيل» نرى ونسمع ونشاهد دولاً أوروبية ولاتينية تطالب بقطع العلاقات مع «تل أبيب».. بل والدعوة لتجييش الجيوش من وراء المحيطات لتحرير فلسطبن!!!.. نعم لقد أفقدت «حرب غزة» إسرائيل الكثير والكثير على الساحة الدولية.. إسرائيل لم تنتصر بل جاءت إلى مائدة مفاوضات «خطة ترامب» وهى «خاسرة».
وعلى مستوى الداخل.. «الداخل الإسرائيلي».. رأينا ما الذى أحدثته «حرب الإبادة على غزة» فى بنيان «إسرائيل».. الدولة والمجتمع.. رأينا الفشل الذريع غير المسبوق لنظرية الأمن الإسرائيلية.. «مشاهد السابع من أكتوبر» والتى كانت «إذلالاً بالصوت والصورة» للعسكرية الإسرائيلية بالفعل.. ثم الفشل المتوالى والمتتابع الذى فرضته الأحداث التى استجدت فيما بعد.. إلى «الفشل المضاعف» فى عدم الوصول إلى «الأسري» لدى فصائل المقاومة الفلسطينية وعجز كافة أنواع الجيوش والأسلحة الإسرائيلية فى تحرير هؤلاء الأسرى طوال عامين من حرب إبادة لم تعرف لها البشرية نظيراً عبر التاريخ!!.. يضاف إلى ذلك أيضاً ما أحدثته الحرب على غزة من هزات عسكرية داخل مكونات الجيش الإسرائيلي.. تزايد حالات الانتحار بين الجنود.. إبداء كثير من الجنود عدم رغبتهم فى الاستمرارفى هذه الحرب التى لا يبدو لها «آخر».. قيام أمهات وأهالى جنود الجيش بوقفات احتجاجية مطالبة بعدم السماح لأبنائهم بالانضمام للجيش.. من بين مظاهر التصدع الداخلى الإسرائيلى بسبب الحرب على غزة «هذه المواجهات» التى تدور بين مؤيدى نتنياهو وأولئك المطالبين بوقف الحرب والدخول فى صفقة لاستعادة الأسري.. مواجهات عنيفة بالفعل بين «الفريقين».. مواجهات تشير إلى مدى الانقسام الحاصل هناك
من الحالات النادرة فى «تاريخ إسرائيل».. خروج مظاهرات بهذا الحجم وبهذه المطالبات من قبل «المستوطنين» فى وقت تكون فيه إسرائيل «فى حالة حرب».. مساء السبت الماضى شهدت إسرائيل واحدة من أضخم هذا النوع من المظاهرات.. وذلك عندما خرج ما يقرب من مائة ألف مستوطن إلى قلب «تل أبيب» يطالبون باستقالة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووقف الحرب.. هذه المظاهرة الحاشدة التى جاءت بالتزامن مع بدء المفاوضات حول بنود «خطة ترامب».. هذه المظاهرات الحاشدة وصفها المراقبون بأنها واحدة «من أكبر التحركات الشعبية فى إسرائيل منذ اندلاع الحرب».. هذه المظاهرة شهدت قطع لبعض الشوارع الرئيسية فى «تل أبيب» كما أنها أصابت حركة المرور بالشلل!!.. حرب إسرائيل على غزة جعلت كثيرين من الإسرائيليين من «مزدوجى الجنسية» يغادرون دولة الاحتلال ويعودون إلى «بلادهم».. حرب إسرائيل على غزة أدخلت عدد ليس بقليل من «الإسرائيليين» إلى شريحة «المرضى النفسيين» خاصة من جنود الجيش نظراً لما شاهدوه على أيدى المقاومة الفلسطينية.. يضاف إلى ذلك الآثار الاجتماعية المترتبة على مقتل وإصابة المشاركين فى الحرب.. حرب إسرائيل على غزة غيرت الكثير فى المجتمع الإسرائيلى بالفعل.. وصل الأمر إلى ظهور حالات عديدة من المستوطنين تقوم بالتخلى عن جنسيتهم الإسرائيلية.. من بين هذه الحالات الصحفية «نوا أفشياغ شنال» وهى إسرائيلية من أصول يمنية تخلت عن جنسيتها الإسرائيلية اعتراضا على الإبادة الجماعية التى ينفذها جيش الاحتلال ضد الشعب الفلسطينى فى غزة.. لم تكتف «شنال» بالتخلى عن الجنسية بل راحت لتشارك فى أحد الأساطيل المتجهة إلى غزة لكسر الحصار المفروض عليها.
