أرهقنا الإسرائيليين من خلال وحدة اللغة العبرية التى فضحت أكاذيبهم
وضع لوحات والدى بصحن الأزهر.. اعتراف بأن «الفن المنضبط» حلال
إنسانية القضية الفلسطينية تساعدها على كسب أنصار من جميع دول العالم
مصر حريصة
على تمكين المرأة بصورة تتصف بالمؤسسية دون متاجرة بالشعارات
أبواق الكيان الصهيونى ومنصاته زيَّفت الحقائق وادَّعت الأكاذيب حول «محرقة غزة»


أكدت د.رهام سلامة مدير مرصد الأزهر لمكافحة التطرف أن تيارات التطرف لا تزال تمارس إرهابها الفكرى عبر منصات التواصل الاجتماعى من حسابات إلكترونية بلغ عددها وفق آخر إحصائيات مرصد الأزهر 40 ألف صفحة.. كما أوضحت مديرة مركز الأزهر فى حوارها لـ»الجمهورية» أن بيانات وتحليلات المرصد يتم إرسالها إلى 60 جهة رسمية إضافة إلى الباحثين والكُتَّاب والمفكرين.. وأشارت د.رهام سلامة إلى أن العاملين بمرصد الأزهر جاءتهم تهديدات بالاغتيال أو تفجير مقرات أعمالهم من جماعات الانحراف الفكرى.. معلنة أنهم يتعاملون مع التطرف باعتباره مرضاً خبيثاً يحاولون محاصرته حتى لا يتمدد، لكنهم لا يملكون عصا سحرية للقضاء عليه.. مطالبة بحملات توعية بمخاطر التعامل مع الإنترنت بعدما ثبت أن كل نصف ثانية يشهد دخول مستخدم جديد لوسائل التواصل الاجتماعي.
> كيف عالجتم أفكار التيارات المتطرفة المعادية للوطن؟
>> لا نملك عصا سحرية للقضاء على تلك الأفكار التى تشبه المرض السرطانى الخبيث الذى كلما حاصرته من مكان يفاجئك من مكان آخر تماماً، وهذا الأفكار الشيطانية كما أحب تسميتها لا تعالج فى يوم وليلة، ولا يمكن لأعتى مراصد العالم أن يقوم بعلاجها منفرداً، وهذا يجعلنا نتحدث عن تحديد مفهوم المرصد، فكما هو واضح من اسمه يقوم بمتابعة الداء وتحديد أسبابه بصورة دقيقة ويقدم «روشتة» علاج، لكن المعالج الذى يقوم بإعطاء الجرعات للمريض هم: المؤسسات الثقافية والإعلامية والتربوية، ويجب التركيز على الدور الإعلامى بأن يكون فاعلاً وأن يستضيف الخبراء فى المراصد الذين يملكون دراسات وتجارب وألا يعتمد على الهواة، فإذا أردنا أن ننجح فيجب أن نتعاون، وأن يكون التعاون على قواعد ثابتة ومنهجية حتى لا تخرج عجلات القطار عن القضبان، ونحن بدورنا نوقن فى الوحدات الــ13 التابعة لمرصد الأزهر نقف على ثغر من ثغور الوطن، ونحرص دوماً ألا يخترق العدو جبهة الوطن من ثغرتنا، وليل نهار نتابع ونرصد ونحلل ونقدم دراسات وأبحاثاً مختصرة ومستفيضة للجهات المسئولة حتى يكونوا على بينة بالخطر القادم.
