اصرار الأمم المتحدة على عدم تحديد تعريف واضح حتى الآن لمفهوم الإرهاب بحيث يفرق بين الاعتداء على الآخرين وحق الشعوب فى الدفاع عن النفس ضد المحتل لايزال يمهد الطريق على مدى 7 عقود لقوات الاحتلال الإسرائيلى لقمع الشعب الفلسطينى وارتكاب المزيد من المجازر فى حرب الابادة على المواطنين العزل داخل قطاع غزة
تحولت بالفعل مدينة غزة لسجن مفتوح بعد احداث 7 أكتوبر من العام الماضى والتى اتخذتها إسرائيل ذريعة للقيام بابادة جماعية وشن حرب واسعة النطاق على الاراضى الفلسطينية بشكل لم نشهده منذ نكبة 1948.
وفى أوقات الصراعات والأزمات الدولية يزداد دور وسائل الإعلام فى التأثير وتشكيل الرأى العام من خلال نقل الأحداث وما يتعلق بالحقائق والمعلومات عن طريق شبكات المراسلين والاستعانة بالخبراء والسياسيين والمفكرين لتشكيل رؤية حول موضوع الصراع ولتفسير المعلومات وشرح تأثيراتها.
ولكن مع اقتحام الإعلام الرقمى التكنولوجى وذكائه الاصطناعى لسوق الاعلام بجانب وسائل الاعلام التقليدية تحول الاعتقاد السائد لأعوام عديدة من ان الرؤية والسمع هما الفيصل الرئيسى فى تصديق الرسالة الاعلامية من عدمه وضربت تقنيات وسائل الاعلام الرقمية والتكنولوجية هذه القاعدة بعرض الحائط بعد نجاحها فى امكانية تزييف الأحداث بمناطق الصراع واصبح لديها القدرة على اعداد محتوى اعلامى مزيف حتى ولو كان مسموعاً أو مرئياً.
وهذه المشكلة الاعلامية الوافدة الجديدة لساحتنا استدعتنى لقبول الدعوة الكريمة من اللواء دكتور احمد عبد الرحيم وخبراء الاعلام العميدة د.سهير صالح ووكيلتها د. إلهام يونس والصديق د.رامى عطا لمتابعة الرؤى المختلفة لمعالجة الاعلام للصراعات الاقليمية والدولية بشكل حيادى وموضوعي.
المناقشات كشفت عن امكانية المؤسسات والافراد استغلال تقنيات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعى فى صناعة محتويات اعلامية مفبركة وتكييفها على حسب اهوائهم واهدافهم ونشرها عبر المنصات الاعلامية بوسائل التواصل الاجتماعى بهدف تضليل الرأى العام وتشتيته وتوجيهه لمسارات محددة.
اتصور خطورة هذه الظاهرة بالاعلام الالكترونى المختلف عن اعلامنا التقليدى وبالتالى يصبح من الضرورى الوقوف ضد تزييف المواد الاعلامية وبخاصة التزييف البصرى سواء كانت صورا فوتوغرافية اوفيديوهات ساهمت فى تغيير بعض المفاهيم عند المتعاملين مع المنصات الاعلامية الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي.
بالفعل تحولت الصورة والفيديو منذ السابع من اكتوبر 2023 وعقب عملية طوفان الاقصى الى ساحة اخرى للمواجهة بين فصائل المقاومة الفلسطينية وبين الاحتلال الإسرائيلى حيث حرص الاحتلال منذ اللحظة الاولى للحرب على الترويج عبر وسائل الاعلام الالكترونية التابعة لها تعمد شيطنة فصائل المقاومة مستغلة حالة التأييد التى تمتعت بها فى بادئ الحرب من العديد من الدول الغربية ووسائل اعلامها وبالتالى وجدنا موقعا مثل الفيس بوك يحجب قناة غزة اليوم من نشر رسالتها الاعلامية عبره!!
ولكن نجحت الفصائل الفلسطينية بشكل كبير فى تفنيد التزييف الاعلامى المضلل للاحتلال الإسرائيلي..بل وشن حرب نفسية على إسرائيل واستطاعت بعد ذلك تغيير المواقف الغربية تجاه الحرب على المستوى الحكومى والشعبى وبخاصة الاخير وما نلحظه من حراك لطلاب الجامعات فى العديد من الدول الاوربية للمطالبة بانهاء الحرب ووقف اطلاق النار فورا ومقاطعة إسرائيل
اتصور ان تناقضات أساليب التغطية الإعلامية لشبكات الأخبار الإسرائيلية والامريكية فى معالجتها للقضايا والصراعات الاقليمية وبخاصة الحرب على غزة قد ساهم بدوره فى تراجع مصداقية وسائل اعلامهما وتزايد اعداد فئات المشاهدين المؤيدة لحقوق الشعب الفلسطيني.
وإذا كان للتكنولوجيا الحديثة وتطبيقات الذكاء الاصطناعى دور مؤثر فى تحريك الصراعات الاقليمية والدولية فاننى ارى انه من المنطقى استغلالها لتعزيز خطوات ومبادرات السلام وارسائه على مستوى العالم حتى ننشغل بالمشروعات التنموية.