نعم .. إسرائيل لم تنتصر .. وجاءت إلى مفاوضات خطة ترامب وهى «خاسرة».. وعندما نقول «الخسارة» هنا علينا جمع المحصلة النهائية فى كافة ميادين المواجهة ـ الداخلية والدولية ـ بين إسرائيل وبين الفلسطينيين.. بالتأكيد قد لحق بالشعب الفلسطينى خسارة كبري.. لاشيء بعد الإبادة والنسف والمحو لكل ما هو فلسطيني.. لكن فى نفس الوقت حقق الفلسطينيون مكاسب أيضاً خاصة فى ساحات المواجهة الدولية.. ففى هذه الساحات الدولية كانت الخسارة «إسرائيلية» بامتياز.. ما أريد أن أصل إليه من هذا كله هو أنه يجب علينا نحن العرب والفلسطينيين أن لا نقع فى «الفخ» أو الخديعة التى تروج لها إسرائيل بأنها تبدو فى هذه «اللحظة» أو هذه المحطة أو المرحلة وكأنها هى «المنتصرة» التى لها حق إملاء الشروط «واجبة التنفيذ».. علينا أن نعى لذلك جيداً ونقف طويلاً أمام تصريح الرئيس ترامب والذى أشرت إليه فى بداية حديثى والذى جاء فيه أن «الخوف على إسرائيل» من هذه الخسارة الدولية المتواصلة التى تلحق بها كل يوم.. كان أحد الأسباب الرئيسية فى قيام الرئيس ترامب بالإعلان عن خطته لإنهاء الحرب فى غزة.. «خطة ترامب» جاءت فى جانب كبير منها لإنقاذ إسرائيل من «مصيدة غزة» !!
أود «هنا» ونحن نتحدث عن لحظة فارقة فى تاريخ «الصراع العربى الإسرائيلي».. أو الإشارة إلى شيء من المهم والضرورى التوقف عنده والتأمل فيه أيضاً.. إن حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى فى غزة وما استتبعها من نتائج وخطوات وإجراءات.. هذه الحرب ونتائجها والتفاعل الإقليمى والدولى معها.. وما قامت به مصر خلال هذه الحرب.. ومازالت.. كل هذا يؤكد حقيقة راسخة «منذ زمن».. حقيقة تاريخية وجغرافية.. أن القضية الفلسطينية «قضية مصرية».. تعلم مصر تمام العلم الارتباط الوثيق بين الأمن القومى المصرى وبين الدفاع عن «قضية العرب الأولي».. من هنا كان التأكيد المصرى الذى لم يتوقف منذ اندلاع الحرب.. مصر ضد «التصفية وضد التهجير».. لن تسمح مصر بتصفية «قضية أمة» ولن توافق مصر على تهجير الأشقاء الفلسطينيين.. ستعمل مصر بكل ما أوتيت من قوة على الحفاظ على «الحق الفلسطيني».. وستظل إن شاء الله سبحانه وتعالى مدافعة عن هذا الحق حتى إقامة الدولة الفلسطينية.. هذه الدولة التى تؤمن مصر أنها هى السبيل الوحيد للسلام الشامل «العادل» فى الشرق الأوسط.. سيسجل التاريخ الموقف المصرى الأصيل الشريف الذى لا يفرط ولا يتهاون فى أى حق مصرى .. أو فلسطينى .. أو عربي.
من خرج فى طلب العلم كان فى سبيل الله حتى يرجع.. صدق حبيبنا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.. اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم فى العالمين انك حميد مجيد..اللهم بارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم فى العالمين انك حميد مجيد.. وصلى الله على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
فلسطين.. أرض الأقصى.. أرض المحشر.. أرض المسرى.. مسرى حبيبنا وسيدنا محمد رسول الرحمة والإنسانية.. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.