>هل التيارات المتطرفة لا تزال تمارس نشاطها على السوشيال ميديا؟
>> بالفعل لا يزال لدينا وفق آخر الاحصائيات المرصودة 40 ألف حساب يمارس نشاطه على تويتر وهذا الرقم رغم ضخامته إلا أنه قد انخفض بصورة كبيرة بعدما أقدمت إدارة تويتر على إغلاق مئات الآلاف من الصفحات التى بلغت وفق آخر تقدير لها عام 2017 قرابة 400 ألف حساب يمارسون الدعوات المنحرفة فكرياً والمتشددة عقائدياً فى صورة بارزة من صورة الابتزاز العقائدى والدعوة للخروج على الأوطان وهدم الحضارة الإنسانية
> هل دخل مرصد الأزهر فى اشتباك مع تلك التيارات؟
>>حدث بالفعل اشتباك حاد مع تلك التيارات وبدأ بصورة مناقشات علمية، ولأن صوت الحق غالب لذلك انكشف الغطاء عن أفكارهم، فتركوا النقاش العلمى وانتقلوا إلى ممارسة التهديد بالقتل والتفجير، ولم تكن تلك التهديدات على العام فى صفحاتهم مخافة أن يعرف المخدوعون بهم حقيقة أمرهم، لكنهم كانوا يرسلون لنا وعيدهم وتهديدهم عبر الخاص، وهذا ليس غريباً على جماعات لا تتقن سوى لغة التهديد، فقد وصل جميع العاملين بالمرصد وأنا من بينهم تهديدات بعمليات اغتيال وتفجيرات للمنشآت التى نعمل بها، لكننا لم نقف عند تلك التهديدات التى طالت مسبقاً فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر بصورة شخصية، بل إننا نعتقد أن تلك التهديدات تمثل نقطة تأكيد على أننا نسير فى الطريق الصحيح، ولن نقف عن مواصلة رسالتنا.
> تقارير المرصد أين تذهب، أم يتم وضعها فى الأدراج الإلكترونية فقط؟
>>تقارير المرصد يتم إرسالها إلى 60 جهة رسمية، كما يتم إرسالها إلى وسائل الإعلام وإلى الباحثين والكتاب والمفكرين لتعميم الفائدة، فنحن نؤمن بضرورة تحقيق الذيوع وتحديد المخاطر أمام الجهات المسئولة وأصحاب الرأي، فنحن شركاء فى رسم بوصلة المستقبل الفكرى فى ظل تحديات معاصرة تقوم بها جماعات محترفة فى التدليس والخداع.
> ما هى إحصائيات خطورة الإصابة بفيروس الإدمان الإلكتروني؟
>> لدينا إحصائية مخيفة فعليا مضمونها أن واحداً من كل خمسة أطفال «ما بين الخامسة والخامسة عشرة» يمتلك هاتفاً ذكياً، وبذلك تزيد احتمالية تعرضهم للاستغلال بزيادة فرصهم للدخول إلى الإنترنت، وأن أكثر من 175,000 طفل يستخدمون شبكة الإنترنت للمرة الأولى فى كل يوم، بمعدل طفل جديد كل نصف ثانية، كما يبلغ عدد الأطفال الذين يستخدمون التليفون المحمول فى مصر 47٪ من سن 4 إلى 17، فيما بلغت نسبة استخدام الأطفال للإنترنت فى نفس الفئة العمرية 33٪ مما يجعل مراقبة الآباء والأمهات للمحتوى الذى يشاهده أبناؤهم مسألة حتمية، بعدما ثبت أن 57٪ من الأطفال يقلدون الأشخاص الذين يشاهدونهم فى وسائل التواصل الاجتماعي.
> ما هو تقييمك لدور المرأة فى منهجية الجمهورية الجديدة؟
>> مصر حريصة على تمكين المرأة بصورة تتصف بالمؤسسية، فليس مجرد تمكين بهدف تصدير شعارات بأن المرأة فى مصر يتم تمكينها، وهذه المنهجية الجيدة التى تنتهجها مصر تقوم على المصداقية فى أن تكون جميع الخطوات المقصودة هدفها تحقيق المنفعة الفعلية للوطن، والرئيس عبدالفتاح السيسى حريص فعلاً على تمكين المرأة فى مختلف الوظائف والمناصب القيادية فى الدولة، كما قامت الدولة بتعديل التشريعات والقوانين لصالحها وضمان حقوقها، وحصولها على الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفى المقابل أطلقت الدولة مبادرات خدمت المرأة على مستوى الصحة والتمكين الاقتصادى والاجتماعي، وأثبتت المرأة المصرية فعليا أنها طرف أساسى فى معادلة الوطن، وشريك فى جميع معاركه وحروبه وتحدياته، مما جعل الدولة فى عصر الجمهورية الجديدة تعمل على تحقيق إصلاح تشريعى لتحسين وضع المرأة، وتحقيق المساواة مع الرجل فى المجتمع وفى شتى المجالات ضمن إستراتيجية تمكين المرأة المصرية 2030.
