الاكتفاء الذاتى من المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح هل يمكن تحقيقه خلال المرحلة القادمة لنحد من استيراد هذه الكميات الكبيرة و الضخمة التى تكلف خزائن الدولة مبالغ طائلة من النقد الاجنبى خاصة ان لدينا مساحات شاسعة من استصلاح الاراضى يمكن استغلالها فى تحقيق ذلك ومصر تعد من اكبر الدول المستوردة للقمح فى العالم حيث يبلغ حجم ما يتم استيراده ليصل الى 10 ملايين طن يحتاج الى اعادة النظر فى سياسات الانتاج الزراعى للقمح لتحسين الانتاجية ودعم الفلاح وتشجيعه للنهوض بمحصول القمح.
يتطلب تحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح عودة الدور المفقود للجمعيات الزراعية الذى اصبح غير موجود تماماً لدعم الفلاحين فى توفير مستلزمات الانتاج الزراعى والحيوانى وهو ما جعل الفلاحين والمزارعين يحجمون عن زراعة القمح لصعوبة حصولهم على هذه المستلزمات من السوق الحر بينما دور هذه الجمعيات والمفترض ان يكون قوياً فى توفير هذه المستلزمات بالاجل للفلاحين لحين جنى المحاصيل ليقوم بعدها الفلاح بسداد قيمتها على مراحل ..كما ان الحل الامثل للعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح هو التوسع فى نظام الزراعات التعاقدية لمحصول القمح بالشكل الصحيح والذى لازال محدوداً هو ما سيساهم فى تحفيز وتشجيع الفلاحين فى زراعته حيث يبدأ التعاقد مع الفلاحين من قبل زراعة المحصول والاشراف على مراحل الزراعة حتى الحصاد الآلى كما ان غياب الارشاد الزراعى ادى الى عدم اتباع الاساليب الزراعية فى عمليات الزراعة واختيار التقاوى والاسمدة.
لاشك ان تحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح بنسبة 100 ٪ ليس مستحيلا وليس معادلة صعبة و يمكن حلها بسهولة فحجم انتاجنا من القمح لا يتجاوز 8 ملايين طن واستهلاكنا يتخطى الـ18 مليون طن والعجز يتم تعويضه بالاستيراد ويصل الى 10 ملايين طن.
لذا فإن الفجوة كبيرة وضخمة بين الانتاج والاستهلاك فالامر يتطلب سرعة العمل على تقليل حجم هذه الفجوة ولو تدريجيا على مدى 5 سنوات على الأكثر لمواجهة التحديات والمعوقات خاصة فى ظل الاضطرابات التى تشهدها اسواق القمح فى العالم سواء بسبب الحرب الروسية الاوكرانية والحرب على غزة بالاضافة الى احتمالات حدوث الكوارث الطبيعية من حرائق وفيضانات وزلازل وغيرها بسبب التغيرات المناخية وهو ما يجعل مصير قوت الشعوب على كف عفريت ويعرض اكبر الدول المستهلكة لمخاطر عديدة و كبيرة فالامر جد خطير ويتطلب سرعة وضع خطة استراتيجية قوية يتم تنفيذها على مراحل لتحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح وذلك من خلال التوسع فى الزراعات واتباع نظم الحديثة فى الرى خاصة وان مصر مصنفة بانها بلد زراعى فى المقام الاول وهى مهنة آبائنا واجدادنا.
وهناك العديد من الدول نجحت فى تحقيق الاكتفاء الذاتى واستطاعت ان تصدر الفائض منها ولا يمكن انكار جهود الحكومة فى استصلاح وزراعة 1.5 مليون فدان خلال السنوات الماضية وفقا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى بالتوسع فى زراعات القمح باعتباره الامن الغذائى للمصريين.
وخلال الفترة الماضية تواصلت مراكز البحوث إلى زيادة إنتاجية الفدان من القمح وهو مؤشر جيد يؤكد أن سياسات الزراعة تحتاج الى تطوير وتحديث باستمرار واتباع افضل الاساليب لتحقيق معدلات انتاجية كبيرة تغطى نسية كبيرة من حجم الاستهلاك فملف الامن الغذائى يحظى باهتمام كبير من القيادة السياسية لانه يعد من اهم الملفات التى تقع على عاتق وزارتى الزراعة والتجارة خلال المرحلة القادمة.