نظمت مفوضية الاتحاد الأفريقي، بالتعاون مع جمهورية توجو، حدثًا جانبيًا رفيع المستوى على هامش الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، تحت عنوان: “بعد 80 عامًا على تأسيس الأمم المتحدة: تسريع أجندة الإصلاح وتعزيز الزخم نحو العدالة والتعويضات“.
جمع الحدث وزراء خارجية كل من أنجولا (بصفتها رئيس الدورة الحالية للاتحاد)، وغانا (بصفتها تتولى ريادة ملف التعويضات)، وتوجو (بصفتها تستضيف المؤتمر الأفريقي الجامع التاسع)، بالإضافة إلى رئاسة مفوضية الاتحاد الأفريقي، وممثلين عن الأمم المتحدة والمجتمع المدني والشتات الأفريقي. وهدف اللقاء إلى مناقشة الإصلاحات المطلوبة داخل منظومة الأمم المتحدة لدعم التنمية العادلة وتحقيق العدالة لأفريقيا وشعوبها.
تأكيد على غياب أفريقيا لحظة التأسيس
أبرز رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، محمود علي يوسف، في كلمته أن تنظيم هذا الحدث التاريخي يجسد روح الوحدة الأفريقية والإرادة السياسية للمضي قدمًا في جدول إصلاح منظومة الأمم المتحدة ودعم قضايا العدالة والتعويضات.
وأشار إلى أن لحظة تأسيس النظام الدولي عام 1945 كانت معظم دول القارة تخضع للاستعمار، مؤكدًا أن هذا الغياب التاريخي هو ما أوجد التحديات الحالية المتعلقة بعدم المساواة في المؤسسات الدولية. وأضاف رئيس المفوضية أن معالجة جراح الماضي لا تقتصر على الاعتراف التاريخي، بل تتطلب إعادة الاعتبار للأفارقة وأبناء الشتات عبر برامج إصلاحية جريئة. تشمل هذه البرامج تعزيز التمثيل والتأثير الأفريقي في المنظومة الأممية، وضمان حصول القارة على حقوقها في التنمية والحوكمة العالمية. وأكد أن العدالة التصحيحية تتطلب شراكات استراتيجية واستثمارات هادفة في مجالات التعليم والصحة والبنية التحتية والابتكار العلمي والتقني، ولا تكتفي بالتعويضات الرمزية.
المطالبة بهيكلة مجلس الأمن وآليات التمويل
أكد وزراء خارجية توجو وغانا وأنجولا على الحاجة الماسة لوضع خطة عمل واضحة تشمل الإجراءات العملية لتعديل هيكل مجلس الأمن وتفعيل آليات الحوكمة لضمان تمثيل عادل لمصالح الدول الأفريقية. كما شددوا على ضرورة تطوير أدوات التمويل الخاصة بتحقيق التعويضات، مع إشراك كافة الأطراف لتعزيز المساءلة وتحقيق النتائج المرجوة.
ووصف الوزراء هذا الحدث بأنه يمثل خطوة مهمة في مسيرة الاتحاد الأفريقي نحو توفير مساحة عالمية أكثر عدالة لدوله وشعوبه، ويأتي ضمن جهود متواصلة للمطالبة بإصلاحات عادلة داخل الأمم المتحدة وتعزيز حقوق الشعوب الأفريقية في التنمية والكرامة.
ملف التعويضات والجهود المصرية
من جانبه، قدم السفير عمرو الجويلي، مدير إدارة أفارقة الشتات والمواطنين بمفوضية الاتحاد الأفريقي، عرضًا تفصيليًا لمقررات القمتين الأفريقيتين في 2024 و2025، اللتين أطلقتا مسيرة موضوع العام: “العدالة للأفارقة وللمنحدرين من أصول أفريقية من خلال التعويضات“. وأبرز العرض القضايا الشاملة التي حددتها القمتان، بما يشمل الأبعاد السياسية والمعنوية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية. كما لفت الانتباه إلى الآليات التي تم إنشاؤها لدعم جهود رئيس غانا (رائد ملف التعويضات)، والتي تتمثل في لجنة خبراء التعويضات، والمجموعة المرجعية للخبراء القانونيين، وإنشاء صندوق دولي للتعويضات.
وتضمن البرنامج عدة جلسات ومنتديات حوارية تركزت على أهمية الإصلاح المؤسسي داخل الأمم المتحدة لتحقيق مبدأ العدالة التصحيحية والتعويضات عن الظلم التاريخي الذي عانت منه القارة الأفريقية بسبب الاستعمار وتجارة الرق عبر الأطلنطي، فضلًا عن الدور المحوري للشتات والمجتمع المدني في دعم جهود الإصلاح والمساءلة.
حرصت النائبة أميرة صابر، عضو مجلس الشيوخ، على إبراز إسهام القاهرة في دعم حركات التحرر من خلال الجمعية الأفريقية بحي الزمالك، ودور مصر الرائد في تأسيس كل من منظمة الوحدة الأفريقية عام 1963 ومن بعدها الاتحاد الأفريقي في بداية الألفينات.
دعوة للالتزام وتفعيل التوصيات
في كلمتها الختامية، أكدت السفيرة سلمى مليكة حدادي، نائبة رئيس المفوضية، أهمية النقاشات الصريحة والشراكات الواسعة التي ميزت الحدث، معتبرة أن روح التضامن الأفريقي تعزز فعالية الزخم نحو إصلاح منظومة الأمم المتحدة وإرساء قاعدة راسخة للعدالة التصحيحية.
وشددت على المكانة المحورية للمجتمع المدني والشتات الأفريقي في المتابعة والمساءلة، مطالبة الدول الأعضاء بالبقاء ملتزمين بالجهود الجماعية حتى تحقيق الإصلاحات المنشودة. كما سلّطت السفيرة حدادي الضوء على أهمية تضمين توصيات الحدث رفيع المستوى ضمن الخطط العملية وخارطة الطريق للعام القادم، خاصةً مع اقتراب انعقاد المؤتمر الأفريقي الجامع التاسع في لومي عام 2025. ودعت إلى تحويل تلك التوصيات إلى أولويات تنفيذية تشمل تعزيز الشفافية، ودعم الحوار الشامل، وتحفيز جهود المتابعة والتقييم المشترك.