> كيف حققت المرأة مكانتها داخل مؤسسة الأزهر؟
>>الإمام الأكبر د.أحمد الطيب شيخ الأزهر مؤمن بدعم المرأة منذ اللحظة الأولى لقدومه إلى قيادة مؤسسة الأزهر الشريف، وقد نشر الإمام الأكبر عام 2021م تغريدةً عبر حسابه الشخصى على تويتر، احتفالاً باليوم العالمى للمرأة، دعا خلالها الجميع لبذل المزيد من أجل تمكين المرأة، وتجريم تعريضها لأى عنفٍ أو ظلمٍ أو تهميشٍ، وضمان حصولها على حقوقها كاملة دون أى تمييز، وهناك عدد من الخطوات التى قام بها الأزهر الشريف؛ لتمكين المرأة بشكل فعلي، ودعم الدولة فى رؤيتها الخاصة بمستقبل المرأة بعد إطلاق: «الإستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030»، منها على سبيل المثال لا الحصر: تعيين د.نهلة الصعيدي، مستشاراً للإمام الأكبر لشئون الطلاب الوافدين، وهى أول امرأة تتولى هذا المنصب، وتعيين د.إلهام شاهين، أميناً عاماً مساعداً لشئون الواعظات بمجمع البحوث الإسلامية، وهى أول امرأة تتولى هذا المنصب، وتعيين د.فاطمة الأحمر، رئيسًا للإدارة المركزية لمنطقة الجيزة الأزهرية، وهى أيضاً أول امرأة تتولى هذا المنصب، وتعيينى مديراً تنفيذياً لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، كأول امرأة تتولى هذا المنصب منذ إنشائه عام 2015م، إضافة إلى تكليف 1300 امرأة بتولى منصب «شيخ معهد»، بمختلف المناطق الأزهرية، وهو العدد الأكبر فى تاريخ المؤسسة الأزهرية، وتأسيس قسم خاص لفتاوى المرأة بمركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، مكون من مجموعة من المفتيات المتخصصات للرد على تساؤلات النساء، وإطلاق مسابقة ملتقى الأزهر الدولى للكاريكاتير والبورتريه عام 2023م، تحت شعار «تمكين المرأة»؛ تأكيدًا من الأزهر الشريف على تقديره للمرأة ودعمه لتمكينها وتعزيز دورها فى المجتمع، وتعزيزًا للثقافة الحقوقية لها من خلال التركيز فى رسوماتها على القضايا التى تحول دون إنمائها.
> هل الدعوة لتمكين المرأة يتعارض مع منهجية الفطرة التى خلق الله المرأة لأجلها؟
>> هذا الفكر تقوم بترويجه تيارات التطرف والعنف الذين يحصرون رؤيتهم للمرأة فى أنها حبيسة البيت، ويرددون أن خروج المرأة للعمل ومزاحمتها الرجال فى أعمالهم تبديل لخلق الله وللفطرة التى فطر الناس عليها، والحقيقة أن الدعوة لتمكين المرأة عين الفطرة وجوهر القصد من خلق الله سبحانه وتعالى للإنسان
> كيف لعب الفن دوره فى مواجهة التطرف ..خلال السنوات الأخيرة ؟
