يقول إيلى زعيرا مدير المخابرات الإسرائيلية خلال حرب أكتوبر: إن ما حدث فى يوم الغفران كان أكبر من مجرد تقدير خاطئ للموقف سواء بالنسبة لاندلاع الحرب نفسها مروراً بالعمليات الحربية.. كانت مفاجأة حرب أكتوبر زلزالاً هز إسرائيل هزة نفسية عميقة، وأدى إلى انهيار الدعامات الأساسية لنظرية الأمن الإسرائيلية، وأسفرت الجولة الرابعة عن كارثة كاملة بالنسبة لإسرائيل، فنتائج المعارك والانعكاسات التى بدأت تظهر عنها فى إسرائيل تؤكد أهمية الانتصارات التى أنهت الشعور بالتفوق الإسرائيلى وجيشها الذى لا يقهر، وأكدت كفاءة المقاتل العربى وتصميمه وفاعلية السلاح الذى فى يده.
صرحت رئيسة وزراء إسرائيل آنذاك قائلة بعد انتصار مصر فى حرب أكتوبر: إنهم لم يتلقون إنذاراً للحرب فى الوقت المناسب، وأنهم قاتلوا أعداء أقوياء وكأنهم كانوا يعدون أنفسهم للهجوم علينا منذ عدة سنين.. لن أشق على نفسى من الكتابة عن حرب أكتوبر 1973، ولن أكتب عن الحرب من الناحية العسكرية، فهذا أمر أتركه للآخرين.. ولكننى سأكتب عنها ككارثة ساحقة وكابوس عشته بنفسى وسيظل باقياً معى على الدوام.. إن المصريين عبروا القناة وضربوا بشدة قواتنا فى سيناء، وتوغل السوريون فى العمق على مرتفعات الجولان وتكبدنا خسائر جسيمة على الجبهتين.. وكان السؤال المؤلم فى ذلك الوقت: ماذا إذا كنا نطلع الأمة على حقيقة الموقف السيىء أم لا.
أما موشى ديان وزير الدفاع الإسرائييلى الأسبق فيقول: لقد كانت لى نظرية، هى أن إقامة الجسور ستستغرق منهم طوال الليل، وأننا نستطيع منع هذا بمدرعاتنا.. ولكن تبين لنا أن منعهم ليست مسألة سهلة، وقد كلفنا جهدناً لإرسال الدبابات إلى جبهة القتال ثمناً غالياً جداً، فنحن لم نتوقع ذلك مطلقاً.. إن الحرب قد أظهرت أننا لسنا أقوى من المصريين، وأن هالة التفوق والمبدأ السياسى والعسكرى القاتل بأن اسرائيل أقوى من العرب وأن الهزيمة ستلحق بهم إذا اجترأوا على بدء الحرب، هذا المبدأ لم يثبت.. إن حرب الشرق الأوسط حطمت أسطورة أن الجيش الاسرائيلى لا يمكن مقاومته، وأن الأرض التى احتلتها اسرائيل عام 1967 تشكل ضماناً لأمنها.
أما شلومو بنائى الحاخام العسكرى الأول فى جيش الدفاع الإسرائيلى فيقول: رأيت جنوداً مصريين قفزت علينا من كل مكان، فأصبت بالخوف الشديد وهرب الكثير من الجنود والقادة الإسرائيليين من أول أيام الحرب.
يقول موشيه يعلون سياسى إسرائيلى ورئيس أركان القوات المسلحة الاسرائيلية سابقاً: كان الخوف الكبير الذى يراودنى، أن يحولونى إلى ضابط مدرعات بعد الحرب، لأن المدرعات التى خسرناها كانت فادحة وفوق التصور.