حين تراقب ردود الأفعال عبر مواقع التواصل الاجتماعى على الممارسات الإسرائيلية العدوانية على أهلنا فى غزة وتحديدا فى رفح الفلسطينية ستلاحظ اتجاها من التعليقات يزايد على الموقف المصرى ويتبنى لغة تحريضية تزعم أن مصر مقصرة فيما يجب أن تفعله! أصحاب هذا الاتجاه من مدعى الفهم والعلم يروجون مثلا إلى وجوب قطع العلاقات ونقض اتفاقية السلام مع إسرائيل؛ بل ومحاربتها وكأن الحرب نزهة!! وحين تتابع مواقفهم السابقة مثلا تجد أن جرعة الوطنية المزعومة أمر جديد عليهم إما لظروف اقتناص اللقطة أولخدمة تيار سياسى معين يريد أن يظهر الدولة المصرية مقصرة أمام الملايين من المتعاطفين مع أهلنا فى فلسطين.
قبل أن نفند آراء أصحاب هذا الاتجاه ونبين ما بها من قصور فى العلم والفهم ونكشف مقاصدها الخبيثة حرى بنا أولا أن نؤكد على أن الموقف الرسمى المصرى يضع فى الحسبان عدة اعتبارات أولها رفع العدوان والظلم عن الشعب الفلسطينى الشقيق وما يتعرض له من إجرام غير مسبوق وضرورة التوصل إلى حل سياسى دائم لهذه القضية بأن يكون للفلسطينيين دولتهم المستقلة على حدود الرابع من يونيه 1967 والثانى أن الدولة المصرية تعتبر القضية الفلسطينية من أولويات الأمن القومى المصرى وتحرص على أن يكون التعامل معها بمثابة التعبير الصحيح عن وجدان وضمير الشعب المصرى أما الاعتبار الثالث فهو أن اختيار السلام كخيار استراتيجى تحافظ عليه مصر وتلتزم به وترعاه – طالما التزم الطرف الآخر به – لا يقلل مطلقا من قوة موقف مصر من القضية الفلسطينية وحرصها على الحل فالسلام ينبغى أن يكون هدفا للجميع أما فى حال تجاوز أي طرف المسموح به للتعامل مع فلكل حادث حديث وكما قال وزير الخارجية سامح شكرى إن السلام خيار استراتيجى لمصر وأن الاتفاقية مهمة ولا يجب المساس بها وهناك آليات يتم تفعيلها للتعامل مع أى مخالفات،لذلك أتصور أن التصريحات «شبه الحماسية» من عينة قطع العلاقات وطرد السفير وإلغاء الاتفاقية فيها تربص بمصر.
قطع العلاقات بين دولتين يمر بمراحل تتعدد من «رسائل احتجاج» و»استدعاء السفير للتشاور» و»خفض العلاقات» إما بتخفيض حجم البعثة الدبلوماسية الدائمة من حيث العدد أو درجة التمثيل وحتى وإن كان هناك توتر فى العلاقات فخفض العلاقات لا يؤدى إلى إغلاق مقارالبعثات، أو سحب موظفيها مرورا بـ «إعلان السفير شخصا غير مرغوب فيه» وصولا إلى «قطع العلاقات».
لذلك أرى أن اعتزام مصر التدخل لدعم الدعوى التى أقامتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، موقف قومى يعبرعن ثوابت الدولة المصرية تجاه القضية الفلسطينية ويعبر عن غضب مصر ورد مناسب على السلوك الإسرائيلى العدوانى فى غزة يقصف جبهة المتربصين.
إن مواقف مصر ليست عرضة للمزايدة، فالقضية الفلسطينية قضيتنا، وما يجرى على أرض فلسطين من جرائم هدفه تصفية القضية وتهجير الفلسطينيين ودفعهم قسرا باتجاه الحدود المصرية ومصر أعلنت ذلك خطا أحمر.