>> أزمتنا فى مصر أننا مستهدفون فى كل شيء، ولا يحسبن أحد أن هذا نوع من يقين نظرية المؤامرة، بل واقع ملموس ومحسوس، حيث تملك مصر أدوات القوة الناعمة فى العلوم الدينية والفنون ولذلك تسعى العديد من الدول إلى سحب البساط من تحت أقدامها، لذلك فبدأوا حملة تشويه وتحطيم للرموز فى تلك المجالات، ودخلوا من مداخل شيطانية، يستحلون فيها كافة أدوات التحطيم، حتى إذا بلغوا مآرابهم انتقلوا إلى سحب تلك الرموز عندهم ليؤسسوا فى بلدانهم مدارس جديدة بإمكانيات هائلة يتصدرون بها المجال المستهدف، لذلك تنبهت مصر لذلك وعملت على توظيف الفن ودعمه بصورة احترافية، وقد وجدنا الفن الدرامى استطاع كشف التيارات المنحرفة المتطرفة، وفضح ممارساتها الشيطانية فى مسلسل الاختيار، والقاهرة كابول، والعائدون، وأخيراً مسلسل الحشاشين و مليحة، كما أنه فى الثمانينيات وبعد الجماعات الإسلامية قبل أن تتم عملية المراجعات لعناصرها، استطاع الفن وقتها مواجهة مخططهم من خلال فيلم الإرهابى للفنان عادل إمام، وفى عصرنا جاء فيلم الخلية وجواب ليكشفا اسوأ صفات تلك التيارات، بل إن الفن يحافظ على الانتماء الوطنى للشباب ويدعم التاريخ القومى فى الصمود أمام مخطط التشويه والتزييف، مثلما شاهدنا فى فيلم الممر، وأخيرا فيلم السرب وكلاهما يحملان رسائل مهمة تكشف للعالم أن الفن المصرى أصبح قمة الواقعية التفاعلية بما يخدم قضايا مجتمعه، لذلك فإننا نسعى للإفادة من الفنون فى تقارير الرصد العلاجى التى نقدمها للشباب أو الباحثين والدراسين.
> لكن بعض التيارات المتطرفة تحصر الفن فى الرسم والغناء فهل تم رصد تلك الرؤية فى عمل المرصد؟
>> بالفعل نحن نرصد ردود ورؤية التيارات المتطرفة من خلال متابعة قنواتها الإعلامية والمواد المذاعة عنها فى المواقع والصفحات التابعة لها من خلال أدواتنا المميزة، وقد وجدنا مفهوم الفن عندهم قاصراً على معنى الإسفاف فى السينما والدراما والغناء، بل جعلوا الغناء من فاحشة القول، ووصفوا فن الرسم أو النحت بأنه تجسيد، وهذا مؤشر خطير ومخيف فى ذات الوقت، حيث يكشف مدى الانحدار الفكرى الذى نضعه أمام الجهات المسئولة عن الدعوة فى الأزهر الشريف حتى يكون بمثابة مؤشر لعملهم فى الممارسات الميدانية للدعوة، وذلك تنفيذا لتعليمات الإمام الأكبر بتكامل مؤسسات الأزهر حتى نحقق الرؤية الأزهرية فى نشر الوسطية والاعتدال، وأنا بطبعى نشأت فى بيت أزهرى لأن والدى كان أستاذا فى كلية أصول الدين وكان موهوبا فى عملية الرسم، وقد ورثت عن والدى هواية الرسم، وللعلم فإن والدى قام برسم جميع مشايخ الأزهر وأئمته الكبار الذين توجد لوحاتهم فى قاعة الإمام محمد عبده بجامعة الأزهر بمقرها القديم فى حى الحسين العتيق، لذلك نشأت فى بيئة متصالحة مع أحكام الدين فلم أجد تناقضا بين الجمال فى الفن والغناء، وهذا هو منهج الوسطية الفكرية الذى تربينا عليه فى الأزهر بعدم التطرف فى القضايا ذات اليمين أو ذات الشمال، فالغناء والفن «حسنه حسن وقبيحه قبيح» وقد تم عرض تلك اللوحات الفنية لوالدى فى صحن الجامع الأزهر فى ذكرى افتتاحه الموافق الــ7 من رمضان كل عام، وهذا العرض اعتراف صريح من الأزهر بأن الفن المنضبط بقواعد الإبداع الهادف حلال.
