نظمت إدارة الشئون المعنوية بالقوات المسلحة ندوة موسعة لعرض ومناقشة الدراسة المعمقة التى اعدها نخبة من المتخصصين حول «الشخصية المصرية» والحقيقة ان هذا الملف تحديدا لم ينل الاهتمام المطلوب خلال العقود الماضية، رغم محاولات الرصد المجتزئة التى قامت بها بعض المؤسسات ذات الصلة أو من خلال المقالات والكتب التى تناولت هذا الموضوع وكانت تبحث عن اجابة عن سؤال بدأ بسيطا وهو « ماذا حدث للمصريين؟ والملاحظ أن الحديث عن الشخصية المصرية وما طرأ عليها من تغيرات سلبية كانت أو إيجابية كان حديثا صعبا وتحيطه التجاذبات المفخخة من كل الاتجاهات، فعلى سبيل المثال إذا وقف أحد الباحثين وعدَّد السمات الإيجابية للمصريين كالوسطية والاستقرار وخفة الظل والتدين والتحضر، يمكن ان تجد أحد الباحثين ينبرى منتقدا كل هذه الخصال ويقول العكس هو الصحيح تماما ويتهم الباحث الأول بأنه يطرح اكاذيب مريحة على أسماع الناس بقصد نفاقهم أو تخديرهم، وإذا كتب أحد المفكرين عن سلبيات ظهرت على الشخصية المسربة مثل الفهلوة والتدين الظاهرى والنفاق والكسل والميل إلى الاستهلاك والاتكالية والانا مالية «أنا مالي» والماليشية «مليش دعوة» هنا يصاب البعض بانزعاج شديد ويتهمون هذا الباحث بإشاعة جو من الإحباط بل ويمكن اتهامه بالعبث بمفاصل الامن القومي، لذلك كانت دراسة القوات المسلحة عن الشخصية المصرية مهمة للغاية لأنها اعتمدت على الأسلوب العلمى المجرد واهتمت بمحاور واقعية ولم تسبح الدراسة ومعدوها فى مياه راكدة بافكار محنطة بل كانت حركتهم تناسب حركات المجتمع وتطوره وكذلك الشخصية المصرية وما طرأ عليها، الدراسة التى أعدتها ادارة العامل النفسى كانت تبحث عن استراتيجية واضحة متفق عليها لتطوير الشخصية المصرية، لكن – وكما أوضحت الدراسة – ان هذا التطوير المستهدف لن يتحقق ما لم يكن لدينا تشريح واضح وأشعة تشخيصية ومقطعية للشخصية المصرية دون تدخل، الدراسة كانت تبحث عن صورة من ارض الواقع حتى يمكننا البناء عليها ووصف العلاج والعمل على تنفيذه بشكل جماعى وشامل، خلاصة البحث نبهتنا إلى ما اعترى مجتمعنا من تغيرات سلبية، ارى ان معظمها ترتبط ارتباطاً وثيقاً «بالاحتباس الثقافي» الذى اصابنا، فثقافة الاستهلاك المفرط تحت مزاعم الكرم وثقافة الإنجاب شديد الإفراط تحت مظلة العزوة وثقافة التواكل المميت تحت فكرة التدين وثقافة الجمود ومقاومة التحديث تحت مظلة الاستقرار والمحافظة، هذه القضايا والثقافات هى ما إصابات الشخصية المصرية فى مقتل وكادت تلك الشخصية ان تذوب وسط هذا الكم الهائل من المحاولات الخارجية التى تستهدف الشخصية المصرية والتى بدأت بمحاولة تشويه اللغة العربية التى تعد الوعاء الوحيد للهوية وكذلك محاولة تغيير الأنماط الاستهلاكية لتكون أكثر افراطا والابتعاد عن ثقافات الابتكار والتغيير والإنتاج والإنجاز والادخار والمبادئة والخيال، الموضوع شديد الأهمية والبحث الذى قدم يعد خطوة على طريق طويل حيث يجب ان يفكر الجميع فى هذا الأمر فيضيف ويحذف ويقترح رؤى وآراء وصولا إلى خارطة طريق لإعادة صياغة الشخصية المصرية وفقا لهذه المتغيرات والمستجدات.