المساعد أحمد محمد أحمد إدريس، الشهير بـ «أحمد إدريس»، أحد أبطال حرب أكتوبر 1973، ابن القوات المسلحة، صاحب فكرة «الشفرة النوبية» أو اللغة النوبية التى استخدمت فى الحرب، ووقف أمامها العدو الإسرائيلى عاجزاً بكل ما يمكنه من إمكانيات.
قصة المساعد أحمد إدريس، كما رواها قبل وفاته، بدأت عندما تطوع بالجيش المصرى فى سلاح حرس حدود فى عام 1954 وحتى عام 1994، وأثناء فترة تولى الرئيس الراحل محمد أنور السادات الرئاسة، كانت توجد هناك بعض المشاكل من أهمها عملية فك الشفرات، فأمر القادة العسكريين لإيجاد حلول جذرية لتلك المشكلة، ومن حسن الحظ كان منتدباً مع رئيس الأركان «أحمد محمد أحمد تحسين شنن»، وفى أحد الأيام سمع ما دار بينه وبين العقيد «عادل سوكة» بخصوص ذلك الموضوع، فاقترح عليه استخدام اللغة النوبية كشفرة غير معروفة، لكونها فى الأساس لغة تنطق ولا تكتب، ولن يستطيع أحد فك طلاسمها غير النوبيين فقط، فكان كلامه هذا أحد أسباب استدعائه إلى رئاسة الجمهورية لمقابلة الرئيس محمد أنور السادات، بعدما علم بمدى أهمية ما ذكره بطريقة قد تبدو عفويه، وبالفعل توجه إلى قصر الرئاسة وقابل الرئيس وشرح له بالتفصيل قصة هذه اللغة وكيفية توظيفها واستخدامها لتصبح شفرة غير مفهومة، وذكر له أيضاً النوبيين الذين يتحدثونها بطلاقة تامة على خلاف غيرهم من الذين تم تهجيرهم بعد عام 1964، وقد أعجب بالفكرة الرئيس، وطلب منه عدم إخبار أى شخص بهذا السر مهما كان، وذلك نظراً لخطورته وأهميته القصوى فى تلك الفترة، وبعدها حصل على إجازة لمدة 10 أيام، عاد للوحدة وفوجئ بخطاب من قيادة الجيش يتضمن إحضار الرقيب أحمد محمد أحمد إدريس بكامل مهماته الى القيادة، وعندما ذهب إلى قيادة الجيش وجد بالفعل العديد من الأفراد النوبيين، ثم تم وضعهم فى معسكر مغلق، تدربوا خلاله على استخدام جهاز صغير مع معرفة كيفية إصلاحه، فكانت مهمتهم هى العبور خلف خطوط العدو عن طريق قوارب مطاطية والتمركز فى أبيار «صهاريج المياه» التى تتجمع فيها مياه السيول، وذلك لمتابعة تحركات العدو من حيث أعدادهم وأماكن تنقلهم، وبدأوا العمل على نقل أخبارهم، فضلاً عن حصر عدد مركباتهم حيث كانوا لا يسيرون على أقدامهم، بل كانوا يستخدمون المدرعات أو الدبابات فى السير، وبناءً على حصر أعدادها كان من الممكن معرفة أعداد هؤلاء الجنود الإسرائيليين الموجودين هناك.
وفى أحد الأيام وقت الظهيرة، سمعوا تحركات شديدة وأصوات الدبابات التى كانت تسير فوق الأبيار التى كنا نمكث فيها، ثم شعرنا بالهدوء فجأةً، فتسللوا لمعرفة ذلك عند الغروب، فوجدوا أكثر من 200 تريلة محملة بالكثير من الدبابات الإسرائيلية الجديدة وهى فى طريقها إلى خط الأوسط، فقمنا على الفور بإبلاغ هذه المعلومة، فقام قائد الطيران آنذاك بإرسال طائرات قامت بضرب هذه التريلا حتى تحولت إلى كتل متهالكة لا تصلح لأى شيء، ونجحت هذه العملية بالفعل فى تدميرها بالكامل، وفى مساء اليوم الخامس من شهر أكتوبر تم سحب كل الجنود الموجودين خلف خطوط العدو، وانضموا إلى الوحدات، لتبدأ المعركة بين القوات المصرية والإسرائيلية والتى انتهت بالنصر المبين.