> ما مواقف المرصد فى الدفاع عن القضية الفلسطينية؟
>> منذ 2018م وبعد مؤتمر القدس قرر الإمام الأكثر د.أحمد الطيب إنشاء وحدة اللغة العبرية بالمرصد، ومنذ إنشائها تقوم بمتابعة الصحف الناطقة بالعبرية حتى نتمكن من الرد على أكاذيب الصهاينة، ورفع الغطاء عن إفكهم دون اللجوء إلى وسيط، وبعد الطفرة فى التواصل الاجتماعى قمنا بإنشاء صفحة باللغة العبرية متخصصة فى تفنيد افتراءات بنى صهيون، وقد وصلنا درجة التخصص فى معرفة تفكيرهم ونواياهم ومقاصدهم، وانتقلنا للرد على كافة الافتراءات التى تبثها الصفحات الإسرائيلية على وسائل التواصل الاجتماعي، فقد أرهقناهم فعليا لذلك لم يجدوا بديلا سوى مطاردة صفحاتنا بالحظر، خاصة صفحة الشرطة الإسرائيلية بعدما وجدوا تفاعلات إيجابية مع تعليقات مرصد الأزهر الشريف.
> هل تفاعل المرصد مع محاولات إسرائيل خداع الرأى العام العالمى بالمظلومية؟
>>لقد نجح الكيان الصهيونى عبر أبواقه الإعلامية ومنصاته الرقمية المتنوعة فى تزييف الحقائق وادعاء الأكاذيب حول محرقة غزة، درجة أن الإعلام الغربى تبنى السردية الصهيونية الزائفة التى تقوم بتشبيه المقاومة الفلسطينية بالدواعش، وتتهمها بسفك دم الأطفال، واغتصاب النساء، وأن جنود الاحتلال أبناء النور يحاربون من أجل العالم، وإن تعجب فعجب وصف حكومات الغرب الإبادة والمحرقة التى يقوم بها الاحتلال الصهيونى ضد شعب غزة بأنها دفاع عن النفس، ورد مشروع على عملية طوفان الأقصي، وفى الحقيقة هذا منطق معوج يتجاهل حقيقة هذا الاحتلال الغاصب للأراضى الفلسطينية منذ عام 1948، ولا يستقيم هذا الإصرار والادعاء الكاذب مع حقيقة الاحتلال الصهيونى الذى يمارس «حرب إبادة» فعلية فى قطاع غزة من خلال حصار تجويعى جعل معظم سكان القطاع يعانون نقص التغذية، ورغم ذلك فإن اليمين المتطرف فى الغرب يصف الفلسطينين بالإرهاب، ويروج لفكرة أن القضية الفلسطينية صراع ديني، فى محاولة جذب دعم مالى اعتماداً على العنصرية والإسلاموفوبيا، دون نظر إلى العدالة وحقوق الإنسان، كما يستخدم اليمين المتطرف وسائل إعلامه لنشر أخبار مضللة ومغلوطة بشأن الوضع الفلسطيني، والعمل على التأثير فى السياسة الخارجية للدول التابع لها، سعياً إلى التضامن مع الكيان الصهيونى وتسويغ جرائمه، وهذا التيار لا يقل خطورة عن التنظيمات الإرهابية، ونحن بدورنا نعمل على فضح تلك الرؤية من خلل تقاريرنا المنشورة بالعديد من اللغات، وهناك دور أيضاً لوسائل الإعلام تقوم به فى فضح تلك المنهجية الإرهابية من خلال صفحاتها على التواصل الاجتماعى ومواقعها الإلكترونية وصحفها الورقية، فلا شك أننا نخوض حرب بقاء أمام قوى الشر العالمية التى تجمعت من كل فَجٍّ عميق.
> ما هى الرسائل التى حملتها موجة الاحتجاجات الطلابية فى جامعات العالم ضد العدوان الصهـيونى على غزة؟
>> تضمنت رسائل مضمونها أن هناك حالة فصام وخصام واضح بين الساسة والشعوب، وهذه الاحتجاجات أعطتنا طرف الخيط الذى يجب أن نسعى لأن ننسج منه ثياباً عريضة ننشر فيها قضايانا ونستغل الوعى الشعبى الغربى ليكون أداة ضغط على تلك الدولة الأحادية القطبية، فإنسانية القضية الفلسطينية تكسبها أنصارًا كل يوم، وهو ما نشاهده الآن فى موجة الاحتجاجات الواسعة، غير المعهودة فى تاريخ القضية الطويل، حيث يخرج مناصروها من قلب القارة الأوروبية والأمريكية، ما جعلها قضية العالم.
> ما دور الذكاء الاصطناعى فى الترويج للشائعات؟
>> يرتبط تأثير الذكاء الاصطناعى على انتشار الشائعات بقدرته السريعة على الانتشار مما يجعل نشر الشائعات سهلاً ميسوراً، إذ يمكن للذكاء الاصطناعى أن يسهم فى انتشار الشائعات بسرعة، وبصورة واسعة فى عصر الإعلام الاجتماعي، ويمكن للروبوتات وبرامج الحاسب المزودة بتقنيات الذكاء الاصطناعى نشر وتعميم المعلومات بشكل آلى ومستمر دون حاجة لتدخل بشري، فضلاً عن قدرتها تحديد الفئات المستهدفة وتوجيه المعلومات المراد نشرها إليهم بشكل مباشر، كما يعتمد الذكاء الاصطناعى فى فلترة الأخبار وتصنيفها على معايير التفاعل والانتشار، دون الأخذ فى الاعتبار مصداقية المعلومات أو صحتها أو الثقة فى مصدرها، لذا يمكن للجهات المشبوهة استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعى لتوليد ونشر شائعات أكثر تطورًا واحتيالاً؛ بحيث يسهل تصديقها، حيث يمكن من خلال الذكاء الاصطناعى توليد صور ومقاطع فيديو مفبركة وتقديمها بصورة أقرب للشكل الواقعي، مما يجعل من الصعب التحقق من صحتها، الأمر الذى يعزز انتشار الأخبار الكاذبة وتصديقها بسهولة، مما يفرض ضرورة عمل الشركات المتخصصة فى صناعة تكنولوجيا المعلومات، ووسائل الإعلام، والحكومات؛ لتعزيز الوعى بالشائعات، وتعزيز الثقافة الرقمية لدى فئات المجتمع كافة، وهذا يفرض على وسائل الإعلام تطوير أدواتها لتنال الثقة لدى القراء حتى تكون مرجعيته فى مختلف المعلومات، بما يغلق الأبواب الخلفية للشائعات التى تهدد الأمن والمستقبل لأى دولة من الدول، كما أننى أطالب بفرض عقوبات على المتجاوزين بالنشر أو إعادة النشر للشائعات لأننى من أنصار مبدأ: «من أمن العقوبة أساء الأدب».
> هل تعرض المرصد لدراسة قضايا الإدمان الإلكتروني؟
>> معظم الألعاب الإلكترونية تعتمد على مفاهيم: القوة الخارقة، وسحق الخصوم، واستخدام كافة الأساليب لتحصيل أعلى النقاط، والانتصار على الآخرين دون أى هدف تربوي، ومن أدمنوا هذه الألعاب ينظرون إلى الحياة اليومية أنها امتداد لما يمارسونه عبر الشاشات، فيغلب على طابعهم السلوك العنيف المتدرج، وقد أدركت التنظيمات المتطرفة باختلاف أيديولوجياتها الفكرية، والسياسية أهمية الألعاب الإلكترونية، فبدأت فى الاتجاه لمنصاتها المتعددة لبث سمومها الفكرية، وتصيُّد العناصر التى تجد لديها ميلاً تجاه هذه السموم، حيث تسعى تلك الجهات إلى الاستفادة من جمهور عالم الألعاب وتجنيد، واستقطاب اللاعبين عبر تكثيف التواصل معهم، وإمدادهم بالرسائل الممنهجة.
>متى يمكن للطفل أو الشاب معرفة ميول تلك التيارات المستخدمة هذه التطبيقات أو الألعاب؟
>>منصات الألعاب تستخدم أسلوب التدرج فى التواصل حتى درجة الإدمان، والانقضاض على الأفكار ومحاصرة الأطفال فكريًا، فهناك إحدى منصات الألعاب الإلكترونية الشهيرة مستخدموها بلغ عددهم «7 ملايين»، تدعم الدردشات، والاتصالات الصوتية، والمرئية فيما بين اللاعبين، وهناك أكثر من «300 مليون» حساب مسجل عليها، وهذه المنصة باتت تشكل منصة وسائط اجتماعية يستخدمها النازيون الجدد، واليمين المتطرف، ومروجو خطابات الكراهية، والتمييز ضد المختلف معهم، وبهذا تُعد منصات الألعاب الإلكترونية مفرخة للتطرف، بل تجاوز الأمر إلى حد التحريض، وتأييد التطرف العنيف، ومكمن الخطورة ليس فى إطار اللعبة الداخلي، بل امتداد ذلك التوجه إلى خارجها، وهناك أإحدى منصات الألعاب الإلكترونية التى نشط عليها «120 مليون» مستخدم ثبت أنها كانت ضالعة فى تدريب منفذ هجوم ميونيخ عام 2016م المتهم باطلاق النار و راح ضحيته «9» أشخاص، وإصابة «27» آخرين رميًا بالرصاص، ولم يكن منتميًا لأى تنظيم إرهابي، أو معروفاً لدى الشرطة الألمانية، وكذلك الهجوم الذى نفذه أسترالى ينتمى لجماعة تفوق العرق الأبيض عام 2019م خلال أداء مسلمين صلاة الجمعة، وأسفر عن مقتل 51 مسلمًا بينهم أطفال ونساء فى نيوزيلندا، فهذا النوع من المنصات يُسهِّل عملية المزج بين الألعاب الإلكترونية، والأيديولوجيات المتطرفة، كما يُيسر عملية جذب العناصر المؤيدة لتلك الأيديولوجيات، ويثير التنافس فيما بينهم؛ لتحويل الأفكار، وأجواء اللعبة إلى واقع حقيقى على الأرض.
> معنى هذا أننا تعيش عصر الإرهاب الإلكتروني؟
>>الإرهاب الإلكترونى يتخذ الفضاء العنكبوتى ميدانًا لحروبه وصراعاته، ويستخدم نظم المعلومات أساسًا له، كما أنه لا يعرف قيودًا إقليمية أو دولية، إضافة إلى كثافة الأضرار الجسيمة التى يخلفها، فضلاً عن سهولة وسرعة تنفيذ العمليات الإرهابية الخاصة به؛ فلا يحتاج سوى إمكانيات بسيطة، حيث يمكن للإرهابى ممارسة هجماته الإلكترونية من منزله أو من المقهي، وهذه الهجمات تفوق هجمات الذئاب المنفردة، ويدخل ضمن الإرهاب الإلكترونى التهديد السيبرانى، وقد استطاع تنظيم داعش الإرهابى تجنيد أكثر من 40 ألف مقاتل من حوالى 100 دولة عن طريق الإنترنت، واستطاع من خلال إعلام التوحش الإلكترونى تهديد العالم وإثارة الرعب فيه، وليس أدل على ذلك من مدينة الموصل العراقية، ثانى أكبر المدن فى العراق بعد «بغداد»، حيث استطاع التنظيم السيطرة عليها فى «4» أيام وبحوالى «500» مقاتل فقط، وهذا نتيجة الخوف الذى روجه التنظيم على مواقع التواصل وعمليات الإعدام البشعة التى نشرها، وروج معها أنه تنظيم لا يرحم أحدًا، رجلاً كان أو امرأة، وكانت النتيجة سقوط المدينة وانتشار مقولة أنها سقطت بسلاح «تويتر»، ومن جملة أهداف الإرهاب الإلكترونى تأليب الرأى العام على السلطة الحاكمة، وقد بذلت مصر جهوداً مهمة فى سن تشريعات هدفها تحجيم توظيف الإنترنت فى أغراض إرهابية مع الحفاظ على حرية الأفراد، وقام الأزهر الشريف بدوره حيث لم يترك الفضاء الإلكترونى ساحة فارغة أمام المتطرفين، يعيثون من خلاله فسادًا.